البيشمركة تتسلم أسلحة غربية ثقيلة وبغداد تطالب بالتنسيق معها
في ظل تقدم القوات الأمنية العراقية في مواجهة مسلحي «داعش» بدأت الأخيرة وملحقاتها تتراجع في أكثر من منطقة حيث يواصل الجيش العراقي عملياته البريّة والجويّة، في ظل دعم شعبي لقتال التنظيم التكفيري. وشهد قضاء سامراء في محافظة صلاح الدين الذي تسيطر عليه قوات الأمن وقوات الحشد الشعبي اشتباكات في منطقة جلام أسفرت عن قتل أربعة مسلحين وإصابة ستة آخرين.
أما في نينوى، فتتواصل العمليات البرية والجوية في ظل أنباء عن تحشيد شعبي في قلب مدينة الموصل لقتال «داعش»، وتشير هذه الأنباء إلى هروب عدد من عناصر التنظيم إلى مناطق أخرى، لا سيما بعد الكشف عن تطوع عدد كبير من أفراد العشائر العربية للقتال إلى جانب قوات البيشمركة في ناحية الكوير.
ففي الموصل، انسحب عدد كبير من عناصر «داعش» نحو ناحية زمار شمال محافظة نينوى، بعد اشتداد الضربات الجوية للقوات الأمنية لمعاقلها في مناطق متفرقة من المدينة. وذكر مصدر أمني أن القوات الأمنية والبيشمركة تستعد لتنفيذ هجوم كبير على ناحية زمار شمال غرب الموصل من جهة قرية سحيلة شمال الناحية المتاخمة لقضاء زاخو. وتابع المصدر أن عصابات «داعش» الإرهابية بدأت تنسحب من منطقة نفط عين زالة وأجزاء من ناحية زمار شمال غربي الموصل مع اشتداد القصف.
هذه التطورات لم تكن بمنأى عمّا يجري في الأنبار، إذ أن القوات الأمنية المدعومة عشائرياً تستكمل جهودها لتأمين قضاء حديثة بالكامل، فيما صدّت اليوم هجومين منفصلين على بعض المناطق في مدينة الرمادي.
تداعيات تسليح البيشمركة
كشفت مصادر مطلعة أن إقليم كردستان تسلم أسلحةً ثقيلة من أميركا وفرنسا، وهو الأمر الذي تخوف منه التحالف الوطني الذي رأى أن مسألة تسليح البيشمركة بالأسلحة الثقيلة أمرٌ خطر، مؤكداً أن صفقات الأسلحة يجب أن تكون فقط عن طريق الحكومة الاتحادية. باعتبار أن هذه الصفقات تعزز قدرات الانفصال. وقبل ذلك يعتبر أيضاً خرقاً دستورياً بتقديم السلاح قبل التنسيق مع بغداد.
ويحاول قادة إقليم كردستان أن يخففوا من وطأة ذلك عبر القول بأن تسليح البيشمركة يهدف إلى مواجهة «داعش»، وعلى الحكومة الاتحادية ألّا ترتكب خطأ عدم اعتبارها ضمن قوة وزارة الدفاع، لكن أنباء تسليح الإقليم وخصوصاً بالسلاح الثقيل كانت لها أصداء مختلفة في بغداد.
وكان إقليم كردستان قد تسلم أسلحة ثقيلة من بينها قذائف مدافع وهاونات ومدافع رشاشةٌ من عيار مئة وستة ملليمترات واثنين وثمانين ملليمتراً وقذائف آر بي جي، والجديد صواريخ مضادة لمركبات الهمر العسكرية من منشأ فرنسي، ووصلت التجهيزات بالفعل والإشكال الدستوري يتمحور حول ضرورة إبلاغ بغداد لإطلاعها على حاجات الإقليم أولاً، ولكي يكون التجهيز عن طريق وزارة الدفاع العراقية.
وكانت تحذيراتٌ عدة قد أطلقت تنبه إلى مخاطر تسليح إقليم كردستان بنحو مباشر من دون التعاون مع بغداد لمواجهة خطر مسلحي داعش من أجل خلق أجواء انفصال الإقليم عن العراق.
الحرب مع داعش فرضت خيار التسليح السريع، هكذا يقدم البعض رأيه. لكن بغداد لها وجهة نظر أخرى تتمثل بتخوفها من تحملها تبعات التسليح وحدها ووضعها أمام أمر واقع مستقبلاً، سواء بنوع السلاح المقدم من دون علمها أو بفواتير شرائه.
آمرلي تصرخ
وفي سياق آخر، تتعرض ناحية آمرلي في قضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين بالعراق والتي تسكنها غالبية شيعة التركمان لكارثة إنسانية منذ 70 يوماً، وذلك بسبب محاصرتها من أربع جهات من قبل جماعة «داعش» الإرهابية.
وتشير مصادر أمنية إلى أن نحو 20 ألف شخص محاصرون من الجهات الأربع منذ أحداث التاسع من حزيران الماضي، التي سيطر فيها الإرهابيون على أجزاء واسعة من محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى ونينوى، ويخشى عليهم من مجزرة جماعية في حال تمكن الإرهابيون من اقتحام الناحية.
وتعاني آمرلي نقصاً في المواد التموينية وانقطاع الكهرباء منذ 20 يوماً بعد هجوم داعش عليها»، التي تحشدت في 30 قرية، وشنت عشر هجمات كبيرة وكاسحة خلال الشهرين الماضيين، غير أن شباب آمرلي وقوة صمودهم أحبطت هذه المحاولات وكبدت داعش خسائر كبيرة جداً.
واستنكر رئيس جماعة علماء العراق خالد الملا «السياسة المزدوجة التمييزية» التي بدت على نهج الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي في التعامل مع المحاصرين من أهالي آمرلي الذي مضى على حصارها أكثر من شهرين من قبل تنظيم «داعش» الإرهابي.
وأضاف الملا إن «العراقيين متساوون في كل الحقوق وعليهم الواجبات نفسها بغض النظر عن دياناتهم وقومياتهم وطوائفهم ومشاربهم الفكرية المتنوعة، ولذا على الجميع التعاطي معهم وفقا لهذا المعيار»، مشددا على «عدم جواز التفريق بينهم والنظر لهم وفقا لهويات فرعية ثانوية».
وأكد الملا، أنه «في الوقت الذي تتجه أنظار العالم نحو محنة الإيزيديين والمسيحيين في شمال العراق ممن يتعرضون لمجازر وعمليات إبادة على يد داعش، فإن المحاصرين في ناحية آمرلي منسيون ولا أحد يُشير إلى محنتهم ومصيبتهم من قبل المجتمع الدولي باستثناء محاولات بسيطة لم تصل لمستوى حل المشكلة من قبل الحكومة العراقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فيها».