اليوم العشرون للحراك: جرحى في إشكالات متنقّلة وتعطيل المرافق الحيويّة وقطع الطرق مستمرّ والقوى الأمنية تتدخل
فيما استمرّ قطع الطرق في بيروت والمناطق، لليوم العشرين على التوالي، تميّز يوم أمس، بإشكالات وصدامات أوقعت جرحى وإجبار المزيد من المرافق العامّة الحيوية والمصارف على الإقفال ووقف تقديم الخدمات.
وأبرز الأحداث هو التوتر الذي حصل بين المتظاهرين والحزب التقدمي الاشتراكي في بعقلين، إثر قيام مجموعة من الحراك بوضع «قبضة الثورة» في ساحة نصب شهداء الجبل عند دوّار بعقلين – بيت الدين، ورفعوا الأعلام اللبنانية وأطلقوا الأناشيد الوطنية. وسارع عدد من أهالي منطقة الشوف إلى التجمّع بشكل عفوي أمام النصب التذكاري احتجاجاً على تصرّف مجموعة الحراك.
وأكد الأهالي أنهم «مع الحراك، لكننا نرفض المسّ بمقدساتنا، خصوصاً أنّ لهذه الساحة رمزيتها بوجود التمثال الذي وضع تخليداً لذكرى ثورة الـ 58 والاجتياح الإسرائيلي والحرب الأهلية».
وجاءت هذه الخطوة، عقب استياء أبناء المنطقة من قطع طرق وأوصال المنطقة وإعلان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط رفضه المسّ برمزية المكان وبالنصب التذكاري، حيث غرّد جنبلاط عبر حسابه على تويتر قائلاً «مع احترامي لحرية الرأي والتعبير لكن للحزب التقدمي الاشتراكي مقدسات. إن النصب التذكاري على دوّار بعقلين هو تراث الحزب والجبل منذ ثورة 1958 إلى التضحيات الهائلة أثناء الحرب الأهلية حفاظاً على الوجود ودفاعاً عن عروبة لبنان وفي مواجهة إسرائيل. إنّ هذا النصب مقدس ولن نسمح بتدنيسه».
من جهته، قال الناشط سماح قعسماني من بعقلين أنه خلافاً لما قاله الحزب التقدمي الاشتراكي، فإنّ المتظاهرين لم يحاولوا رفع «قبضة الثورة» على تمثال الشهداء، وإنما كانوا يريدون رفعها في المنطقة، ولكن بطريقة ما وصل الخبر إلى الحزب الاشتراكي بأنّ مجموعة الشبّان يريدون رفع الشعار على التمثال نفسه، فتوجه عدد كبير من أنصار الحزب الاشتراكي إلى المكان وحصل إشكال بين الطرفين. وأشار إلى أنّ شباب الحراك انسحبوا من المكان.
كما وقع إشكال على طريق عام راشيّا عند مفترق بلدة العقبة، على خلفية إزالة العوائق بين عدد من المحتجين الذين يصرّون على قطع الطريق الرئيسة، والمارّة من أبناء المنطقة، ما أدى إلى تدافع واشتباك بالأيدي.
وقد أدّى الإشكال إلى سقوط جريحين نقلا إلى مستشفى راشيا الحكومي للمعالجة، وتحطيم إحدى السيارات. وتدخلت قوة من استخبارات الجيش، وفضّت الإشكال، وفصلت بين المحتجين وبين العابرين وفتحت الطريق وأُزيلت العوائق.
واستمرّ أمس قطع الطرق بالتزامن مع اعتصامات أمام فروع مصارف في مناطق عدة ومؤسسات عامة إضافةً إلى تعطيل الدراسة في المؤسسات التربويّة.
وكانت بعض الطرقات مُقفلة صباحاً قبل أن يُعاد فتحها ابتداءً من الثامنة، بواسطة الجيش والقوى الأمنية.
ففي بيروت قُطع السير على كورنيش المزرعة باتجاه البربير قرب جامع عبد الناصر قبل أن يُعاد فتحه.
وعلى جسر الرينغ، كانت حركة السير منذ ساعات الصباح الأولى طبيعية مع قرار المعتصمين بإبقائها مفتوحة. وعلى ساحة ساسين في الأشرفية، وفي إطار الخطة الأمنية المشتركة، قامت قوة من المديرية العامة للأمن العام بإزالة خيم المعتصمين عند دوّار الساحة وأعادت فتح الطرق أمام المواطنين. فيما نفّذ عدد من الطلاب اعتصاماً أمام جامعة الـAUST محاولين إقفالها.
