ماذا وراء عرقلة وصول السلاح الإيراني إلى لبنان؟

روزانا رمّال

عندما تعترض الولايات المتحدة على أيّ مسألة في الشرق الاوسط يعني أنّ «إسرائيل» هي التي تعترض.

عندما تتحدث الولايات المتحدة عن خطر إيراني يعني أنّها تتحدث بلسان «إسرائيل».

عندما تتعرقل صفقات تسليح الجيش اللبناني التي ليست تحت العين الاميركية، يعني أنّ «إسرائيل» هي التي تعرقل.

وعلى اية حال، ليست المرة الاولى التي تتدخل فيها الولايات المتحدة سريعاً للتخريب على أي مساعدة او هبة مقدمة إلى الجيش اللبناني، والحديث اليوم عن الهبة الإيرانية التي وجد فيها اللبنانيون كغيرها من الهبات فسحة أمل بعد القلق الذي ساد من ضعف الإمكانات والقدرات العسكرية لدى الجيش اللبناني للدخول في معركة حساسة كهذه.

الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني كان قد أعلن في زيارته إلى بيروت انّ الهبة ستصل سريعاً…

لماذا الاستغراب إزاء اعتراض نتنياهو وكلامه الأخير أمام الجمعية العامة للامم المتحدة، الذي كان مفاده انّ إيران المسلحة نووياً ستمثل خطراً أكبر بكثير على العالم من مقاتلي «داعش»، وعليه إذا كانت إيران أخطر من «داعش»؟ فكيف ستسمح الولايات المتحدة ان يصل هذا السلاح غير المشروط الى لبنان عبرها…؟

في الواقع انّ ما وراء محاولات العرقلة الاميركية لوصول السلاح الإيراني إلى الجيش اللبناني أكبر بكثير من مسألة محاربة إرهاب او تركه يتمدّد، وهو لا يتعلق بمنع الجيش من قتال «داعش»، أو خوض هذه المعركة بدليل أنّ السلاح عبر غير إيران وحلفائها مسموح بغضّ النظر عن ماهيته، كما انّ الهدف من العرقلة ليس حصر التسليح بأميركا او بحلفائها من عرب او غرب، او حتى منع التواصل مع إيران على أهمية كلّ هذا…

انّ قبول مرور السلاح من ايران الى لبنان بالنسبة للأميركيّين ومن ورائهم «الإسرائيليين» يعني الآتي:

أولاً: انّ تسليح الجيش اللبناني بهذه الطريقة المجانية وغير المشروطة قد يكون مقدمة لفتح قناة دائمة مع الوقت بين الجيش اللبناني وبين إيران، وبالتالي حصول الجيش للمرة الأولى على سلاح نوعي يزعج «إسرائيل»…

ثانياً: انّ وصول سلاح نوعي للجيش اللبناني للمشاركة في معركة مكافحة الإرهاب هذه تحت عين كلّ من يعنيهم الأمر من دول، يعني تسليط الضوء أكثر على سوق السلاح الإيراني حول العالم ولفت الأنظار حول ما سترسل وماهية الأعتدة وطبيعتها وصناعتها، ومستوى التطور التكنولوجي فيها، وهذا فيه من الضرر ما يكفي للسلاح الاميركي الذي تسعى واشنطن الى فتح أسواق جديدة له، والتي لطالما استغلت شعوب الشرق الاوسط ونكباتها لبيعه.

ثالثاً: وصول السلاح للجيش اللبناني يعني تقويته، وهذا ما كان مرفوضاً منذ عقود على الرغم من الأصوات التي تعلو دائماً في وجه حزب الله داعية إياه الى التنحّي جانباً، وترك أمر السلم والحرب بيد الجيش اللبناني، إلا أنّ أحداً من أصحاب هذه الأصوات لم يسع الى العمل على تقوية الجيش اللبناني، أقله لإسقاط الحجة أمام حزب الله بالمعنى السياسي، وهذا فيه ما يؤكد أنّ هناك من لا يريد تسليح الجيش اللبناني ولو بالمجان كما يحصل اليوم، وكما حصل في كلّ مرة حاولت فيها أي دولة إرسال سلاح نوعي إلى الجيش، لأنّ وجود جيش قوي كبير ومنظم يلتفّ حوله اللبنانيون بإجماع على الجبهة ضدّ «إسرائيل» هو امر مرفوض تماماً.

رابعاً: انّ اي مساعدة إيرانية للجيش اللبناني ستشكل حتماً حالة من الالتفاف الشعبي والامتنان اللبناني لهذا البلد الذي قدم المساعدة، والذي يُعتبر بالنسبة إلى «إسرائيل» وأعوانها داعماً للارهاب، وهذه الحالة أخطر ما يمكن ان يطرأ على النسيج الداخلي اللبناني بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها داخل لبنان وخارجه.

يبدو جلياً أنّ محاولات العرقلة الأميركية ستستمرّ مهما كان الثمن، هذا ما تحدثت عنه المصادر المتابعة، فاللغة الاميركية الحادة تدلّ إلى انّ هذا الملف مصيري بالنسبة إلى الاسرائيليين ولا يمكن ان يمرّ من دون ان يرتب على لبنان تبعات مباشرة.

وعليه… من غير المستبعد ان تسارع الدول التي عرضت على لبنان مساعدة جيشه إرسال الدعم له… هذا الجيش الذي تنتظره استحقاقات كبرى في معركته ضدّ الإرهاب الذي يجتاح الشرق الاوسط.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى