ما بعد فشل الانقلاب في تركيا
حميدي العبدالله
تكثر التحليلات والتوقعات بشأن الوضع الذي سوف يسود في تركيا وفي المنطقة، وتحديداً في سورية والعراق، ما بعد فشل الانقلاب التركي.
الانطباع الأبرز هو أنّ نظام الرئيس أردوغان بات أقوى مما كان عليه من الماضي، ولا سيما في ضوء حملة التطهير التي شملت الجيش والقضاء وهما الجهات التي يخشاها الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية والتي تضمّ في صفوفها أبرز معارضي النظام الحالي. وفعلاً بدأت موجة التطهير وتحدّث وزير العدل التركي عن اعتقال ستة آلاف شخص.
كما أنّ مشروع «الإخوان المسلمين» في البلاد العربية والعالم الإسلامي، تلقى دفعاً جديداً بعد هزائمه في مصر وتونس، لا سيما أنّ تركيا، كونها أكبر دولة إسلامية تمثل عمقاً للإخوان، وتشكل رافعة فعّالة في بقائهم ونشاطهم على مستوى المنطقة والعالم الإسلامي.
الانقلاب سيقود أيضاً إلى تسريع قيام نظام رئاسي، أو بالأحرى تكريس النظام الرئاسي الذي أقامه أردوغان في الفترة السابقة، دستورياً لأنه بات قادراً الآن على تغيير القوانين بما يساعده على تحقيق هذه الغاية. الأرجح أنّ كلّ هذه التوقعات هي التي سوف تطبع سلوك نظام الرئيس أردوغان في الفترة المقبلة. ولكن هذا جانب واحد من الصورة، ولا يجب إغفال الجانب الآخر الذي يتلخص، على الأقلّ بثلاث مسائل أساسية لا يمكن إلا أن تترك آثارها على الأوضاع في تركيا.
المسألة الأولى، إنّ غياب الاستقرار سيؤثر على الأوضاع الاقتصادية بشكل أكثر سلبية مما كان عليه في السابق، ولعلّ قرار روسيا والولايات المتحدة منع مواطنيها من زيارة تركيا مجرد إشارة ودليل أول على ما سيحصل في تركيا على المستوى الاقتصادي.
المسألة الثانية، الحرب مع الأكراد سوف تتصاعد في المرحلة المقبلة، ومن شأن تصاعد هذه الحرب، أن يقوّض الاستقرار في تركيا بقوة أكبر مما هو عليه الحال الآن، لا سيما أنّ الأكراد لهم تواجد هامّ في المدن الكبرى مثل اسطنبول وأنقرة ومرسين.
المسألة الثالثة، أنّ أردوغان وحزبه لم يعد بوسعهما تجاهل أحزاب المعارضة الكبرى التي وقفت ضدّ الانقلاب، ومن شأن استمرار مضايقة هذه الأحزاب أن يلحق أذى كبيراً بشعبية وحتى شرعية حكم حزب العدالة والتنمية، ولا سيما في ضوء توتر العلاقات الأميركية – التركية على خلفية اتهام أنقرة لفتح الله غولن بالوقوف وراء الانقلاب ومطالبة واشنطن بتسليمه.