تقرير إخباري انتخابات مصيريّة ونتنياهو على المحك..
تشير استطلاعات الرأي إلى عدم وجود منتصر واضح في الانتخابات الإسرائيلية قادرعلى تشكيل ائتلاف حاكم. نتيجة التقارب الكبير بين الليكود برئاسة نتنياهو، و أزرق أبيض ، برئاسة بيني غانتز. إذ يحتاج الليكود لتأمين 61 مقعداً في الكنيست حتى يتمكن من تشكيل الحكومة. الأمر الذي يرجح بقوة العودة إلى الطريق المسدودة نفسها، وعدم تشكيل حكومة. فإذا ما جاءت نتائج الانتخابات مطابقة للاستطلاعات فلن يتمكن أي من الحزبين من تشكيل ائتلاف حاكم قائم على أسس إيديولوجية..
وبالتالي يسعى نتنياهو جاهداً إلى خلق الحجج وطرح مشاريع القوانين التي ربما تنقذه من المأزق الداخلي مع زيادة حدة المنافسة ضدّه..
قانون الكاميرات..
فشل أمس، مشروع قانون إدخال كاميرات إلى مراكز الاقتراع من الحصول على الأغلبية في لجنة التنظيم في الكنيست، ما يمنع من تقدم الاقتراح الذي قدمه حزب «الليكود» في العملية التشريعية ليصبح قانوناً قبل الانتخابات في 17 أيلول.
ويسعى ما يُسمى بـ مشروع قانون كاميرات الأمن إلى السماح لممثلي الليكود وأحزاب أخرى بإدخال كاميرات إلى مراكز الاقتراع، على الرغم من معارضة المستشار القضائي للحكومة ولجنة الانتخابات المركزية والمستشار القانوني للكنيست لمشروع القانون.
وصوّت 12 عضو كنيست لصالح الاقتراح المثير للجدل، مقابل معارضة 12 نائباً، مع تصويت أعضاء حزب يسرائي بيتنو ضدّ الاقتراح، وهو ما أدى إلى فشل مشروع القانون ومنع طرحه للتصويت عليه في قراءة أولى في الهيئة العامة للكنيست.
ووصف رئيس حزب يسرائيل بيتنو ، أفيغدور ليبرمان، التشريع السابق الذكر بأنه محاولة لسرقة الانتخابات في 17 أيلول ، معتبراً أنّ «هذا النوع من المراقبة ليس سوى محاولة للتدخل في العملية الانتخابية والتلاعب بالنتائج».
فيما وصف إيال ينون المستشار القانوني للكنيست أول أمس، مشروع القانون بأنه «غير دستوري». وقال في رأي قانوني تمّ تقديمه للمشرّعين بأن «مشروع قانون الكاميرات سيمنح حزب الليكود أفضلية غير منصفة».
ويُعدّ مشروع «قانون الكاميرات»، إحدى ركائز نتنياهو للإدعاء بتزوير الانتخابات. ولذلك جاء تحذير رئيس حزب «أزرق – أبيض»، بيني غانتس، المنافس الأبرز لنتنياهو، في تغريدة عبر «تويتر» أول أمس، من أن مشروع «قانون الكاميرات» هو «مسعى من نتنياهو للمسّ بشرعية نتائج الانتخابات، وتمهيد لنشر حالة فوضى خلال الانتخابات وبعدها»، متعهداً بـ»محاربة مشروع القانون لحماية مصداقية الانتخابات».
وفي السياق نفسه، نقلت «معاريف» عن المستشار القضائي للحكومة، أفيخاي مندلبليت، قوله: «أرفض مشروع القانون لأنه يمسّ بخصوصية الناخبين وبنزاهة الانتخابات»، منوّهاً إلى أنه «سيبلغ المحكمة العليا، في حال الطعن في القانون، بمعارضته له».
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فأضافت السبت، سبباً آخر لسعي نتنياهو إلى سنّ «قانون الكاميرات» وهو «خلق حالة خوف لدى الناخبين العرب لخفض نسبة التصويت لديهم، بهدف خفض تمثيلهم بالكنيست، ما قد ينعكس لصالح اليمين».
وقال العضو العربي بالكنيست، أحمد الطيبي، للصحيفة
إن نتنياهو يسعى إلى إيجاد حالة اندفاع لدى أنصار الليكود للتصويت بكثافة بزعم أن العرب يسرقون الانتخابات فهو يشعر بأنه سيخسرها .