ومساءً تجمّع عدد من المحتجين أمام مدخل الزيتونة باي- السان جورج، حيث رددوا شعارات أكدت «استمرار احتجاجاتهم وأن الأملاك البحرية هي ملك للشعب». واعترضوا على منعهم من الدخول ثم سُمح لهم بالدخول.
وفي الشمال، قطع محتجون طريق الضنية الرئيسة التي تربطها بمدينة طرابلس عند مفرق بلدة كفرحبو، بعدما وضعوا حجارة وإطارات سيارات في وسط الطريق.
وعمد عدد من المحتجين إلى إقفال المؤسسات العامة والدوائر الرسمية والمصارف في طرابلس. وتجمهروا أمام شركة قاديشا في الميناء وطلبوا من الموظفين مغادرة مكاتبهم، ومنعوا موظفين آخرين من الدخول إلى مراكز عملهم، مؤكدين انهم سيستمرون بإقفال المؤسسات حتى تحقيق مطالبهم، قبل أن تنفّذ وحدات من الجيش اللبناني انتشاراً واسعاً في أحياء وشوارع طرابلس وعملت على وقف مسيرات المحتجين الذين يجولون على المرافق العامة والمصارف لإقفالها ما سمح لبعض المصارف والمؤسسات العامة باستئناف العمل.
كما قطع محتجون الطريق في بلدة مرياطة أمام فرع مصرف «فرنسبنك»، وعند مستديرة بلدة أردة في الإتجاهين وفي محلة وادي الريحان حيث وضعوا شاحنات نقل وسيارات في عرض الطريق، وفي بلدة الفوار بعدما وضعوا إطارات سيارات مشتعلة وعوائق حديد في وسط الطريق.
وعصراً، التحق عدد من أهالي طرابلس ومن أبناء المناطق المجاورة ومن منطقتي الذوق وجل الديب وأساتذة وطلاب جامعيين، بالمعتصمين في ساحة عبد الحميد كرامي.
وأكد المعتصمون انّ أشكال التحرك بما فيها وقف الإعتصامات، يتعلق بالبدء بتنفيذ الإجراءات الدستورية المدرجة في مطالبهم.
وقُطعت الطريق العام في البيرة القبيات بالسيارات كما قُطع طريق مشتى حسن وادي خالد بالإطارات غير المشتعلة. كذلك، قُطعت الطريق العام أمام سراي زغرتا الحكومي من قبل محتجّين وتمّ تحويل السير إلى طرقات فرعية.
وقطع مجموعة من طلاب الصفوف الثانوية في عدد من مدارس زغرتا طريق بلدة كفرحاتا في قضاء زغرتا المؤدية إلى عدد من المدارس. وازدحمت السيارات والباصات لوقت طويل قبل أن تعمد القوى الأمنية إلى فتحها لوصول التلاميذ إلى المدارس.
وفي جبيل، فُتح الاوتوستراد ابتداءً من التاسعة والنصف صباحاً بعدما كان أُقفل بالاتجاهين، وشهدت الطريق البحريّة زحمة سير خانقة. واستمر إقفال أوتوستراد كسروان في غزير على المسلكين حتى قرابة العاشرة صباحاً.
وكانت الطريق في المنصورية قُطعت في شكل جزئي في ساعات الصباح الاولى قبل أن يُعاد فتحها.
وشهد أوتوستراد الذوق وجل الديب مواجهات وتدافعاً بين المتظاهرين والجيش أثناء محاولته فح الطريق على المسلكين الشرقي والغربي وتم تفكيك .خيم المعتصمين والتجهيزات الصوتية الموضوعة في منتصف الأوتوستراد.
وأوقف الجيش خلال المواجهات، عدداً من المتظاهرين ممن كانوا يقطعون الاوتوستراد في المنطقتين بعدما اعترضوا طريقه أثناء قيامه بفتح الطريق، قبل أن يُفرج عنهم في وقت لاحق.
وفي صيدا، تجمّع عدد من المحتجين صباحاً أمام مداخل المرافق العامة بدءاً من شركة الكهرباء، فمؤسسة المياه، واوجيرو وغرفة التجارة والصناعة والزراعة وشركتي الخليوي وأجبروها على الإقفال.
كما أجبر المتظاهرون مصارف المدينة على الإقفال اعتراضاً على سياسات القطاع المصرفي. وأكدوا «الاستمرار في التحرك بكلّ الأشكال والأوقات والمواقع المناسبة وصولاً إلى تحقيق كل المطالب المشروعة».
