عملية نوعية للمقاومة في تل أبيب تُجهِض مناورات نتنياهو وليبرمان وزراء دفاع روسيا وسورية وإيران في طهران… لحربَيْ حلب والرقة
كتب المحرر السياسي
كما في كلّ مرة تبدو خرائط المنطقة على الطاولة، تستعدّ الحكومة الإسرائيلية لحركة عسكرية سياسية تفرضها لاعباً حاسماً متحكماً بأوراق اللعبة، رغم ضعفها في الميدان، مستقوية بمكانتها الدولية، يفاجئ المقاومون الفلسطينيون الجميع، فيقلبون الطاولة ويغيّرون قواعد اللعبة.
جاء بنيامين نتنياهو بأفيغدور ليبرمان وزيراً لحربه استعداداً لفرضية حرب موضعية، تحرِّك السكون نحو التفاوض، ويكلفه التمهيد لتنازلات مؤلمة تطال المستوطنين بالحديث عن تقدّم الحفاظ على وحدة الشعب على التمسك بوحدة الأرض، في إشارة واضحة للاستعداد للانسحاب من بعض المستوطنات. وتدعو فرنسا بشراكة دولية إقليمية يتقدّمها الأميركي والسعودي، لإطلاق مشاريع التفاوض. ويزور نتنياهو موسكو على وجه السرعة ليعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن استعداد موسكو لاستضافة حوار مصالحة فلسطينية يبدو مطلوباً لصيغ التسوية المتداولة، ويكشف عن قبول نتنياهو بالمبادرة العربية للسلام. ورغم نفي مكتب نتنياهو لذلك كان واضحاً أنّ القبول غطاء لقيام دويلة في غزة يرتضيها الفريقان الفلسطينيان، مع مفاوضات طويلة لا تنتهي حول بنود الحلّ الشامل والنهائي، الحدود والقدس واللاجئين، كما كان واضحاً أنّ الخطة تقتضي منح «إسرائيل» بوليصة تأمين تسقط العلم الفلسطيني من يد محور المقاومة، وتمنح السعودية و«إسرائيل» فرص التحالف المعلن، والتطبيع الاقتصادي وتبادل جوائز الترضية مع الخسائر الشاملة في حروب المنطقة، وتفرض على الشعب الفلسطيني تسوية جهيضة.
في هذا التوقيت خرج المقاومون إلى الميادين يُشهرون السلاح في قلب عاصمة الاحتلال تل أبيب، في عملية نوعية يسقط بنتيجتها أربعة قتلى وعشرة جرحى من المستوطنين، فتنقلب أولويات الاحتلال وتنجذب صوب الإجابة
عن سؤال هل يمكن للتفاهم مع سلطة رام الله وحركة حماس على دويلة غزة أن يوقف هذا النوع من العمليات؟ وهل يتلقى هؤلاء المقاومون أوامرهم من أحد من المفاوضين، أم هم كشباب السكاكين مقاومون وحسب؟
حدث ذلك بينما المنطقة تستعدّ لتطورات كبرى، فالمعلومات الواردة من الكويت تشير إلى تقدّم نوعي في مسار التفاوض اليمني الهادف لحلّ سياسي، بدمج عنوانَيْ تشكيل اللجنة العسكرية الموحدة مع تشكيل حكومة وحدة وطنية، بينما تزامن تقهقر «داعش» في الفلوجة أمام الجيش العراقي والحشد الشعبي، مع تراجع وحدات التنظيم أمام قوات سورية الديمقراطية في منبج شمال شرق سورية، بينما توغلت وحدات تركية للإمساك بمارع من يد «داعش» وتسليمها لبعض الجماعات المسلحة تأميناً لخط الإمداد بين تركيا وحلب.
وفي حلب بدأت طلائع حرب ضارية، وبدأت التحضيرات لحملة عسكرية نوعية بشّر بها الرئيس السوري بشار الأسد ليترجمها لقاء وزراء دفاع روسيا وسورية وإيران اليوم في طهران، لدراسة كيفية توفير مستلزمات الفوز بحربَيْ الرقة وحلب معاً، منعاً لاستغلال الوحدات التركية الداعمة لجبهة النصرة التقدّم العسكري السوري في محاور الرقة لتحقيق اختراق في حلب، والحاجة للسير في التقدّم السوري مدعوماً من الحلفاء على جبهتَيْ الرقة وحلب في آن واحد.
