الحريري يلتقي بومبيو: نحاول تجنيب لبنان أيّ تبعات للعقوبات
أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أنه سمع من الإدارة الأميركية «كلّ الدعم للجيش اللبناني»، مشيراً إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو جدّد خلال اللقاء الذي جمعه به «دعم بلاده للبنان سياسياً واقتصادياً، من خلال مؤتمر سيدر والمؤسسات الدولية وتطبيق الإصلاحات التي تعهّدنا بها»، كما أكد «حرص الولايات المتحدة على مواصلة العمل على حلّ مسألة تحديد الحدود البرية والبحرية»، ومشدّداً على أنّ «المساعدات الأميركية للجيش اللبناني مستمرة، وهذا أمر محسوم، ونحن اليوم في إطار التفاوض بشأن مساعدات مالية واقتصادية».
كلام الرئيس الحريري جاء خلال دردشة أجراها مع المراسلين العرب المعتمدين في واشنطن، عقب لقائه وزير الخارجية الأميركي، واصفاً علاقة لبنان مع الولايات المتحدة «بالمهمّة جداً، خاصة على صعيد المساعدات التي تقدّمها، إنْ كان للنازحين أو للجيش اللبناني والقوى الأمنية». وقال: «نحن نسعى أيضاً لتطوير هذه العلاقة على أساس أن تكون هناك استثمارات من قبل شركات أميركية في لبنان، سواء في مجال النفط والغاز أو الكهرباء أو غيرها، كما أننا نعمل بشكل كبير وفعلي على صعيد الحدود البرية والبحرية، لكي نبدأ على الأقلّ بالمفاوضات بشكل مريح لنا. هم لديهم ملاحظات على لبنان، يعرفها الجميع، وهي متعلقة بحزب الله، وهذا أمر نتوقعه ونعرفه، وهناك دائماً عقوبات تهدّد لبنان، لكن واجبي كرئيس حكومة أن أجنّب لبنان كدولة هذه العقوبات وأن أجنّب الاقتصاد اللبناني أيّ تأثير لها. ومن هذا المنطلق، نحرص على التواصل المستمرّ مع الإدارة الأميركية».
وعن العقوبات الأميركية على «حزب الله»، قال الحريري: «نحن لا يمكننا أن نغيّر وجهة نظر الإدارة الأميركية في ما خصّ هذه العقوبات، لكن ما نحاول القيام به هو تجنيب لبنان أيّ تبعات في هذا الخصوص».
وأضاف: «في ما يخصّ هذه العقوبات، فإنها في رأيي لا تفيد بشيء، لكنهم بالتأكيد سيتشدّدون في كلّ ما يتعلق بإيران ومن يساعدها ويتواصل معها، وقد شرحنا لهم وجهة نظرنا بضرورة تجنيب لبنان تبعات هذه العقوبات، وأعتقد أنّ رسالتنا وصلت بشكل جيد».
وعما إذا كانت العقوبات ستطال مصارف أو مؤسسات مالية لبنانية، قال: «الجميع يعلم أنّ الأميركيين يصدرون فجأة لوائح العقوبات الخاصة بهم دون أيّ تبليغ مسبق للدولة اللبنانية. ربما تكون هناك تساؤلات عدة عن مؤسسة أو أخرى، لكني متأكد من أنه ليس هناك أيّ شيء ملموس حتى الآن».
وعن موقف الإدارة الأميركية من أداء الحكومة اللبنانية، لا سيما ما يتعلق بموقفها من موضوع مصانع الصواريخ الخاصة بـ»حزب الله»، قال: «هناك نقاش نقوم به مع الإدارة الأميركية، ونحاول إيجاد أفضل الطرق لعدم وضع لبنان في موقع خطر. كما أنه ليس دورنا أن نكون بوليس لدى الإسرائيليين. فإذا نظرنا إلى القرار 1701 نجد أنه إذا حصل خرق من قبل لبنان أو في مكان ما، فإنّ الجانب الإسرائيلي يخرق الأجواء اللبنانية في المقابل مئات المرات في اليوم. لا بدّ من أن يكون هناك نوع من حالة توازن في هذا الموضوع. من جهة أخرى، نحن نعمل بجدّ في لبنان، وبحسب القرار 1701، للانتقال من وقف للأعمال العدائية إلى وقف لإطلاق النار. ولحصول ذلك، لا بدّ من تطبيق عدد من البنود، جزء منها متعلق بنا، والجزء الآخر متعلق بهم. وحتى الآن لا نرى تطبيقاً من قبلهم، لكن الأهمّ هو أنّ الأساس بالنسبة إليّ هو أن نصل في مكان ما إلى بداية مفاوضات بشأن الحدود البحرية، خاصة أنّ الأمر مهمّ جداً بالنسبة إلى لبنان على الصعيد الاقتصادي في ما يتعلق بالغاز والنفط. هذا الموضوع حيويّ ومهم لنا، وربما لهم أيضاً».
ورداً على سؤال بشأن تحديده شهر أيلول موعداً في هذا الإطار، قال: «نقوم بمباحثات جدية، وحتى أن الرئيس نبيه بري قال قبل أسبوعين إننا وصلنا إلى النهاية. الآن نحن ننتهي من بعض الأمور، وإن شاء الله يجب أن نتخذ قراراً في هذا الإطار».
وقال: «بحسب معلوماتنا من خلال الأميركيين، فإنّ الإسرائيليين مستعدون للدخول في المفاوضات ويرغبون في إنهاء هذا الملف، لأنه مهمّ اقتصادياً بالنسبة إليهم، وهو بالنسبة إلينا أهم».
