هل الجنوب السوري على موعد مع عواصف جنوب جديدة؟
هشام الهبيشان
تزامناً مع العدوان الصهيوني الأخير على محافظة القنيطرة «جنوب سورية»، تؤكد تقارير محلية ودولية أنه يتمّ التحضير لحشد آلاف المسلحين المتطرفين و»المعتدلين» – حسب التصنيف الأميركي ـ مدجّجين بعشرات الأطنان من الأسلحة الفتاكة، والذين سيكونون هم النواة الرئيسية لـ»غزوة» القنيطرة ودرعا، هذه المجاميع المسلحة تسعى من جديد للتحضير لـ»غزوة جديدة لدرعا والقنيطرة»، طبعاً هذه الغزوات يحضّر لها من قبل أجهزة الاستخبارات الصهيونية السعودية الأميركية إلخ… وهذه الأجهزة من الواضح أنها جهّزت الأرضية والدعم العسكري لهذه المجاميع المسلحة المتطرفة لتتحرك بهذا الدعم العسكري والتسليحي واللوجستي بهدف إسقاط مدينة القنيطرة بالتحديد، في محاولة جديدة لتنفيذ مخطط إسقاط المنطقة الجنوبية…
القيادة العسكرية السورية بدورها استشعرت خطورة ما هو قادم ويستهدف القنيطرة ودرعا منذ الموجة الأولى لـ«غزوة القنيطرة» كجزء من مشروع أكبر يستهدف المنطقة الجنوبية ككلّ، والتي تعوّل عليها واشنطن وحلفاؤها في تل أبيب والرياض وأنقرة، كهدف أول يتيح لهم الوصول إلى مسار عسكري يضمن على الأقلّ تعديل مسار التوازنات العسكرية على الأرض السورية.
وهنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ محافظتي القنيطرة ودرعا بموقعهما الاستراتيجي في جنوب سورية تشكلان أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية، وتحتلان أهمية استراتيجية باعتبارهما مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول الجغرافيا السورية، فهما نقطة وصل بين مناطق جنوب سورية ووسط سورية، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية الأردنية السورية الفلسطينية اللبنانية، إضافة إلى كونهما تشكلان نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بالعاصمة دمشق غرباً والحدود الأردنية والفلسطينية واللبنانية جنوباً، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لدرعا والقنيطرة بخارطة المعارك المقبلة في الجنوب والوسط السوري بشكل عام وبغوطتي دمشق بشكل خاص.
اليوم يراقب العالم ككلّ مسار العمليات المتوقعة بالجنوب السوري وأسلوب ردّ الدولة السورية وحلفائها عليها، لأنها تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب على الدولة السورية، وخصوصاً مع الحديث عن استعدادات كبرى يجريها الجيش العربي السوري استعداداً لمعركة كبرى لتحرير ريفي درعا الشرقي والشمالي الشرقي، فاليوم بات لا خيار أمام الدولة السورية إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير أرض سورية من رجس الإرهاب ومتزعّميه وداعميه ومموّليه، وأنّ تقرّر سورية مصيرها بنفسها بعيداً عن تقاطع مصالح المشروع الأميركي الصهيوني وأدواته من الأنظمة الرجعية العربية والمتأسلمة في الإقليم، وجزء من هذا الحسم هو حسم معركة «القنيطرة ودرعا».
اليوم لا يمكن لأيّ متابع إنكار حقيقة الدعم الاسرائيلي السعودي – الأميركي، للمجاميع المسلحة المتطرفة أو المعتدلة حسب التصنيف الأميركي في الجنوب السوري، وكذلك لا يمكن لأيّ متابع أن ينكر أنّ الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على الجنوب السوري، قد تمّت وستتمّ بتعليمات من غرف عمليات إقليمية وعربية، ولا يمكن كذلك إنكار حقيقة أنّ الغارة الإسرائيلية الأخيرة على القنيطرة ما هي إلا رسالة تأكيد لهذه المجاميع المسلحة المتطرفة ومضمونها «أنّ الاسرائيلي موجود وهو في صفكم وسيحمي ظهوركم»، وهنا لا أستبعد نهائياً أن تتدخل «إسرائيل» في أيّ وقت بمجريات المعركة بالجنوب السوري بشكل مباشر، لدعم وإسناد المتطرفين الذين تدعمهم «إسرائيل» بدءاً من سلسلة جبال حرمون وانتهاء بسلسلة جبال القلمون، الذين راهنت عليهم «إسرائيل» طويلاً على أمل أن يشكلوا للكيان الصهيوني حزاماً أمنياً «جداراً طيباً» يعزل الجولان العربي السوري المحتلّ عن عمقه الجغرافي السوري، وبالطبع ينسحب هذا الدعم «الاسرائيلي» للمجاميع المتطرفة بدرعا على السعوديين والأميركيين وغيرهم.
ختاماً، اليوم من المؤكد، أننا بانتظار «عواصف جنوب جديدة» على غرار عواصف العام الماضي، الموجة الجديدة يصفها البعض بـ»الهستيرية«، لأنها على الأغلب ستكون عبارة عن هجمات انغماسية كبرى، وسيصاحبها اندفاع كبير للمجاميع المسلحة المتطرفة بهدف تحقيق أيّ خرق أو إنجاز استراتيجي تحديداً في محافظة القنيطرة، وعلى المحور الآخر تؤكد معلومات واردة من القيادة العسكرية السورية، انّ هذه الهجمة وهذه الموجة، سيكون مصيرها كمصير الغزوات التي سبقتها، وسيكون الفشل هو عنوانها، مع تأكيد القيادة العسكرية السورية، على وجوب التحرك لتحرير الجنوب السوري التي انطلقت بمطلع ربيع العام الحالي وعلى مراحل، لأنّ بعض مناطق محافظة القنيطرة تحديداً أصبحت وللأسف مركزاً ورأس حربة لأعداء سورية، يديرون منها عملياتهم التي تستهدف سورية كلّ سورية.
كاتب وناشط سياسي – الأردن
hesham.habeshan yahoo.com