التخبّط العام الذي تعيشه «إسرائيل» …
ليليان العنان
أتى اليوم الذي بات العرب يشاهدون فيه «إسرائيل» وهي تعيش حالة من الضغط والانكسار وعلى مرأى العالم أجمع، إذ أصبح يصنف هذا الجيش الذي لا يقهر «بجيش الدمى»، وذلك بعد الصور التي إنتشرت عبر الإعلام لآلية عسكرية إسرائيلية تحوي بداخلها دمى بلاستيكية لتمويه حزب الله على أنهم جنود إسرائيليون قبيل ردّ المقاومة الأول على عملية استشهاد عنصرين للحزب في سورية .
ومنذ ذلك التاريخ وما سبقه من تطورات سياسية وعسكرية على الساحة السورية وتحديداً مع بدء الجيش السوري عملية تطهير أرياف إدلب من الجماعات الإرهابية وسيطرة الجيش السوري على خان شيخون الاستراتيجية بريف إدلب الجنوبي وبعض القرى الواقعة في ريف حماة الشمالي وسط حث أنقرة على إقامة منطقة آمنة في شمال غرب سورية من جهة ومواجهة الجيش السوري للأرتال العسكرية التركية التي تقتحم الاراضي السورية بإتجاه معرة النعمان وسراقب لمساندة جبهة النصرة، ما يظهر التغييرات الإيجابية التي تشهدها سورية على الوضعين السياسي والعسكري النابعة من ارادة الشعب السوري وعزم وقوة الجيش السوري وقوى المقاومة التي تساند سورية في حربها ضدّ الجماعات الإرهابية وفي استعادتها للمناطق التي تشكل تصوّراً استراتيجياً مهماً على الساحة السورية.
هذا كله يشكل ضغطاً على «إسرائيل» التي تشاهد هزيمتها بيدها مع كل خسارة تتكبّدها الجماعات الإرهابية، والذي يحضها على شن اعتداء إما على سورية وإما على المقاومة وأخيراً على الحدود السورية – العراقية عند البوكمال لتوتير الأوضاع على الحدود اللبنانية السورية – الفلسطينية المشتركة ظناً منها أن ذلك يشكل دعماً للإرهابيين للوقوف من جديد وإتمام المشروع الصهيو – أميركي .
عدا عن التخبط السياسي داخل الكيان الصهيوني والترقب الذي ينتظره نتنياهو استعداداً للانتخابات الداخلية في 15 أيلول وقضايا الفساد التي تحيط به من جهة وتضعه في موقف محرج، ومن جهة ثانية قوة حزب الله في التعامل مع الاعتداءات في حين تعتيم الحكومة الإسرائيلية عن حجم الأضرار المحققة بعد كلّ ردّ يقوم به حزب الله.
وبالعودة للخطاب الأخير لسماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في العاشر من محرم وما تضمّنه حرفياً وتحليلياً وعلى بعد يومٍ واحد من إسقاط حزب الله مسيّرة عند حدود قرية رامية الجنوبية على الحدود مع فلسطين المحتلة، والتي كانت قد خرقت الأجواء اللبنانية باحثة عن أهداف معينة للتجسّس وهو ما كان قد وعد به السيد نصر الله بأنّ أيّ مسيّرة تخرق الأجواء اللبنانية سيتمّ إسقاطها، فها هو قد صدق وعده بعد إسقاط المسيّرة الأولى منتجاً معها تغييراً في قواعد الاشتباك التي عرفناها سابقاً، إذ بات الدفاع الجوي للمقاومة سلاحاً جديداً يعتمد عليه الحزب في ردع أنماط الاعتداء التي تمارسه «إسرائيل» ضدّ لبنان سواء أكان بالمفهوم العسكري أم العلمي – التحليلي عبر أشكال التجسّس وغيرها.