وعما إذا كان قد سمع أيّ انتقاد لموقف الجيش اللبناني في الجنوب، قال الرئيس الحريري: «على العكس سمعت كلّ الدعم للجيش اللبناني، حتى أنّ تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو واضح. فالجميع يعرف نظرة الأميركيين لحزب الله، لكنه أكد من جهة أخرى دعم بلاده للبنان سياسياً واقتصادياً من خلال مؤتمر سيدر ومن خلال المؤسسات الدولية ولتطبيق الإصلاحات التي تعهّدنا بها، كما أكد حرص الولايات المتحدة على مواصلة العمل على حلّ مسألة تحديد الحدود البرية والبحرية. والمساعدات الأميركية للجيش مستمرة، وهو أمر محسوم، ونحن اليوم في إطار التفاوض بشأن مساعدات مالية واقتصادية».
وعما إذا كان قد سمع أيّ كلام أميركي خلال زيارته بشأن صفقة القرن، قال الرئيس الحريري: «في الأساس، موقفنا معروف من صفقة القرن، فلبنان لم يذهب إلى البحرين، وهو لديه حساسية مفرطة في هذا الموضوع، خاصة أنّ دستورنا يمنع التوطين، كما أنّ لدينا مشكلة ديموغرافية حقيقية في هذا الموضوع. من هنا، فإنّ مقاربتنا لهذه المسألة هي الرفض المطلق».
أما عن رسالة الأمين العام لحزب الله إلى وزير الخارجية الإيراني، وما إذا كانت رسالة مبطنة ضدّه خلال وجوده في الولايات المتحدة، فقال الرئيس الحريري: «أنا لم أقرأها على أنني مستهدف من خلالها بسبب تواجدي في الولايات المتحدة، لكن دعم حزب الله لإيران واضح وليس أمراً مخفياً، كما أنّ صداقتنا مع أميركا ودول الخليج وكلّ العالم واضحة ولا نخفيها. نحن نرى أنّ هذه العلاقة تساعد لبنان وتدعمه، فيما هم يرونها بشكل معاكس. ونحن متفقون على أننا في الشأن الإقليمي لن نتوافق، فلحزب الله موقفه الإقليمي، وهم في المقابل يعرفون موقفي الإقليمي».
وسئل عن الكلام بشأن تهديد أمني لشخصيات معارضة لـ»حزب الله»، لا سيما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فقال الرئيس الحريري: «من يمسّ بوليد جنبلاط يمسّ بي شخصياً وبالرئيس بري، هذا أمر أثبتناه في ما يخصّ ما حصل بحادثة قبرشمون، ليس من منطلق أننا لا نريد محاكمة من ارتكب هذه الجريمة، بل على العكس نحن نريد محاكمة المرتكب. أما إذا كان هناك استهداف سياسي لوليد جنبلاط، فإنّ لديه حلفاء، كالرئيس بري والقوات اللبنانية وأنا وغيرنا. لكني لا أعتقد أنّ وليد جنبلاط مستهدف، ومن يظنّ ذلك يكون يريد ان يأخذ البلد إلى حرب أهلية».
وعن علاقة لبنان الحالية مع دول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، قال: «نحن اليوم نعمل مع المملكة من أجل إنجاز نحو 23 اتفاقية اقتصادية مشتركة، والعمل جار على الصعيد نفسه مع الإمارات، وسنعرض عليهم المشاريع التي لدينا في سيدر لأنهم يرغبون بالمساهمة والاستثمار. وعليه، فإنّ العلاقة بيننا عادت إلى ما كانت عليه وربما أفضل، وهناك تواصل دائم مع المملكة العربية السعودية والخليج ككل بالأمور الأساسية».
وكان الحريري أجرى محادثات مع بومبيو في مقرّ وزارة الخارجية الأميركية، بحضور الوزير السابق غطاس خوري ومساعد الوزير بومبيو لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ووكيل الوزارة للشؤون السياسية ديفيد هيل. وتناولت المحادثات آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال بومبيو من جهته «أكدنا التزام أميركا بمستقبل مشرق للشعب اللبناني، ونحن نستمرّ في دعم المؤسسات اللبنانية التي تتمتع بمصداقية داخل لبنان، وهي ضرورية للمحافظة على استقرار وأمن وسيادة لبنان، ولتوفير كلّ احتياجات الشعب اللبناني. وهي ضرورية أيضاً لردّ فعّال على التحديات السياسية والإنسانية والاقتصادية الموجودة في لبنان. ونحن نقدر الالتزام الشجاع لرئيس الحكومة لتحمّل كامل المسؤولية في الدفاع عن لبنان وبالقيام بالإصلاحات الضرورية التي ستفتح المجال لتعزيز الاقتصاد اللبناني، ونشكره على ذلك أيضاً.
كما نرحّب أيضاً بالالتزام الذي قدّمه لبنان لتوفير المساعدة باستضافة أكثر من مليون شخص من النازحين من سورية، ونتطلع لمزيد من التقدّم في شراكتنا. كما أننا ممتنّون أيضاً لتصريح رئيس الوزراء في ما يتعلق بالالتزام بمتابعة النقاط المتبقية والمتعلقة بالخط الأزرق والحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية، ونحن مستعدون للمشاركة كمسهّلين ووسطاء أيضاً، ونأمل أن نرى أيضاً نتائج حسية لهذه المناقشات، وهو ما سيكون ذا فائدة كبيرة للبنان وللمنطقة ككلّ.