تشييع حاشد لشلهوب في طير فلسيه ودعوات للجيش والقوى الأمنية إلى حماية حقّ التنقل
محمد بو سالم
فيما تواصلت المواقف المندّدة بالحادث الذي أودى بحياة الشهيدين حسين شلهوب وسناء الجندي نتيجة إقفال الطريق في الجيّة أول من أمس، شيّعت بلدة طيرفلسيه الجنوبية شلهوب بمسيرة حاشدة انطلقت من أمام منزله وشاركت فيها فاعاليات وشخصيات سياسية وروحية تقدمهم النائب علي خريس ممثلاً الرئيس نبيه برّي، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب والنواب حسن عز الدين، حسين جشي، أيوب حميّد، وممثلون عن قيادتي حزب الله وحركة أمل، وحشود غفيرة من الأهالي.
وألقى الخطيب كلمة تأبينية قبيل التشييع، أكد فيها «أنّ بلدنا يمرّ بفترة دقيقة ومصيرية حساسة تطلب منّا أن نكون في أعلى درجات الوعي واليقظة».
ودعا الجيش والقوى الأمنية «إلى تحمّل مسؤوليتهما تجاه حرية التنقل وأمن المواطنين التي لا تقبل التذرع بأيّ سبب من الأسباب».
وزار عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي عسيران بلدة أنصارية وقدّم التعازي لذوي الضحية سناء الجندي التي قضت مع شلهوب في الجية.
وإذ اعتبر «أنّ قطع الطرقات مرفوض»، أكد عسيران انّ «التعبير الديمقراطي هو من صلب الحياة في لبنان ويتطلب الحفاظ على المؤسسات والممتلكات».
وأعلنت النائبة عناية عز الدين، في تصريح أنها استمعت أثناء تقديم واجب العزاء بشلهوب إلى قصته «التي تستحق أن تروى لما فيها من دلالات وعِبر ومن اختصار للكثير من مآسي هذا الوطن».
وقالت «حسين وزوجته عملا لسنوات في إحدى الوزارات اللبنانية قبل أن يتمّ صرفهما واستبدالهما بعمال أجانب، ما أدّى إلى تعقيد حياتهما المعيشية. كان راتبهما معاً بالكاد يكفي لدفع إيجار المنزل، وقيمته أربعماية دولار أميركي، يضاف إلى هذا المبلغ ماية دولار أميركي بدل اشتراك كهرباء ومبلغ آخر للمياه. نور إبنة السيد حسين والناجية من الحادثة المأساوية واحدة من الناجحين في امتحانات الخدمة المدنية والذين لم يتمّ توقيع مرسوم تعيينهم فاضطرت إلى البحث عن عمل ثان لإعالة العائلة التي أصبحت عاجزة عن دفع إيجار المنزل».
أضافت «أما الشهيدة سناء الجندي فقد كانت خير معين لأختها وعائلتها، فقدّمت لهم منزلها في بلدة الأنصارية بعد عجزهم عن سداد إيجار منزلهم».
وتابعت «في رحلتهم الأخيرة اصطحب حسين نور وسناء للالتحاق بعملهما من أجل لقمة العيش الكريمة فكان ما كان بسبب إصرار البعض على قطع الطرقات أمام المواطنين. تلك هي قصة من قصص أهلي الفقراء إلا من كرامة ما فتئوا يدفعون ثمنها غالياً جداً في رحلة الانتماء إلى هذا الوطن».
من جهته، أبدى رئيس حزب «الحوار الوطني» النائب فؤاد مخزومي أسفه الشديد للحادث الذي أودى بحياة شلهوب والجندي. وشدّد على أنّ «إغلاق الطرق أمام الناس وحركتها أمر غير عادل ومخالف لحقوق الإنسان ويتناقض مع مطلب الحريات، والدليل هو الضحايا التي سقطت بالأمس على أوتوستراد الجية».
كذلك استنكر مخزومي الأحداث التي حصلت على جسر الرينغ ومختلف الإشكالات التي تشهدها الساحات، مؤكداً أنّ «من مصلحة الجميع أن تبقى التحركات سلمية»، داعياً إلى «الإسراع في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لأنها الأسلم دستورياً من جهة، وتخفف من غضب الشارع من جهة أخرى».
وأهاب مخزومي بالجيش والقوى الأمنية «اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن وسلامة المواطنين». وتقدّم بخالص العزاء لعائلة شلهوب والجندي.