وأعاد المحتجّون في ساحة ايليا تركيب منصة الصوتيات ونصبوا خيماً جديدة داخل «وسطية محمد الناتوت»، بعدما كانت قد أُزيلت صباحاً. وعمد محتجون الى قطع طريق البوابة الفوقا في مدينة صيدا بالإطارات المشتعلة.
ومساءً، أُغلقت ساحة إيليا وسط توافد المحتجين الذين تجمعوا في الساحة.
وفي الشوف، بقيت المنطقة مشلولة بفعل الإضراب المستمر، والإقفال العام للمؤسسات الرسمية بما فيها المدارس والجامعات والمعاهد الرسمية والخاصة.
وعمدت مجموعات من المحتجين إلى قطع الطرقات الشوفية الرئيسية مثل دوار بعقلين – بيت الدين، ودوار معاصر بيت الدين وطريق عين وزين – كفرنبرخ، وطريق بعقلين الشميس كفرحيم – مفرق المناصف – سرجبال وطريق جسر القاضي.
كذلك نظّم المحتجون اعتصامات أمام المصارف في المنطقة لإقفالها لليوم الثاني على التوالي.
أما في البقاع فقد قُطعت، طرق: مستديرة زحلة- مفرق قب الياس جديتا سعدنايل تعلبايا الصويري – حوش الحريمي غزة – المصنع – راشيا – جب جنين – رويسات صوفر – مفرق شويت – عاليه – ضهور العبادية.
وفي بعلبك، ظلّت الطرقات سالكة، وشهدت أحياء المدينة حركة سير ناشطة لحافلات نقل الطلاب إلى مدارسهم الرسمية والخاصة، كما فتحت الدوائر الحكومية والمحال التجارية أبوابها، في حين عاد الانتظام النسبي إلى عمل المصارف التي كانت قد شهدت ازدحاماً من العملاء والمودعين بعد إعادة فتحها، إلا أنّ الشكوى من توقف عمليات التحويل من العملة اللبنانية إلى دولار في فروع المصارف.
وعصرا، نظّم «حراك أبناء بعلبك» مساء مسيرة انطلقت من ساحة الشاعر خليل مطران، يتقدّمها ثلاثة خيالة يرفعون العلم اللبناني، جابت بعض شوارع المدينة وعادت مجدّداً لمواصلة الاعتصام في ساحة المطران مقابل قلعة بعلبك الأثرية.
وردّد المتظاهرون الشعارات التي تؤكد سلمية التحرك ورفض الطائفية وفرض الضرائب وضرورة محاكمة ناهبي المال العام ورفع السرية المصرفية ودعم الزراعة والصناعة ورفض الإملاءات الأميركية.
إلى ذلك، عبّر الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد عن «استنكاره الشديد لقرار الهجوم على ساحة الاعتصام في صيدا – ساحة إيليا وتحطيم محتوياتها».
وقال «لقد بادر شباب الانتفاضة الشعبية بالأمس إلى فتح الطرقات تسهيلاً لحركة المواطنين. وأبقوا خيم الاعتصام في الحديقة خارج الطريق تأكيداً لاستمرار التحرك حتى تحقيق أهداف الانتفاضة».
واعتبر أنّ «لجوء السلطة إلى استخدام العنف ضدّ المعتصمين السلميين إنما يدلّ على رفضها الاعتراف بالتغيير العميق في الموقف الشعبي، وعدم تسليمها بالنتائج السياسية التي ينبغي أن تترتب على هذا التغيير، بل على العكس من ذلك، يدلّ سلوكها على تصميمها على الاستمرار في نهج نهب أموال الدولة ومواردها وممتلكاتها، وعلى تحميل ذوي الدخل المحدود نتائج الأزمة المالية والاقتصادية التي قادت لبنان إليها سلطة المحاصصة الطائفية والعجز والفشل والفساد».
وأكد، في المقابل، أنّ «الانتفاضة الشعبية السلمية ستتواصل وتتصاعد حتى تحقيق كامل أهدافها، وحتى إنقاذ لبنان واللبنانيين من الانهيار المالي والاقتصادي ومن انعكاساته الكارثية على الأوضاع المعيشية».
وشدّد على أنّ «الانتفاضة مستمرة حتى استعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة كلّ الفاسدين، فضلاً عن وضع أسس الانتقال السلمي إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة وعادلة تطالب بها الأكثرية الساحقة من اللبنانيين من كل المناطق والانتماءات».