لبنانياً حيث الحسابات السياسية المحلية محكومة بالضياع والارتباك بعد الإصابات التي لحقت بمكانة تيار المستقبل ووزنه الذي بدا كرجل مريض يرفض رئيسه التواضع والاعتراف بأزمته ويكابر، تجري عمليات تموضع هادئة تحت تأثير المتغيّرات التي حملتها الانتخابات البلدية فيغادر بهدوء رموز المستقبل خيمتهم الزرقاء، وبعد الوزيرين أشرف ريفي ونهاد المشنوق، أعلن الوزير ميشال فرعون من معراب، تحت خيمة قواتية دعوته للتعامل مع ترشيح العماد ميشال عون كتعبير عن الشرعية المسيحية، فيما توقعت مصادر عونية وقواتية أن يكون تموضع فرعون طليعة لحراك مشابه بين النواب المسيحيين لـ «المستقبل»، بحثاً عن ضمانات انتخابية مقبلة، لم يعد «المستقبل» قادراً على توفيرها.
على جبهة قانون الانتخابات النيابية، تبدو الآثار البطيئة للمتغيّرات على قراءة تيار المستقبل لوضعه الانتخابي، بترويج قيادات مستقبلية لرفض قانون الستين عبر اتهامات للآخرين بتسهيل العودة إليه، والتلميح إلى فرص قبول نسخة معدّلة من القانون المختلط الذي قدّمه نواب كتلة التنمية والتحرير التي يترأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويُعرف بـ «مختلَط بري» مقابل مختلَط آخر تقدّم به المستقبل بالتعاون مع الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، انسحب منه الاشتراكي، ويشير المستقبل إلى تركه للقوات تدافع عنه بعد نكول قادتها بجميل المستقبل عليهم بتبنّيه كمشروع يحفظ حصص القوات أكثر من سواها.
القوات والكتائب: نعم لمشروع حكومة ميقاتي
بات مؤكداً أن قانون الانتخاب أمام فرصة أخيرة إما الاتفاق على مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يحظى بتوافق القوى السياسية التي كانت ممثلة في تلك الحكومة وإما العودة إلى الستين. فالمختلط تتضاءل فرصته، وكل محاولات التوافق حوله أخفقت، وهناك استدارة حول مشروع ميقاتي، ففي حال سقط، ستكون العودة إلى الستين حتمية.
وتنقل مصادر نيابية أجواء حزب الكتائب وحزب القوات من مشروع الحكومة، وتشير لـ «البناء» إلى أن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، ونائب رئيس حزب القوات جورج عدوان أكدا على هامش اجتماع اللجان المشتركة الموافقة على مشروع الحكومة، وأن تريُّثهما في إعلان موقفهما بشكل واضح مردّه أنهما يبحثان عن مخرج لائق لعدم إحراج المستقبل وعدم تظهيره بصورة الفريق المعطل، لافتة إلى أن تيار المستقبل هو العقدة الأساسية والوحيدة أمام النسبية الكاملة على أساس 13 دائرة.
بري ينتظر جواب المستقبل
ولذلك، سيبحث رئيس المجلس النيابي نبيه بري مشروع الحكومة على طاولة الحوار الوطني في 21 حزيران الحالي على أمل أن يتم الانتقال في ظل تعذّر الاتفاق التقني إلى الاتفاق السياسي على قانون الانتخاب. وأكد بري، بحسب ما نقل عنه زواره، لـ «البناء» أن من الأفضل أن تتجه القوى السياسية إلى إقرار قانون انتخابي جديد وأنه سيسعى أن يكون هذا القانون مشروع حكومة ميقاتي، لا سيما أن الحزب الاشتراكي أكد دعمه لهذا المشروع، وهو ينتظر أن يستمع إلى وجهة نظر تيار المستقبل بعد أن بعث برسالة إلى الرئيس فؤاد السنيورة لمعرفة رأيه في هذا الشأن.