كما قدّم الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد التعازي إلى عائلتي شلهوب والجندي وأهالي بلدتي طيرفلسيه وأنصاريه واللبنانيين عموماً. وطالب القضاء والأجهزة الأمنية «بإجراء تحقيق عاجل وشفاف لإظهار حقيقة ما حصل على أتوستراد الجية، وأدّى إلى هذه المأساة المفجعة»، مؤكداً رفضه قطع الطرقات في أيّ منطقة من المناطق، داعياً حكومة تصريف الأعمال إلى «تحمّل مسؤولياتها من أجل تأمين حرية التنقل للمواطنين».
وحمّل سعد الحكومة «المسؤولية عن افتعال التوترات في الشارع ومحاولات الإساءة للانتفاضة الشعبية الوطنية بهدف إجهاضها»، معتبراً أنّ «بعض أطراف الحكومة هي التي تبادر إلى قطع الطرقات، في حين تعمد أطراف أخرى في الحكومة ذاتها إلى تصعيد خطاب الشحن الطائفي، والمثير للريبة والاستهجان أنّ هذه الأطراف مجتمعة هي شريكة في حكومة تصريف الأعمال، وهي أيضاً من يتواصل من أجل المشاركة في تشكيل الحكومة الجديدة».
في المقابل، أكد سعد «أنّ اللبنانيين قد تجاوزوا بفضل الانتفاضة الشعبية والشبابية منطق الاصطفافات والصراعات الأهلية والطائفية، وهم مصرون على تحقيق التغيير السياسي، وعلى رفض إعادة عقارب الساعة إلى الوراء».
واكد النائب بلال عبدالله عبر حسابه على «تويتر»، أنّ «إقليم الخروب، بكلّ هيئاته السياسية والبلدية والاختيارية والمدنية يشارك طيرفلسيه خسارتها الشهيدين شلهوب والجندي، ويؤكد تمسكه بالتاريخ المشرّف الذي جمعه ويجمعه مع أهله من الجنوب، ويبدي كلّ الحرص على علاقات التكامل والوحدة الوطنية وحماية السلم الاهلي»، داعياً إلى انتظار التحقيق الرسمي في الحادث.
ودانت قيادة رابطة الشغيلة، برئاسة أمينها العام النائب السابق زاهر الخطيب، الجريمة التي أدّت إلى استشهاد شلهوب والجندي على طريق الجيه «نتيجة قطع الطريق من قبل مجموعات منظّمة».
ورأت في بيان، أنّ «قطع الطرق من قبل هذه المجموعات يتمّ بتوجيه من بعض أطراف قوى السلطة بهدف تحقيق مآربها السياسية على حساب مطالب الناس المحقة والعادلة». ودعت الجيش والقوى الأمنية إلى «وضع حدّ لقطع الطرق والمخلين بالأمن منعاً للفتنة، وحفاظاً على السلم الأهلي في البلاد»، مطالبةً القضاء بـ «المسارعة إلى التحقيق في جريمة استشهاد شلهوب والجندي والكشف عن المرتكبين بدوافع جرمية وإنزال أقصى العقوبات في حقهم وفي حق أمثالهم الذين يعملون على المس بالسلم الأهلي».
كما ندّد الشيخ عفيف النابلسي بحادثة الجية، معتبراً «أنّ ما يحصل من قطع للطرق لا يمكن السكوت والتغاضي عنه، وأنّ ما يحصل في الشارع هو فوضى وقطع أرزاق للمواطنين وتهديد لحياتهم، وتعدّ على حقوقهم وحرية تنقلاتهم، وهذا ما يستوجب موقفاً شديد اللهجة للقوى الأمنية كافة».
وأعلن «أنّ ما يحصل ليس معيباً فحسب، بل إجهاض وإفراغ لمؤسسات الدولة من سلطتها وقوّتها وإيكال الأمر للمواطنين ليفعلوا ما يحلو لهم».
ورأى «تجمّع العلماء المسلمين» في بيان، أنّ ما حصل على الطريق الساحلي بين الجية وبرجا «أثبت أنّ ما أعلنه قائد الجيش من منع لقطع الطرقات لم يكن قراراً حاسماً، فهو إما لم يكن يقصد ما يقول ويخطط للعكس، أو أنه ليس قادراً على تنفيذ قراراته وهذا ما مكّن للمجرمين قطاع الطرق وتحت أعين الجيش الذي لم يحرك ساكناً ليضمن أمن الطريق من اصطياد عائلة فقيرة استنسبت النزول فجراً إلى العمل كي لا تقع فريسة لهؤلاء المجرمين، فكان نصيبهم الموت حرقاً».
