جمعة: آن الأوان لجعل العلاقات الثنائية على جدول الاهتمام السياسي والاقتصادي والاجتماعي
مصطفى الحمود
رعى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ممثلاً بالنائب إميل رحمة، حفل افتتاح جادة «أبيدجان» في بلدة الزرارية، بحضور سفير ساحل العاج جيلبير جوه، النائب علي عسيران، مدير عام وزارة المغتربين هيثم جمعة، عضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل» خليل حمدان، رئيس بلدية ماركوري آبي راوول، رئيس الجالية اللبنانية في ساحل العاج نجيب زهر، قنصل أبيدجان رضا خليفة، القنصل سعيد فخري، نائب رئيس الجامعة الثقافية في العالم القنصل رمزي حيدر، رئيس الحركة الثقاقية بلال شرارة، وحشد من أبناء الجالية اللبنانية في ساحل العاج، رئيس وأعضاء المجلس في بلدة الزرارية، وفعاليات بلدية واختيارية.
استُهلّ الحفل الذي أقيم في مجمع نبيه بري الرياضي ـ الزرارية، بالنشيدين الوطني ونشيد ساحل العاج، تقديم من المربي محمد محي الدين
ثم ألقى جوه كلمة أشاد فيها «بالعلاقات التاريخية بين البلدين، ودور الجالية اللبنانية في نهضة ساحل العاج»، شاكراً لبلدية الزرارية «خطوة تسمية أحد شوارع البلدة باسم أبيدجان».
بعدها، ألقى رئيس بلدية ماركوري كلمة أشاد خلالها بالتعاون بين الشعبين اللبناني والأفريقي.
ثم تحدث رئيس بلدية الزرارية عدنان جزيني، عن «دور الاغتراب اللبناني في تنمية البلدة وسائر مناطق الجنوب واحتضان الرئيس بري للاغتراب».
وألقى جمعة، بدوره، كلمة قال فيها: «بين لبنان والكوت ديفوار علاقة حب متجددة منذ ما يزيد عن 100 عام. فهي صداقة ثابتة بعمقها الانساني الذي تجلى مؤخراً بمشاعر الحزن العميقة التي أصابت كلّ بيت في لبنان، إثر الاعتداء الإرهابي الأخير الذي كان بمثابة اعتداء على كلّ واحد منا».
وأضاف: «في بلدكم استقبلتم ولا تزالون جالية متعاقبة أباً عن جد، وفي تراب أرضكم اختلطت أجسادهم وأجساد مواطنيكم. في بلدكم ولد كثير منا من زواج واختلاط عائلة واندماج في حياة المجتمع، منا من يذكر بلدكم وقد ولد فيه طفلاً ومنا من يذكره وقد أتى إليه شاباً كادحاً، ثم مسؤولاً حكومياً».
وتابع جمعة: «هذه الجالية هي مجاهدة تعمل بعرق جبينها، ليس في مجال التنقيب عن المعادن والثروات الطبيعية فحسب، إنما تعمل في البحر والبر ومختلف شؤون الأعمال وتنخرط بشكل كامل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لبلدكم، وهي علاقة تستمر بهذه المودة. أذكر بكلّ فخر انحياز بلدكم إلى جانب شعبنا في مقاومته للاحتلال الإسرائيلي، وأقول بكل عرفان إنّ دعم الاغتراب اللبناني، خصوصاً من القارة الأفريقية ومن الكوت ديفوار بالتحديد، كان خير معين للبنان في أيامه الصعبة التي مضت».
وأشار إلى أنّ «افتتاح شارع الكوت ديفوار في الزرارية في هذا الوقت، هو أصدق تعبير عن المحبة بين بلدينا وشعبينا، وهو توقيت يحتاج إلى تأكيد زيادة التكافل في ما بيننا، خصوصاً أنّ جاليتنا مستهدفة في رموزها، وأفريقيا العزيزة تقع على منظار تصويب الإرهاب والصراع الاقتصادي بين القوى الكبرى على خيراتها، فالإرهاب جعل له قواعد ارتكاز في عدد من البلدان، وقد زعزع استقرار ليبيا ويسرق مواردها، وحوّل جزءاً من شواطئها إلى موانىء للاتجار بالبشر، كما يهدّد كل دول الجوار الليبي، والأمر نفسه يسحب نفسه على مالي والجوار المالي، وقد ضرب الإرهاب في بلدكم قبل أسابيع وقبله في لوسكا، ويهدّد بالقدر نفسه نيجيريا والصومال وعموم القارة».
