تركيا رأس الحربة في العدوان الإرهابي… وسورية السيف والترس وراية النصر

اياد موصللي

تتصدّر تركيا اليوم الدول التي احتضنت الإرهاب والمجموعات التكفيرية التي ظهرت وانتشرت في بلادنا قادمة من المصدر التركي وقد زوّدت بكلّ مستلزمات القتل والتدمير… وهم اليوم يحاربون معها..

صدّرت تركيا الإرهابيين الى الشام ولبنان والعراق.. خارطة الأطماع التركية منذ ان تكوّنت هذه الدولة هي في السيطرة على سورية الطبيعية.. فبعد الحرب العالمية الأولى وبالاتفاق بين فرنسا وبريطانيا حصلت تركيا على الاسكندرون ومحيطه وعلى قضاء الموصل وامتداده الى الحدود التركية..

اننا وعبر مراحل التاريخ حدّدنا اليهود عدواً شرساً طامعاً بأرضنا وترابها وروحانيتها..

ولكن هنالك أعداء مارسوا بحق امتنا العدوان قبل ظهور إسرائيل وفي طليعة هؤلاء الأتراك. معظم الذين احتلوا بلادنا من الهكسوس الى التتار، الرومان، الفرس، الصليبيين، البريطانيين، الافرنسيين… غادروها دون ان يتركوا آثاراً لما ارتكبوه فيها أثناء فترة وجودهم إلاّ الأتراك الذين تركوا بصماتهم في ساحاتنا العامة مشانق تتأرجح عليها جثث أبطال ندّدوا بالطغيان التركي..

ولمن نسي نقول يجب ان نحدّد بشكل واعٍ وعميق أعداءنا الداخليين والخارجيين. نحن نواجه عدواً يهودياً شرساً ولكن هنالك عدوا لا يقلّ خطراً علينا هم الأتراك. والكلمة التي يردّدونها دائماً «عرب سيس» ايّ أوغاد.

انّ مؤامرات الأتراك عميقة الجذور من أجل القضاء على سورية في امتدادها الطبيعي وعلى الشام عبر محاولات اقتطاع أقسام من ارضها المجاورة..

ان ما يجري اليوم من قبل تركيا وضدّ سورية تحت شعارات الأمن والحدود الآمنة والسلام ومحاربة الإرهاب هو إتمام لما حاولته جمعية الاتحاد والترقي وأفشلته يقظتنا..

انّ الحلف التركي اليهودي مستمرّ منذ عهد اتاتورك الى يومنا هذا داعماً لـإسرائيل» متستراً براية الإسلام..

انّ ما نراه اليوم وتقوم به تركيا على الحدود الشامية في سورية ليس جديداً ولم يكتشف هذه المرة ونذكّر بالمقال الذي كتبه «هـ. سايد بوتون» في جريدة الدايلي تلغراف سكنتس في 25 أيار 1938 بعنوان «أعز صديق لنا في الشرق الأوسط» حيث جاء فيه:

«أثناء وجودي في تركيا لفت نظري صداقة المواطينن الأتراك لبلادي بالرغم من انّ الأتراك كانوا بالصف المعادي خلال الحرب الكبرى، غير أنهم لم يظهروا ايّ روح عدائية ضدّنا، فقد أرجعوا المسؤولية على عاتق ألمانيا وحكومة تركيا الفتاة القديمة. انهم أفهموني انّ تركيا لن تكون قطعة غيار من أجل ألمانيا أو اية دولة أخرى. انّ مهمة النظام الجديد المختلف تماماً عن القديم، يتركّز على تطوير البلاد بفعل قوّتها الذاتية، فلا خضوع بعد الآن للمفتشين عن الاحتكارات. انّ القرض الذي قدّمته انكلترا لتركيا لا يتعارض مع سياستنا فهذا المبلغ سوف يستخدم لتطوير البلاد فقط.

انّ تركيا القديمة قد ماتت تماماً وتركيا الحديثة بكامل حيويتها وفكرها الاستقلالي ستصبح سداً منيعاً بوجه الاجتياحات الأجنبية، ومن الأكيد انّ تركيا القوية المزدهرة هي صديقة لانكلترا، نحن لم نطالب بأيّ احتكار وامتيازات فليست لنا أطماع توسعية ولكن يحلو لنا ألا نرى بلدان البحر المتوسط عرضةً لهجمات قوى عظمى أخرى بحيث تصبح تركيا بحالة الدفاع عن النفس، انّ كلّ مساعدة ومساندة نقدّمها اليوم تكون مفيدة بضمان وضع تركيا وتثبيت استقلالها لا يمكن ان نهمل قضايا البحر المتوسط، انّ الأهمية الكبرى لصداقتنا مع تركيا وخاصة اليوم الذي برهن فيه العرب عن عدم قدرتهم السياسية وعن معارضتهم للسير في ركاب الحضارة الحديثة، ونأمل من وزيرنا الى المستعمرات ان يرتب المسألة الفلسطينية بخلقه دولة يهودية قوية تصبح معها حيفا القاعدة المتينة للسلم».