ودعا التجمع قيادة الجيش إلى «إعلان سبب السماح لهؤلاء المجرمين بقطع الطريق ووقوفهم متفرّجين عليهم، مع أنّ الأخطار المترتبة ستكون يقينية»، مطالباً بـ»إحالة الضابط المسؤول عن القوة إلى التحقيق واتخاذ الإجراءات المسلكية بحقه إذا لم يتبيّن تورّطه في الأمر».
كما دعا القضاء الى «فتح ملف القضية واستدعاء كلّ المشاركين في قطع الطريق على هذه النقطة».
وأسفت «جبهة العمل الإسلامي» «للحادثة الأليمة والمفجعة»، مشسرةً، إلى «أنّ قطع الطرق أمر خطير يؤدي إلى الإضرار بالناس وقطع أرزاقهم عدا عن عزل المناطق، إضافة إلى خطر زعزعة الأمن والاستقرار الداخلي وتعريض السلم الأهلي وصيغة العيش المشترك للخطر الكبير».
وندّدت بما حدث مساء أول من أمس في شوارع العاصمة بيروت «من مسيرات وهتافات واستفزازات وتعديات مخجلة ومؤسفة ولعن وسبّ وشتائم طاولت بعض المقدسات، والتعرّض لأعراض الناس بشكل خطير». ودعت المعنيين والمسؤولين الى «التدخل سريعاً لمنع تكرار ما حدث نظراً إلى خطورته وحساسيته في آن».
وأبدى تجمع المحامين في حزب الله في بيان، استنكاره وإدانته وشجبه للجريمة النكراء، معتبراً أنها «جريمة قتل موصوفة ومكتملة الأركان المادية والمعنوية، وأدواتها الجرمية واضحة ومبينة بالوقائع والفيديوهات وشهادة الشاهدة نور إبنة الشهيد شلهوب. وهذه الجريمة تستدعي وتستوجب ملاحقة المحرضين والفاعلين والمتدخلين ومن وراءهم جميعاً، توصلاً إلى الحقيقة كاملة ومعاقبة المرتكبين».
وأكد وضع نفسه «بتصرف عائلتي الشهيدين للتوكل عنهما ومتابعة سائر الإجراءات القانونية اللازمة لاتخاذ صفة الادّعاء الشخصي ضدّ مجهول، وبحق كلّ من يظهره التحقيق فاعلاً وشريكاً ومتدخلاً ومحرّضاً ومقصّراً، ومواكبة التحقيقات والملاحقات القضائية توصلاً إلى الحقيقة كاملة، ومعاقبة المرتكبين والجناة، ليصار إلى حماية المواطنين ووقف عمليات قطع الطرق».
ورأى مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب «أنّ قطع الطرق ومنع المواطنين من التنقل انتهاك لمبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يكفل حق الانسان في التنقل الى اي مكان ينشده».
وقفات تضامنيّة
إلى ذلك، نفّذ عدد من الجمعيات الأهلية في مدينة صور وقفة تضامنية مع شلهوب والجندي، عند الكورنيش البحري. وتحدث المسؤول الإعلامي للحزب السوري القومي الإجتماعي في منطقة صور محمد صفي الدين الذي دعا الدولة اللبنانية بكلّ مؤسساتها الأمنية والعسكرية إلى تحمّل مسؤولياتها، وفتح الطرق كافة ومن دون استثناء، لتمكين الناس من التنقل بحرية وحمايتها من أيّ شكل من أشكال الإبتزاز والإعتداء، مطالباً قيادة الجيش بـ»إتخاذ القرارات التي تحفظ أمن الناس لتفويت الفرصة على المصطادين بالماء العكر».
وألقى كلمة ملتقى الجمعيات في صور أحمد يونس كلمة أمل فيها «من القوى الأمنية كافة إتخاذ كلّ الإجراءات اللازمة لقمع قطّاع الطرق الذين يهدّدون السلم الأهلي».
كما نفّذ طلاب الجامعات في النبطية وقفة مماثلة في شارع الجامعات.
ونظّم حزب الله وحركة أمل والأحزاب الوطنية وفاعليات وقفة تضامنية في ساحة الشهداء بمدينة الهرمل، استنكاراً لـ»الموت المجاني الذي يتسبب به قطع الطرق وحداداً على أرواح ضحايا الفوضى العبثية» شلهوب والجندي وعلي علوه، الذي استشهد قبل مدة.
ورفع المحتشدون لافتات طالبت قيادة الجيش وقادة الاجهزة الأمنية بـ»التدخل وحسم الأمر درءاً للفتنة وتفادياً للمزيد من الدماء المسالة على الطرق».