ثلاث نتائج هامة للردّ تتوّج انتصارات محور المقاومة
حسن حردان
في سياق الحديث عن النتائج التي أسفر عنها ردّ المقاومة القوي على العدوان الصهيوني.. قبل وبعد تنفيذ العملية ضدّ آلية عسكرية لجيش العدو في داخل فلسطين المحتلة يمكن تسجيل ثلاث نتائج مهمة لها أبعاد ودلالات غاية في الأهمية في معركة قوى ومحور المقاومة ضدّ العدو الصهيوني الغاصب والمحتلّ لأرض فلسطين العربية منذ عام 1948. وهذه النتائج هي الآتية:
النتيجة الأولى.. تحرّر المقاومة من الاعتبارات التي كانت تجعلها مضطرة مؤقتاً بعد التحرير عام 2000.. الى تركيز عملياتها وردودها على الاعتداءات الصهيونية في المناطق اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وقرية الغجر.. فمنذ انتصار المقاومة في 25 أيار من عام 2000 بإلحاقها الهزيمة المذلة بجيش الاحتلال الصهيوني وإرغامه لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني على الانسحاب من الأرض اللبنانية في الجنوب والبقاع الغربي بلا قيد ولا شرط او ايّ اتفاق.. لم تنفذ المقاومة ايّ عمليات هجومية داخل الارض الفلسطينية المحتلة… بسبب وجود أطراف لبنانية تعتبر ذلك توريطاً للبنان في حرب مع الكيان الصهيوني… في حين لم تخجل هذه الأطراف.. بعد التحرير… من القيام بحملة تعتبر مزارع شبعا مشمولة بالقرار الدولي 242 وهي بنظرها لا تستأهل إبقاء لبنان في صراع مع الكيان الصهيوني.. ولهذا لم يعد برأي هذا الأطراف من مبرّر لبقاء المقاومة وسلاحها خارج سيطرة الدولة.. وطبعاً هذه الأطراف لا تقيم وزناً للسيادة والاستقلال الوطني الذي يبقى منقوصاً طالما هناك جزء من الأرض محتلّ، فكيف إذا كان هذا الاحتلال يهدّد بالخطر وجود لبنان ولديه أطماع في أرضه وثرواته، وأنّ هذا الخطر إنما هو نتاج احتلال فلسطين وتشريد أبنائها العرب الفلسطينيين… وقد انكشف دور هذه الأطراف في الانخراط في المشروع الأميركي ضدّ المقاومة والمطالبة بنزع سلاحها اثر صدور القرار الدولي المشؤوم 1559 والعمل على إثارة الفتنة والتحريض ضدّ المقاومة قبل وخلال وبعد حرب تموز عام 2006…
من هنا كانت المقاومة مضطرة لأن تأخذ كلّ ذلك في الحسبان وتعمل على قطع الطريق على هذه القوى وإحباط مخطط الفتنة، وانتظار الظروف المؤاتية التي تمكن المقاومة من إعادة الصراع مع العدو الصهيوني إلى جذوره الأصلية وهي احتلال الصهاينة أرض فلسطين.. فهذا الاحتلال هو السبب الأساس الذي كان ولا زال وراء استمرار تهديد أمن واستقرار لبنان بفعل الاعتداءات الصهيونية عليه منذ احتلال فلسطين عام ١٩٤٨ حيث احتلّ إلى جانب الأرض الفلسطينية أجزاء من الأرض اللبنانية.. ومن ثم قصف مطار بيروت عام 1968 ولم يكن حينها بعد وجود لمقاومة فلسطينية في لبنان.. وعندما انسحبت قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت في أعقاب الغزو الصهيوني للبنان لم تنسحب قوات الاحتلال من معظم لبنان الا تحت وقع ضربات المقاومة التي استنزفت جيش الاحتلال.. من هنا فإنّ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قدّم خدمة للمقاومة عندما أقدم على تنفيذ عدوانه الفاشل على الضاحية الجنوبية بالتزامن مع عدوانه على شباب المقاومة في جنوب دمشق.. فهو وفر الظروف المؤاتية التي تتيح للمقاومة العودة الى ضرب العدو في قلب فلسطين المحتلة وليس فقط في المناطق اللبنانية المحتلة..