لاحظوا بدقة كيف انّ مصالح بريطانيا ودول الغرب قائمة على الثنائي التركي اليهودي. ونعود الى ما كتبته جريدة «تلغرافو الايطالية» وفيه الوصف البليغ للأتراك تقول الجريدة «انّ نتانة الأتراك، بالرغم من تخفيف وطأتها بفضل بعض المطهّرات تبقى هي هي تنقل العدوى لكلّ الشرق الأوسط، انها نتانة مرعبة بالنسبة لمن يتنشقها».

ونذكر قول سعاده في الاول من آذار 1938.. ونبّه فيه الأمة بأنّ الخطر الثاني الذي يتهدّدنا هو الخطر التركي بعد الخطر اليهودي.

«اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.

يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. واذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».

نكاد لا نجد مقارنة بين ما نحن فيه وما كان يجب ان نكون عليه. من ملك المال ملك القوّة ومن ملك القوّة ملك السلطة والسيطرة.

وها انّ المال أحالنا ضعفاء أذلاء تعصف بنا رياح الفرقة تتقاسمنا الأطماع وتحكمنا الأهواء وتسيطرعلينا قوى غريبة تتحكم بمالنا ومصائرنا… والسلطة عندنا «مشيخة» عشائرية نذير ما يترك لنا من شؤون فيما المقدرات الأساسية تردنا بأمر يومي ننفذه صاغرين.

حياتنا السياسية مقرّرة… تعاملوا مع هذا ولا تتعاملوا مع ذاك، تنازلوا عن حقكم وعن أرضكم، عن هويتكم وما يستتبع ذلك من تنازل عن الكرامات ولا نقابل كلّ هذا الا ببصمة اصبع وطأطأة رأس.

هل كتب علينا بإرادتنا المشتتة وضعف نفوسنا ان نبقى للاستعمار ممراً وللاحتلال مقراً، اما آن الأوان ان نضع حداً للغزاة والطامعين الذين ملأوا ديارنا وصخورنا بآثارهم ونقوشهم وغادرونا تاركين إرثاً ثقيلاً من التفرقة والشرذمة والتعصب والطائفية والعرقية، وأنسونا أننا خير أمة أخرجت للناس». أمم عديدة داست أرضنا وسلبت خيراتنا الهكسوس، الفراعنة، العبرانيون، الفرس الرومان، اليونان، الاسبان، التتار، العثمانيون، الايطاليون، الفرنسيون، الانكليز، الأميركيون، الصهيونية. لقد جرّبنا كلّ هذا وشاهد أجدادنا هذه الفتوحات وقد آن الأوان لأن نضع نحن حداً للفتوحات؟ لأننا أمة أبت وتأبى ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة. انّ سورية بدأت كتابة التاريخ من جديد.

انّ المزاعم التركية وادّعاء محاربة الأكراد هي ستار لما تنويه من قضم وضمّ حلمت به في كلّ مراحل الحكم فيها..

انّ الأكراد في تركيا أمر يتعلق بالنظام والعلاقة القائمة بينهم وبين السلطة..

أما في سورية فهذا شأن داخلي يعود الى سلطة الدولة وإجراءاتها ولا يحق لتركيا اختلاق المبرّرات ضدّ جزء من الشعب السوري. فتهاجم دولة ذات سيادة بمزاعم محاربة جماعة سورية تنعتها بالإرهاب. فالسلطة في الشام لا تسمح لأحد من أبنائها بالخروج على المفهوم الوطني ووحدة البلاد. فما عدا مما بدا حتى تحاول السلطات التركية الحلول محلّ السلطة الوطنية صاحبة القيادة والسيادة؟

مهما اشتدّت المحن وقست الظروف والتعديات، الأكراد سوريون يحق لهم ما يحق لسواهم ولكلّ حق واجب، وواجب الأكراد دعم وحدة وطنهم وترسيخ روابطها أرضاً وشعباً وان يقبروا الفكر الانفصالي ودعاته. غير صحيح انّ الاكراد لم يتولوا مناصب سيادية لأنها لا تحق لهم: فلم يتول الاكراد المنصب الأول زمن الملكية في العراق لأنّ النظام ملكي والملك هاشمي، ومع هذا كان هنالك رئيس للوزراء هو جميل بابان وقائد للجيش بكر صدقي، وبعد زوال الملكية وتسلم حزب البعث الحكم برزت أسماء عديدة كنائب رئيس الجمهورية طه معروف وطه ياسين رمضان والعديد من الوزراء والقادة في الجيش والشرطة والأمن. والتشنجات السياسية والمواقف المتباينة لا يجوز ان تصبح عقدة قومية او عنصرية مهدّدة لوحدة الأمة والشعب، انّ تباعد النظرة واختلافها بين السلطة القائمة واية سلطة او مجموعة من الشعب لا تجعل الشعب الواحد شعبين فالشعب باقٍ والسلطة تزول.

وتركيا اليوم هي رأس الحربة ضدّ سورية وراعية الإرهاب وحاضنته.

لهؤلاء نقول: «إننا أمة ابت ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة…» والنصر طريقنا ولا مفرّ لنا منه…

اترك تعليقاً

Back to top button