حالة فوضى..
فيما يواجه نتنياهو لائحة اتهام بالرشوة والخداع وخيانة الأمانة ويخشى محاكمته إذا خسر، وبالتالي سيقوم بـ»الإعداد لحالة فوضى» عبر رفض النتائج وتحريض أنصاره على الاحتجاج لإعادة الانتخابات إن خسرها..
وحذّرت صحيفة «معاريف»، أول أمس، من «رفض نتنياهو، في حالة خسارته الانتخابات، الاعتراف بالنتائج، عبر الإدعاء بتزويرها، ثم تحريض أنصاره على الاحتجاج في الشوارع، للمطالبة بإعادتها»، مشيرة إلى أنّ «نتنياهو قد يحرق إسرائيل على سكانها ليحتفظ برئاسة الوزراء».
معركة مصيرية..
وباعتبار الانتخابات معركة مصيرية على المستويين الشخصي والسياسي، قد تدفع نتنياهو إلى سلوك عنيف سياسياً أو على أرض الواقع، أو عبر رفض النتائج..
شخصياً، يواجه نتنياهو لائحة اتهام بالرشوة والخداع وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا سيُشرع بمحاكمته فيها بعد جلسة استماع أولى مقررة بداية تشرين الأول المقبل. فيما يأمل في حال فوزه، بسن تشريع يحول دون محاكمته.
أما سياسياً، فخسارته الانتخابات تعني القضاء على مستقبله، لاقتناعه بوجود مَن يسعى للتخلص منه كزعيم لـ»الليكود» يمين ، من داخل الحزب نفسه.
وربما يحرّك أنصاره لافتعال أعمال عنف خلال الانتخابات، لشطب نتائج مراكز معينة يتقدّم عليه فيها منافسوه عادة، أو قد يخرج أنصاره في مظاهرات ضخمة إذا خسر الانتخابات للمطالبة بإعادتها.
وفي هذا الصّدد، قال ليبرمان في مقابلة لـ»القناة 12 الإسرائيلية» إن «مصادر في الليكود حذرته من إمكانية أن يفتعل أنصار نتنياهو أعمال عنف في مراكز الاقتراع بالمناطق التي يحصل فيها حزبه على نسبة عالية من الأصوات وسيكون هدفها إلغاء نتائج التصويت في تلك المراكز».
سيناريوات محتملة..
وفي حال عدم تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، أو فشله في تشكيلها، فهناك سيناريوهات مرجّحة: الأول إعلانه حالة طوارئ مع أو من دون حرب، بهدف الهروب من المحاكمة في القضايا الجنائية التي يواجهها، وما يمكّنه من ذلك كونه وزيراً للدفاع ورئيساً للوزراء. وإذا ما فرض نتنياهو حالة الطوارئ قبل الانتخابات فقد يعطيه هذا حق تأجيلها.
وبذلك تصبح أنظمة الدفاع في حالات الطوارئ ، التي سنتها سلطات الاحتلال البريطانيّة عام 1945، سارية في «إسرائيل» بالتوازي مع القانون المدني في الكنيست، وهو ما يترتب عليه عملياً فرض الحكم العسكري.. وينص البند 39 من هذا القانون في الفقرة «ب» على إمكانية «تغيير أي قانون أو إلغاء مفعوله مؤقتاً أو تضمينه شروطاً، فضلاً عن فرض ضرائب جديدة أو زيادة ضرائب قائمة، إلا إذا نص قانون آخر على خلاف ذلك».
وهذا السيناريو يعني منح نتنياهو صلاحيات شبه مطلقة للحكم.
أما السيناريو الثاني، فهو شبيه بالمظاهرات التي جندها اليمين عام 1995 ضدّ اتفاق أوسلو للسلام مع الفلسطينيين لنزع الشرعية عنه، والتي أدت إلى اغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين، في تشرين الأول من العام ذاته.. أي قيام نتنياهو بتحريك مظاهرات يسعى خلالها إلى نزع الشرعية عن منافسه الفائز في الانتخابات بالطريقة ذاتها، عبر الادعاء بتزويرها.. ولضمان تحقيق هدفه، قد يلجأ إلى السيناريوين معاً.