«مخامرة» فلسطين.. قرابة الوعي.. والبطولة
نظام مارديني
ستبقى ترددات عملية «تل أبيب» البطولية التي نفّذها الفدائيان محمد وخالد مخامرة واستشهدا، تُسمع وتُعلّم في عقل محمود عباس الموجود في كل المواقع عدا المقاومة. كما في عقل خالد مشعل الدوحة أو إسماعيل هنية الذي قبّل يدي داعية الفتنة يوسف القرضاوي.. قال الشهيدان لكل مواطن في بلادنا، لا تكن بلا شجاعة كي لا تشعر بأنك مجرد حشرة ترتجف من ضفدع.
قالا: لا يبدأ الاستشهاد من الشجاعة رغم أنه لا يكون إلا بها.
ولا ينتهي فقط إلى البطولة رغم أنه لا يكون إلا بممارستها.
بين الشجاعة والبطولة قرابة الوعي.
بين الشجاعة والوعي قرابة الثقافة.
بين الثقافة والوعي قرابة العقيدة.
ورغم مرارة خيانات البعض التي تقتلنا كل دقيقة في عالم الخنوع وقد أخذت قوتنا وشبابنا ونضارتنا ومضت بها إلى المقابر. هنا دقت المقاومة الفلسطينية قلب الاحتلال دقاً بهياً ووجهت ضربة مؤلمة له متحدية منظومته الأمنية، لتؤكد من جديد أن لا شيء يستحق بقاءنا بأيدٍ مكتوفة ملفوفة على البطون والخواصر، كأننا نصلي في حضرة رب العالمين فقط وننتظر منه أن يحرر لنا فلسطين، إن شاء.
تساءل الشهيدان مخامرة، لماذا يفترض أن تكون السجادة الحمراء إلى البيت الأبيض مصنوعة من الجثث ومصبوغة بدم الأطفال الملائكة الفلسطينيين والسوريين والعراقيين واللبنانيين تحديداً؟
الآن، بات باستطاعتنا أن نرى كاتباً، أو مفكراً، يتحدّث عن التوأمة بين الكعبة وهيكل سليمان، وعن التداخل الإلهي، وبالتالي العضوي وربما الاستراتيجي أيضاً، بين التوراة والقرآن.. هل سنشهد غداً دمجاً للتوراة والقرآن «تورآن» في كتاب كما تم دمج الإنجيل والتوراة في كتاب مقدس واحد بهدف إعطاء قدسية للنصوص التوراتية المسروقة من الحضارة السورية؟
يتسع قاموسنا لمزيد من هؤلاء الخونة، من أكاذيبهم وفضائحهم وانتكاساتهم وسقوطهم وخياناتهم ورواياتهم.. آخرهم كان أمين معلوف الضائع في هوياته القاتلة، المهووس بليون الأفريقي يحطُ رحاله في ليون «الإسرائيلي».. وقد أراد أن يختم رواية حياته ليسكن في مساكن المحتل ويلبس لباسه وينام في فراشه، كما يفعل أي ساقط يساري ثوروي آخر.. نعرفهم بالأسماء والعناوين.
الثنائي مخامرة ردّا لقلب فلسطين النبض وفي قلبها المغتصب، ببطولة على الانهزامية الفلسطينية والعربية حيناً، وحيناً على البلاهة العربية، التي دفعت الجامعة العربية وأمينها، النبيل العبري، للتخطيط لعقد صفقة استراتيجية بعيدة المدى مع «تل أبيب» للوقوف في وجه المقاومة الفلسطينية التي إذا ما بقيت على تطورها الحالي، فلن يكون هناك موطأ قدم للعربان لا في الجغرافيا ولا في التاريخ ولا حتى في الميثولوجيا العربية التي لا تجد في بعض النصوص المقدسة إلا نكهة الكافيار وفي البعض الآخر نكهة العدم!
مبادرة الاستسلام العربية لن تفعل شيئاً سوى أنها تستحضر خرافة أسطورة سام، وظلال أبو الأنبياء إبراهيم الذي جلب فكرة التوحيد معه من بلاد ما بين النهرين.. فهل ننسى «مرودك» إله التوحيد عند السومريين؟
إن محاولة تسوية المسألة الفلسطينية بانهزامية، كتشكيلها بشكل تلقائي لانهائي يبعثر أضلاع قفصها، فيما يقوّي العمود الفقري للاحتلال، ويعطي لمعناه ملامحه السرطانية.
يقول المثل الكنعاني: «حين يكون عقل الثور في قرنيه قد يخرّ صريعاً أمام ذبابة».. وقد طبق الثنائي مخامرة هذا المثل بكيان الاحتلال.
ختم الشهيدان مخامرة بالأمس مأثرتهما: البطولة لا تولد إلا في رحم ثقافي قومي متنوع ومضيء بالبطولة.