أيلول 1982 أول الكلام… والفعل
عبير حمدان
مشهد الأيادي المتشابكة في معتقل الخيام حين حمل أهالي القرى الجنوبية مطارقهم الحديدية لكسر الأقفال فيما المحتلّ يلملم أشلاء خيبته ويندحر ذليلاً لم يزل ماثلاً في ذاكرة كلّ من يؤمن بالحرية والنصر، والذاكرة لا ترحم من يريد إلغاءها بحجج طيّ صفحة الماضي.. فامضي العملاء لا يزل ينكأ جراحاتنا صبح مساء.
يكفي أن نسمع حكايا الأسرى لتسقط كلّ الجنسيات التي تسمح لعميل أن يطأ أرضاً ترابها مجبول بعرق ودماء من قاوم الاحتلال الذي لم يوفر عملاءه أيّ وسيلة من وسائل التعذيب في المعتقلات، وكلّ من اختار التعامل مع العدو هو ساقط بكلّ المقاييس الإنسانية.
في بلد التناقضات يخرج دُعاة الاعتدال للاعتراض على تفوّق المقاومة خشية على حلفاء زمن الاجتياح و مسيّراتهم ، وهؤلاء أيضاً لا تتأثر سيادتهم و حريتهم حين يتمّ انتهاك سمائنا تارة بالطائرات الحربية التي تقصف الشام وطوراً بطائرات التجسّس، ولا يرف لهم جفن حين تحصد القنابل العنقودية الأرواح البريئة، وجلّ ما يعنيهم كيفية عودة المبعدين إلى فلسطين المحتلة، وهل من يفسّر لنا مفهوم هذه المعادلة؟
جزار الخيام عاد برتبة أميركية، دخل الى لبنان من الباب الواسع، وكان الأمر سيمرّ بشكل عادي لو لم تلقِ الزميلة الاخبار الضوء على عودته بمقال مفصّل يُظهر سقوط كلّ الأحكام القضائية المبرمة بحقه، فمن المسؤول عن هذا الانفلات، وهل هي محاولة لجسّ نبض الناس قبل المباشرة بدعوة باقي العملاء .
بالأمس حققنا معادلة الردع في السماء، ولكن من سيحقق معادلة الردع على الأرض؟ ومن سيصون طلقة خالد علوان ودماء سناء وهادي وعماد، ويحفظ حق آلاف الأسرى الذين تعاقبوا على معتقل الخيام خلال سنوات الاحتلال الأحياء منهم والشهداء؟
يُقال إنّ التاريخ يكتبه الأقوياء والقوة لا تعني العفو عند المقدرة القوة بمفهومها الفعلي هي التمسك بروح التاريخ والمواجهة وإنزال القصاص بحق كلّ من خان بلاده واستبدل جلده وهويته لأنّ الخيانة مُحال أن تكون وجهة نظر، ولو قمنا بذلك منذ العام 2000 لما تجرأ أيّ خائن على التفكير بالعودة، من هنا نقول لكلّ المعنيين إنّ ايلول 1982 ذخيرة حاضرة لتنشيط الذاكرة واليد التي قبضت على الزناد حينها في شوارع بيروت كفيلة بكتابة التاريخ والحاضر والمستقبل كما يجب أن يكون.
العملاء لن يمرّوا.. وهذا أول الكلام على طريق الفعل…