ومع كميّة الهراء التي تنتج عن التصريحات الصادرة عن الحكومة الصهيونية بعد كلّ عملية ناجحة لحزب الله، حيث يصيب الهدف المنشود من وراء إتمامها، يثبت للتوّ أنّ الحكومة الإسرائيلية بجنرالاتها وبمن يمثل نفسه زعيماً على كيان «إسرائيل» «نتنياهو» يعيشون حال التخبّط العام والفشل الذريع من تحقيق أيٍّ من الأهداف التي رسموها عبر مجمل المخططات والمشاريع وبمشاركة الرأس العام والمخطط الأكبر لكل هذه العمليات، ونقصد هنا الولايات المتحدة الأميركية بخلق الفوضى في البلدان العربية، وبتدمير ثقافة المقاومة والدفاع عن الأرض والحلم الذي يراودهم بتخلي العرب عن فلسطين القضية الأمّ، إذ إنّ كلّ ما فعلوه على مدار السنين بدءاً من حرب العراق عام 2003 إلى عدوان تموز 2006 والفوضى الخلاقة عبر ما يسمّى بالربيع العربي أو الشرق الأوسط الجديد التي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس والذي ظهر مع فوضى في الدول العربية بإسقاط الأنظمة السياسية العربية الواحدة تلو الآخر إلى دخول الجماعات المتطرفة الإرهابية والتقاسم الأميركي – التركي حول النفوذ في سورية إلى إحياء قضية الأكراد من جديد في العراق وسورية وصولاً لليمن وما يحصل فيه إلى العقوبات الأميركية على حزب الله وإيران والحشد الشعبي العراقي وحماس كلّ ذلك لأجل كسر محور المقاومة الذي يحيط بـ «إسرائيل» من كلّ ناحية وتقليص دوره العسكري إلا أنّ ذلك لم يتمّ، فيوماً عن يوم نشهد أنّ هذا المحور ومعه سورية يتعاظم شأنهم السياسي والعسكري وأنّ كلّ الأموال والمخططات التي بذلتها أميركا لإضعافه لم تحقق شيئاً، ما يضع المشاهد الغربي أمام تساؤلات عدة ولعلّ أهمّها أن كيف لدولة تصنف على أنها الأولى في العالم تفشل من تقليص دور حركات مقاومة في دول تصنف على أنها دول العالم الثالث!؟
فالسيد نصر الله في خطاب العاشر من محرّم وكما كلّ خطاباته السابقة واضح، صريح، كان قد تطرق إلى الوضع الإقليمي العام التي تشهده المنطقة، وتحديداً الخروق والإعتداءات الإسرائيلية الأخيرة والتي فيها خرق واضح للقرار الدولي 1701 والذي يلتزم فيه لبنان السياسي من خلال الحكومة والبيان الوزاري ولبنان الدفاعي من خلال المقاومة إلا أنّ «إسرائيل» تقوم بخرق هذا القرار يومياً من دون حسيب ولا رقيب دولي عليها ما يعطي المقاومة الحق في الدفاع المطلق ضدّ أيّ عدوان إسرائيلي قد يحدث وهو مفوض رسمياً من الدولة اللبنانية مستنداً بهذا التفويض لبنود البيان الوزاري الخاص بدور المقاومة.
« هذا الجيش الأسطوري الذي لا يُقهر تحوّل إلى جيش هوليوودي لأنه بات عاجزاً على الأرض»، بحسب وصف السيد نصر الله أدّى لتوسع خيارات المقاومة في وجه خيبة أمل الصهاينة وفشلهم. وبمواجهة العقوبات الأميركية المتكرّرة على محور المقاومة، أثمرت قواعد اشتباك جديدة في المنطقة قائمة على توازنات خلاقة في كيفية ردع اعتداءات العدو إذ لم يعد هناك خطوط حمراء في التعامل مع «إسرائيل»، بحيث لم تعد هي ذاك الوحش الذي يرعب العرب أبداً .