«الستين» سيعيد تحريك الشارع
وأبدى بري انزعاجه من نقاشات اللجان المشتركة التي لم تتوصل إلى نتيجة، لا سيما بعد أن أبلغه النائب فريد مكاري أمس، أن «النقاشات طاحونة ماء». وقال بري: إذا بقيت الأمور على هذه الحال من المراوحة فإن الأمور ستتجه نحو الستين، ولا احد يفكر بالتمديد. أنا أدرك جيداً وأظن أن كثيرين يدركون أيضاً أن إجراء الانتخابات على أساس الستين سينطوي على محاذير، لأنه لا يلبي تطلعات الناس وسيعيد تحريك الشارع وليس مستبعداً أن نجد أنفسنا في مواجهة الحراك المدني مجدداً ويُخشى أن تتدنّى نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية، كما حصل في الانتخابات البلدية في بيروت وطرابلس، ولن يتمكن أحد من الطعن بالنتائج وسيكون ذلك مدعاة للنيل من المستوى التمثيلي للمجلس النيابي.
ومن المتوقع أن يستبق الرئيس سعد الحريري موعد الحوار بإعلان موقف تيار المستقبل من قانون الانتخاب، فهو سيطل في الأيام القليلة المقبلة خلال إفطارات رمضانية للحديث عن استحقاقات داهمة سياسية ونيابية وتنظيمية داخل تياره.
وفي الملف الرئاسي الذي لم يحن أوانه بعد، أوضح سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري أن أهم أهداف عشاء اليرزة الذي جمع كل القيادات اللبنانية حول الطاولة في البيت السعودي «كان التأكيد أن المملكة على مسافة واحدة من الجميع». شجع عسيري «كل الأفرقاء على التكاتف والتحاور لإنقاذ هذا البلد من الفراغ الرئاسي، فينتظم عمل المؤسسات وتستعيد الدولة قدراتها»، إلا انه أكد في المقابل، أن «هبة الـ 4 مليارات دولار ألغيت وطويت صفحتها». وجدد السفير السعودي استغرابه مضمون مواقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وكلامه «الذي لا مبرر له على الإطلاق». ورفض الكشف عن تفاصيل اللقاء الذي جمعه بالمشنوق مساء الأحد، مكتفياً بالقول: «لقد شرح وجهة نظره، لكنها ليست للنشر، وسأنقلها إلى المسؤولين في المملكة».
فرعون: نعم لعون رئيساً
وحفاظاً على موقعه في الأشرفية في الانتخابات النيابية المقبلة بعد التحالف الثاني، يواصل وزير السياحة ميشال فرعون تمايزه عن نواب ووزراء كتلة المستقبل. وأشار أمس من معراب إلى انه بعد اتفاق الفريقين المسيحيين بات ترشيح العماد عون له شرعية مسيحية يجب التداول به وإيجاد الضمانات التي تطمئن الجميع.
قال العميد الركن المتقاعد شامل روكز «إن الحياة السياسية في لبنان تنتظم عندما يتم انتخاب رئيس للجمهورية، وإنه عندما ينتخب رئيس للجمهورية وتعود الحياة السياسية إلى البلد سيكون له موقف من كل القضايا التي تحصل، ولن يبقى ساكتاً».
ودعا «الشباب اللبناني إلى التمرّد والثورة على الفساد وعلى كل الأمور التي يرونها خطأ: الابتزاز الحاصل في المؤسسات والرضوخ للسياسيين، مؤكداً «أن هذه الثورة والتمرد يجب أن يكونا من خلال صناديق الاقتراع سواء كانت نيابية أو بلدية، وذلك من أجل مستقبل أفضل للبلد».
ولفت إلى «ضرورة عدم الخوف من كل ما يُقال بالنسبة للإرهاب والوضع الأمني في لبنان»، مشيراً «إلى أن ليس كل ما يُقال يكون صحيحاً، بل للاستغلال السياسي والانتخابي». وأكد «أن في لبنان جيشاً قوياً يستطيع الدفاع عن لبنان، وهو جيش شعب وليس جيش نظام»، داعياً إلى «عدم الخوف من الإرهاب أينما وجد في لبنان».