النتيجة الثانية: توحيد لبنان خلف المقاومة في صورة غير مسبوقة.. حيث التقى الموقف الرسمي والحزبي والشعبي مع قرار قيادة المقاومة في الردّ على العدوان وحق لبنان في الدفاع عن نفسه في مواجهة العدو الذي اعتدى على لبنان خارقاً لأول مرة على هذا النحو القرار 1701… وأدّى هذا الموقف الوطني الواسع إلى توجيه صفعة لأهداف نتنياهو من وراء العدوان وهي محاولة الانقلاب على قواعد الاشتباك وفرض قواعد جديدة تتيح له العودة إلى استباحة لبنان بالاعتداء عليه متى شاء وإثارة الفتنة في وجه المقاومة انْ حاولت الردّ على العدوان.. وصولاً إلى فرض شروطه على لبنان لناحية ترسيم الحدود البحرية والبرية مع فلسطين المحتلة..
كما أنّ هذا الموقف الوطني أدّى إلى جعل القوى المعادية للمقاومة والمتناغمة مع أهداف نتنياهو في حالة من العزلة قلّ نظيرها.. على انّ هذه النتيجة شكلت ضربة قاصمة لكلّ المخططات التي استهدفت عزل المقاومة على المستوى الشعبي والرسمي اللبناني.. وقد أدّى ردّ المقاومة.. والذي أظهر ضعف العدو وهشاشة وجبن جيشه.. أن الكيان الصهيوني فعلياً هو أوهن من بيت العنكبوت.. كما قال سماحة السيد حسن نصرالله في خطاب الاحتفال بعيد التحرير عام 2000 في بنت جبيل.. وهو ما انعكس بتأييد شعبي واسع في لبنان حيث شعر اللبنانيون بفخر واعتزاز بقوة المقاومة وقدرتها على لجم وردع العدوانية الصهيونية وحماية لبنان وتحقيق العزة والكرامة..
النتيجة الثالثة: استنهاض الجمهور العربي الذي استهدف.. اميركياً وصهيونياً ورجعياً.. بعد انتصار المقاومة عام 2000 وعام 2006.. لأنه احتفل بهذه الانتصارات ورأى في المقاومة نموذجاً ومثالاً على إمكانية هزيمة جيش العدو الصهيوني الذي كان يصوّر انه قوة لا تقهر.. مما حرّر المواطن العربي من واقع الهزيمة والإحباط واليائس من تحقيق النصر ورأى في قائد المقاومة السيد حسن نصرالله صورة القائد الثوري التحرري.. فبعد سنوات من الحملة التي استهدفت تشويه صورة هذا القائد وسمعة المقاومة لدى هذا الجمهور العربي والتي انخرطت فيها وسائل إعلامية عربية مأجورة لغسل عقول الجماهير وإثارة الفتنة المذهبية ضدّ المقاومة وعزلها عن عمقها العربي والإسلامي.. وبعد الحروب الإرهابية التكفيرية التي جاءت لتكمل هذه الحملة بمحاولة ضرب سورية عمود محور المقاومة وقلعتها.. وبعد انتصارات محور المقاومة على هذه الحرب الإرهابية التكفيرية التي وقفت وراءها واشنطن وتل أبيب.. جاءت عملية المقاومة في شمال فلسطين المحتلة رداً على العدوان الصهيوني على ضاحية بيروت الجنوبية لتحدث زلزالاً جديداً في وعي الشارع العربي وتستنهضه من جديد وتعيد له بريق وصور انتصارات المقاومة الناصعة التي حطمت وتحطم أسطورة القوة الصهيونية وتذلّ جيش الاحتلال وتضع حدا لعدوانه وعربدته.. لا سيما أنّ ذلك يأتي بعد أن ادرك الجمهور العربي الدور الصهيوني الأميركي في الوقوف وراء ما يحصل له من حروب إرهابية هدفت إلى الإمعان في تمزيق وتفتيت الأمة وتحطيم أحلامها وآمالها وتطلعاتها في التحرّر من الاحتلال الصهيوني والاستعمار الغربي..
من هنا فإنّ هذه النتائج الهامة لردّ المقاومة على العدوان إنما تتوّج انتصارات محور المقاومة.. وتؤكد أنّ الحروب الاميركية الصهيونية للنيل منها ومن محورها باءت بالفشل الذريع، وأنّ المقاومة أصبحت أكثر قدرة وقوة وكفاءة في مواجهة العدو الصهيوني.. وهي تستند الآن إلى جبهة للمقاومة، أكثر اتساعاً وتماسكاً وقوة تحاصر الكيان الصهيوني، ممتدة من لبنان الى سورية وقطاع غزة مروراً بالعراق واليمن وصولاً إلى ايران الثورة…
كاتب واعلامي