مرافعة نصر الله: رباعية الانتصار في حضرة ذو الفقار…!
محمد صادق الحسيني
قاطعاً كسيف ذو الفقار وحادّاً كسكاكين قيادة انتفاضة شباب فلسطين وحازماً مع أسياد التكفيريين وصاحب حق اليقين في استراتيجيا الحرب والسلام في سورية والمنطقة. كلها ظهر السيد نصرالله في أسبوع تأبين الشهيد القائد مصطفى بدر الدين ملخصاً الموقف كما يجب أن يكون:
1 ـ نحن لم نبرّئ «إسرائيل» مما حصل…
2 ـ الردّ سيكون قاسياً وخارج مزارع شبعا…
3 ـ ثمة غرفة عمليات تديرها السعودية في الأردن…
4 ـ لدينا اليقين من النصر في سورية…
هذا الكلام هو خلاصة مكثفة لما قدّمه سيد المقاومة من مرافعة تاريخية يستأهلها قائد جهادي كبير كمصطفى بدر الدين، الذي أشكل البعض على حزب الله بأنه قد يكون أربك بسبب ما وقع له في سورية، فيما ذهب آخرون مثبطون ومرجفون في المدينة بأنه قد يكون أحرج فأخرج منها…!
ليس حزب الله وليست إيران كذلك، وبالتأكيد ليست قيادة سورية الأسد من يضعف أو يتعثر، أو يفرّ من مواجهة تحديات الحرب بالوكالة التي تخوضها كلٌّ من واشنطن وتل ابيب عبر أداتهما السعودية وأخواتها التكفيرية من سائر الأذناب الإقليمية الصغيرة…!
وكما كانت شهادة الحاج عماد مغنية فاتحة عهد جديد في الحرب المفتوحة ضدّ الصهاينة وأذنابهم الذين تورّطوا في اغتياله ومن بينهم السعوديون…
فإنّ شهادة القائد الجهادي السيد مصطفى بدر الدين ستكون فاتحة عهد جديد من الحرب المفتوحة ضدّ التكفيريين السعوديين وأسيادهم من الأميركيين و«الإسرائيليين»…
هذا ما كان قد حمله أولاً بيان حزب الله القصير، ولكنه المرعب في غموضه وحربه النفسية بعد أربع وعشرين ساعة على اغتيال ذو الفقار…
وهذا ما تضمّنته مرافعة السيد نصرالله في رباعيتها الواضحة والشفافة الآنفة الذكر، ولكنها المرعبة أيضاً، وهي تربط بين خيوط المؤامرة على المقاومة ومحورها…
إنّ السيد نصرالله الذي اطلع بدقة على سير التحقيق بخصوص ما وقع لرفيق دربه السيد مصطفى بدر الدين يعرف كذلك جيداً كيف يقاتل العدو الصهيوني ويغرز السكين في نحره فيوغل في إرعابه عندما يصرّح صادقاً وموضوعياً بأنه لم يبرّئ «الإسرائيليين» من اغتيال ذو الفقار…!
من جهة أخرى فهو يعرف أيضاً كيف يرعب أعراب الجاهلية الجديدة من الرجعية العربية، عندما يضع النقاط على الحروف بتذكيره إياهم، بأنه على علم بكلّ ما تخطط له غرفة عمليات موك المموّلة سعودياً في الأردن، في إشارة واضحة إلى أنّ قذيفة التكفيريين ما كانت لتتوجه إلى ذو الفقار إلا بأوامر من غرفة العمليات تلك، والتي قال عنها نصرالله صراحة: «إنها هي التي تصعّد في الميدان وهي التي تخرّب في السياسة…»!
وفي الوقت نفسه لا ينسى مطلقاً أن يعيد إلى أذهان الشيطان الأكبر الأميركي بأنه ومهما فعل من «تفاهمات» أو تلاعب ببيادقه الكبيرة أو الصغيرة في الميدان أو في السياسة، فإنّ ما ينتظره من مصير على بوابات الشام ليس سوى تجرّع مزيد من السمّ مجدّداً راسماً نهايات المواجهة الاستراتيجية في سورية بيقين النصر المبين للمقاومة ومحورها دون ترديد…
هذا فيما ترك ذلك البعض من أبناء الطبقة السياسية في لبنان ممّن هاجموا الشهيد القائد وتنطحوا للنيل منه أو من المقاومة، لحكم التاريخ الذي سيسجل خسّتهم وكونهم أشدّ كفراً ونفاقاً كما مموّليهم الإقليميين الذين ينضحون بما يمتلئ به إناؤهم من الخسة والنذالة، داعياً جمهور المقاومة ومحبّيها إلى الترفع عن الردّ على أمثال هؤلاء، لأنهم لا يستأهلون الردّ، ومن باب «أنّ الباطل يموت بترك ذكره»…!
ليس الأعراب هم الذين قرأوا مرافعة نصرالله جيداً وبعناية، بل هم الإسرائيليون ومن ورائهم الأميركيون الذين سيحسبون من الآن فصاعداً لمعاركهم مع المقاومة ألف حساب، بعد أن كشف هذا السيد المتقن لفنّ الحرب النفسية، عن وجود جيل من القيادات الاحترافية على غرار القائد ذو الفقار وخلفه جيل آخر يقف في الصف الثاني في المرتبة في قيادة غرف العمليات العسكرية والأمنية إنْ في سورية أو العراق أو على الجبهة المباشرة والملاصقة لأرض فلسطين…
ما يعني بأنّ حزب الله لم يعُد مجرد مقاومة شعبية ترعب جنود العدو الصهيوني في حال اندلاع أيّ حرب جديدة ضدّ لبنان فحسب، بل تحوّل هذا الحزب بالفعل إلى قوة إقليمية عظمى ينبغي لواشنطن وحلف الأطلسي أن يأخذ ذلك في الحسبان، في حال تفاقمت سياسة التوتر والشدّ والجذب بين واشنطن وموسكو وحلفائهما على الأرض السورية إلى حرب إقليمية موسعة، أو حرب عالمية محتملة، كما يلوّح بها بعض القادة الغربيين بين الفينة والأخرى…
إنها الحرب النفسية الصادقة والواضحة والشفافة التي لا مثيل لها في تاريخ الحروب ولا تشبه إلا زمن دولة محمد بن عبدالله كما يقول نصرالله، حيث كان النصر حليف كلّ معركة كان لها ذو الفقار ذلك الزمان وكلّ زمان كما هو معروف، وهو القائل بأنّ سرّ النصر يكمن في أن تحارب عدوك على قاعدة «أنت ونفس عدوك عليه…»!
فتكون أنت الرابح بكلّ المقاييس وفي كلّ الظروف والحالات وأياً كانت موازين القوى المادية، لأنك تقاتل من أجل نيل إحدى الحسنيين، وأنت واثق من أنّ النصر حليفك لا محالة أياً تكن إحدى الحسنيين هذه قد أصابتك، فأنت تعود لقواعدك وإنْ شهيداً لكنك حاملاً راية النصر، كذلك كما هي حال ذو الفقار مصطفى بدر الدين سبط رسول الله وابن مدرسة علي الكرار…
بعدنا طيبين قولوا الله.