جلسة المجلس النيابي ترسم مستقبل الدولة بين الفراغ والمؤسسات الدستورية معركة لتأمين النصاب بعد انتخاب اللجان… والفرزلي لشراكة الحراك بالمقترحات

كتب المحرّر السياسيّ

شكّل كلام قائد الجيش العماد جوزف عون عن منع أي محاولة لقطع الطرقات جواباً كافياً حول الشق الأمني من مشهد اليوم، الذي أعلنت بعض جماعات الحراك الشعبي نيّتها بتحويله لمسرح مواجهة بهدف منع المصارف والمدارس والجامعات من فتح أبوابها، ومنع المجلس النيابي من الانعقاد.

وفيما رسمت مصادر مشاركة في الحراك تساؤلات عن معنى استبدال الجماعات الداعية لمنع المصارف والجامعات من فتح أبوابها، لأسلوب قطع الطرقات الذي شكل انتهاكاً واستفزازاً لشرائح واسعة من اللبنانيين، بأسلوب لا يقل عنه استفزازاً، قالت هذه المصادر إنه من المستغرَب أن تلتقي قوى الرابع عشر من آذار في السعي لإسقاط التشريع الهادف لإلغاء الحصانات، وفقاً لاقتراح القانون المقدّم من النائبين حسن فضل الله وهاني قبيسي، باسم كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير، وهو القانون الذي يشكل مفتاح الباب نحو تمكين القضاء من فتح ملفات مكافحة الفساد، مع قوى في الحراك يفترض أن جوهر حركتها هو السعي لتشريعات وإجراءات تسرّع فتح هذه الملفات. وفيما تضع الجماعات الداعية لمنع الجلسة التشريعية لتحرّكها عنوان إسقاط الطبقة السياسية، تعلن قوى 14 آذار رفض التشريع في ظل حكومة مستقيلة، ويلتزم تيار المستقبل الذي سيحضر جلسة انتخاب اللجان النيابية بمقاطعة الجلسة التشريعية، بينما يتوزّع نواب القوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي بين المقاطعة الشاملة، كما أعلنها رئيس حزب القوات سمير جعجع، والموقف الوسطي للحزب التقدمي الاشتراكي تجاه مشاركة بعض نوابه وغياب آخرين.

رئيس المجلس النيابي يرى في السعي لإسقاط الجلسة النيابية مهما تغيّرت العناوين بالسعي لتعميم الفراغ، بعد استقالة الحكومة، وتعثر تشكيل حكومة جديدة، فيما تذهب مصادر متابعة للقول إن هناك مشروعاً لإعلان لبنان دولة فاشلة، بعدما يتعذّر إقرار الموازنة ضمن المهل القانونية، ويدخل معها البدء بتعذّر سداد أول قسط مستحق من الديون الخارجية.

نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي حاول مدّ اليد للحراك بالدعوة للتشارك في المبادرات التشريعية الخاصة بمكافحة الفساد، مبدياً الاستعداد للقاء أي وفد من الحراك للاطلاع على ملاحظاته على أي اقتراح قانون، مفنداً الاقتراحات المطروحة على جدول أعمال الجلسة مطمئناً إلى أن اقتراح قانون العفو لن يشمل كل من لديهم ملفات تتصل بأمن الدولة، والجرائم على المال العام.

مصادر نيابية قالت إنه مع غموض مصير الجلسة النيابية بعد انتخاب اللجان، فإن ذلك سيسمح ببدء نقاش لجنة المال للموازنة العامة، متوقعة أن تبذل جهود متقابلة حول تأمين النصاب وفرطه من الطرفين المتقابلين، عند انسحاب نواب تيار المستقبل بعد انتخاب اللجان، حيث سيقرّر خمسة نواب مصير النصاب، في ظل تأكيد نواب كتلة التنمية والتحرير 17 نائباً والوفاء للمقاومة 13 نائباً وتكتل لبنان القويّ بقيادة التيار الوطني الحر 26 نائباً والكتلة القومية 3 نواب وكتلة التكتل الوطني التي تضمّ تحالفات يقودها الوزير السابق سليمان فرنجية 7 نواب بالإضافة إلى حضور النائبين عبد الرحيم مراد وعدنان طرابلسي نائبين للجلسة التشريعية. وفي حال طابقت التوقعات فرص الوصول للجلسة تقول المصادر إن النصاب سيكون مؤمناً للجلسة التشريعية.

في هذا المناخ التشريعي الرمادي بدا المشهد الحكومي ملبداً بالغيوم، في ظل السجال المفتوح بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، وانقطاع الاتصالات بين قصر بعبدا وبيت الوسط.

وسط انسداد أفق الحلول على صعيد التكليف والتأليف، تتجه الأنظار اليوم الى ساحة النجمة، حيث يعقد المجلس النيابي جلسة بشقين الأول التجديد لهيئة مكتب المجلس وانتخاب اللجان النيابية، والثاني البحث بجدول أعمال يتضمّن 16 مشروع واقتراح قانون.

وأعلنت أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والاشتراكي ونواب مستقلون مقاطعتهم للجلسة. وقالت مصادر نيابية لـ»البناء» إن «الجلسة قائمة طالما لم يصدر بيان من رئاسة المجلس بتأجيلها»، فيما دعت مجموعات الحراك الى قطع الطرقات لمنع وصول النواب الى ساحة النجمة رفضاً لانعقاد الجلسة لاعتبار بنود جدول أعمالها لا تلبي مطالب الحراك.