سد جنة أداة لتطيير الاتصالات
إلى ذلك، تعود الملفات الخلافية اليوم لتخيّم على جلسة مجلس الوزراء، التي على جدول أعمالها 61 بنداً أبرزها سد جنة وملف النفايات، بالإضافة إلى 9 مشاريع مراسيم. وأبدت مصادر وزارية قلقها من أجواء جلسة الغد في ضوء الخلاف حول سد جنة، متمّنية أن تقطع هذه الجلسة بسلام». ولفتت مصادر وزارية إلى خلاف بين الوزراء حول جدوى إنشاء هذا السد وآثاره السلبية على البيئة. مشيرة إلى تقارير تتحدّث عن ضرورة لإنشائه وأخرى تتحدّث عن آثاره البيئية الضارة ومنع هذا السد المياه من الوصول إلى البحيرة الموجودة في أسفل المكان.
وأشار وزير الإعلام رمزي جريج لـ»البناء» إلى انه سيقترح خلال الجلسة تكليف خبير دولي يتولى زيارة موقع السد والاطلاع على الدراسات التي أجريت حوله، وتبيان جدوى هذا السد من عدمه. وفي ملف النفايات أشار جريج إلى أن من المفترض أن يشكل مجلس الوزراء اليوم لجنة من الوزيرين نهاد المشنوق ومحمد المشنوق للإشراف على عمل البلديات، التي بحسب خطة الوزير شهيب ستتولى أمور النفايات. ولفت إلى تصور جديد لبلدية بيروت من شأنه أن يعدل في الخطة التي وضعها الوزير أكرم شهيب بإنشاء مطمرين في برج حمود والجديدة ومطمر في الكوستابرافا، معتبراً أن مجلس الوزراء سيبحث الأمور من هذه الزاوية، لا سيما أن الخطة لا تنص فقط على الطمر إنما على المعالجة، لكن ما يحصل أن 93 من النفايات تطمر و7 تعالج. وهذا مخالف لما تمّ الاتفاق عليه، ويعيدنا إلى ما كنا عليه قبل أزمة النفايات.
أما وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب فأكد لـ «البناء» أن «سد جنة ليس المشكلة، فهو يستعمل لتضييع الوقت، ووضع على بساط البحث في الجلسة الماضية لشراء الوقت كي لا يناقش ملف الاتصالات، ولذلك فإن المشكلة تكمن في هذا الملف». وأشار بو صعب إلى «أن وزير الاتصالات بطرس حرب سيغيب عن الجلسة اليوم، ولذلك لن يطرح ملف الاتصالات على طاولة مجلس الوزراء»، مرجّحاً أن لا يتوقف مجلس الوزراء اليوم مطولاً عند سد جنة إنما المرور عليه مرور الكرام، فليس المطلوب اتخاذ أي قرار جذري بشأنه في الجلسة، لا سيما أن هذا البند كان في نظره أداة لتطيير الجلسة السابقة كي لا تتطرّق إلى ملف الاتصالات، فالمطلوب شراء الوقت عند بعض الوزراء لغاية في نفس يعقوب في هذا الملف». وتوجّه إلى وزير البيئة بالقول إذا كان الوزير المشنوق مهتماً بموضوع البيئة، فيتوجب عليه دراسة الأثر البيئي المترتب عن مطمرَي برج حمود وكوستابرافا أسوة بما يدّعيه عن سد جنة.
لجنة تحقيق نيابية
وكان الرئيس بري أكد ضرورة استمرار لجنة الاتصالات في متابعة قضية الانترنت غير الشرعي إلى النهاية وأنه سيقاتل في سبيل أن يبقى هذا الملف حياً. وقال في لقاء الأربعاء النيابي إنه إذا استمر التباطؤ القضائي في هذا الموضوع، فإنه سيدعو مع بدء العقد العادي للمجلس إلى جلسة لتشكيل لجنة تحقيق نيابية تملك صلاحيات قضائية من أجل حسم الأمور في هذا الملف.
إلى ذلك، قرّر قاضي التحقيق في بيروت فادي العنيسي، ضمّ ملف استجرار الإنترنت إلى قضية «غوغل كاش»، بعدما أرجأ إلى 16 الحالي، استجواب 6 مدّعى عليهم في القضية، هم المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف و5 آخرين، بعدما استمهل وكيل يوسف لتقديم مذكرة دفوع شكلية والخمسة الآخرون لتوكيل محامين وتقديم مذكرات دفوع شكلية، في جرم استجرار خدمات الإنترنت غير الشرعي وعلى المدعى عليهم الآخرين في جرم اختلاس المال العام والتهرب من دفع الضرائب والرسوم والإهمال بالوظيفة .