ولفت إلى «أنّ الإرهاب الذي يتعرض للهزائم وأقصى الضغوطات الوطنية والإقليمية والدولية في آسيا، خصوصاً الشرق العربي، يحاول نقل حروبه الدموية إلى أفريقيا مع تهديد أوروبا والعالم بالإرهاب»، مضيفاً: «إنّ أفريقيا تقع اليوم على خرائط التنافس والاستثمار، ونحن نتابع التوظيفات المالية والدولية الكبرى في الامن والدفاع وشبكات النقل، في الوقت الذي تنتظر فيه أفريقيا الاستثمار في التنمية الشاملة على خلفية مسوحات لاحتياجاتها لمواجهة وقوع الكثير من شعوب القارة تحت خط الفقر وتفشي الامراض الخطيرة والحاجة الى فرص عمل».
وختم جمعة: «لأننا في لبنان معنيون بحاضر ومستقبل أفريقيا، كما كنا معنيين بتاريخنا، وقد كانت بين صور وممالك الشاطىء اللبناني موانئنا البحرية، وخفقات أشرعتنا وبين أفريقيا علاقة لا تُمحى. إنّ اللبنانيين هم من أسّسوا قرطاج وغيرها على شواطىء شمال أفريقيا، وهم الأكثر التصاقاً بأفريقيا بحكم الجوار وخطوط الاتصال البحرية، وكانوا طليعة الواصلين إلى قارتكم هرباً من الاحتلالات منذ القرن الثامن عشر بحثاً عن الأمان وعن حياة كريمة. إننا نتابع بقلق أحوال العديد من دول أفريقيا تحت ضغط انخفاض أسعار النفط والذهب. كما أننا معنيون مجدداً باكتشاف الوسائل التي تسهم بصعود أفريقيا مجدداً، وبإنشاء أفضل العلاقات العربية الأفريقية واللبنانية، وفي هذا الصدد فقد شدد الرئيس نبيه بري خلال رئاسته في القاهرة للمؤتمر 23 للاتحاد البرلماني العربي على ضرورة انعقاد المؤتمر البرلماني العربي الأفريقي الرابع عشر في أبيدجان، الذي تمّ في مطلع الشهر الجاري، وعلى مشاركة رؤساء البرلمانات العربية في هذه التظاهرة البرلمانية، بقصد رسم استراتيجية مشتركة للتعاون العربي الأفريقي وتأكيد التصدي المشترك لظاهرة الإرهاب. آن الأوان لجعل العلاقات المتبادلة فيما بيننا على جدول الأعمال والاهتمام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وأتمنى أن يكون هذا الحدث مع زيارتكم فاتحة ومقدمة لعلاقة رسمية على مستوى العلاقة الإنسانية التي شيدها المغتربون، الذين كانوا وما زالوا يمثلون جسر العلاقات الإنسانية بين البلدين. إنّ لبنان على أتمّ الاستعداد لأن يكون واجهة العلاقات بين بلدكم بصورة خاصة والعالم العربي، كما أننا بانتظار إنجاز لبنان لانتخاباته البلدية وإطلاق فعاليات مؤسساته التشريعية والتنفيذية، لنكون على أتمّ الاستعداد لاتخاذ مبادرات لتعزيز العلاقات الثنائية».
وفي الختام تحدث ممثل الرئيس بري النائب اميل رحمة مشيداً بتفاني الشعبين اللبناني والأفريقي من أجل إنماء بلديهما.
ثم انتقل الجميع وأزاحو الستار على اللوحة التي تؤرخ افتتاح جادة أبيدجان.