وعمدت مجموعات أمس، الى قطع الطرقات في مناطق عدة.

وقالت أوساط نيابية في 8 آذار لــ»البناء» إن «قوى سياسية داخل السلطة وجهات خارجية تسعى الى تعطيل عمل المؤسسات تمهيداً للفراغ الشامل، وحذرت من تداعيات ذلك على المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية».

وسجل أمس موقف أميركي يشكل تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية الداخلية ويُخفي تدخلاً واضحاً في مجريات الأحداث في الشارع، فقد اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أن «الحكومة الروسية سعت للتشكيك في مطلب الشعب اللبناني بإنهاء الفساد»، لافتة الى أن موسكو تحاول إظهار إرادة الشعب اللبناني على أنها «مؤامرة أميركية». وأضافت: «نقف بفخر مع الشعب اللبناني».

وعاد اقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري بمسألة تأليف الحكومة الى الواجهة، ويتضمّن تشكيل حكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً، 6 منهم وزراء دولة يمثلون الاتجاهات السياسية و14 منهم تكنوقراط.

وأوضح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجه لـ»البناء» أن «طرح بري ليس بجديد، بل سبق وطرحه الوزير علي حسن خليل والحاج حسين الخليل على الرئيس سعد الحريري، فكان جوابه أنه ورؤساء الحكومات السابقين اتفقوا على الوزير السابق محمد الصفدي»، مضيفاً أن «بري أعاد اليوم تظهير هذا المقترح عله يتم التوافق عليه بين الأطراف السياسية»، وأكد أن بري لا يزال متمسكاً مع حزب الله بالحريري استناداً الى التوازنات السياسية والمذهبية والأوضاع الاقتصادية».

ودعا خواجه للإسراع بتأليف حكومة جديدة تحت عنوان حكومة طوارئ مهمتها العمل بشكل مكثف لمواجهة التحديات القائمة، مذكراً بتحذير الرئيس بري بأننا في سفينة معرّضة للغرق بأي لحظة علينا إنقاذها».

إلى ذلك علمت «البناء» أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يدعو الى الاستشارات النيابية الملزمة قبيل الاتفاق على صيغة جديدة واضحة للتكليف والتأليف. وهو لا يؤجلها فقط للتأجيل بل لتسهيل التأليف»، ولفت مصدر في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن «التواصل مقطوع بين بعبدا وبيت الوسط في مسألة الحكومة ولا أسماء جديدة للتكليف حتى الآن وما يجري حالياً تهيئة الظروف والأجواء لجولة جديدة من المفاوضات لإيجاد حلول جديدة»، ولفتت الى أن «العلاقة بين التيار والمستقبل توترت بعد تراجع الحريري عن التوافق على الصفدي»، وعن التسوية السياسية بينهما اوضحت أن «التسوية كانت مشروعاً وبرنامج عمل يؤدي الى استعادة عمل المؤسسات وبناء الدولة ومكافحة الفساد وعندما يتعذّر ذلك لا مبرر لبقاء هذه التسوية».

وكان السجال تفاعل بين التيارين الوطني الحر والمستقبل، فقال النائب حكمت ديب على «تويتر» قائلاً: «غلطة التيار أنو راهن على شخص قراره مش حرّ وما بيحفظ الجميل، والأضرب من هيك غضّينا النظر عن فساده!». فردّ النائب السابق مصطفى علوش: «بالنسبة للرهان الخاطئ فهو من قبلنا تجاه تياركم لوجود أمثالك. أما السكوت عن الفساد من أجل المناصب فهو فساد بحد ذاته فقدّم كل ما عندك للقضاء إن كان فيك بعض الحكمة يا حكمت». وردّ ديب على علوش قائلاً: «إلى الدكتور مصطفى علوش: غريب أنا ما سمّيت حدن كيف عرفت أنو أنتو المقصودين؟ من كلمة «قراره مش حر» أو «ما بيحفظ الجميل؟».

في غضون ذلك أعلن اتحاد نقابات موظفي المصارف عودة العمل اليوم في المصارف بعد الإضراب الذي استمرّ لنحو أسبوع، وذلك بعدما اطلع الاتحاد من جمعية المصارف على الخطة الأمنية وعلى التدابير المصرفية الجديدة. وأكد نقيب موظفي المصارف جورج الحاج أن «الدولة قامت بواجباتها من خلال الخطة الأمنية، وأسباب الإضراب عولجت ولا مبرر للاستمرار به». وأشار الحاج في تصريح إلى أن «نظامنا حر وليس موجهاً وتدابيرنا مؤقتة»، وقال: «بمجرد حلّ المشكلة السياسية وتشكيل حكومة، التدابير ستُخفّف». وشدّد على أنه «تجب العودة إلى الليرة اللبنانية والمصارف ستساعد المودعين في موضوع تبادل العملات»، ولفت إلى أن «كلما خفضنا الطلب على الدولار كان الوضع أفضل».

وأعلن الحاج أنه «إذا أٌقفلت الطرقات غداً هناك وسائل لوصول عمال المصارف إلى عملهم».

اترك تعليقاً

Back to top button