لماذا تسرّب واشنطن وجهة نظرها وحدها حول اتفاق في سورية؟
حميدي العبدالله
دأبت الإدارة الأميركية على تسريب معلومات حول مضمون اتفاق سوف يقرّ في نهاية التفاوض والحوار المستمرّ منذ فترة بين موسكو وواشنطن.
عندما قام وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري بزيارة إلى موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف جرى تسريب معلومات عن ماهية الاتفاق، كان واضحاً أنها تعبّر عن وجهة نظر الولايات المتحدة وليس عما تمّ الاتفاق عليه مع المسؤولين الروس.
وعشية عقد لقاء بين الرئيس الروسي ونظيره الأميركي على هامش قمة العشرين سرّبت الولايات المتحدة، وهذه المرة على لسان مبعوث الرئيس الأميركي إلى سورية، معلومات عن اتفاق مزعوم، عبر رسالة بعثها إلى مجموعات المعارضة السورية يعرض من خلالها فحوى الاتفاق من وجهة نظر أميركية، ليتضح لاحقاً أن لا وجود لاتفاق وجهات النظر لا تزال متباعدة، وأكد الرئيس الروسي أنّ أيّ اتفاق يمكن التوصل إليه، سيكون بالتشاور مع الحكومة السورية، وستكون إيران على اطلاع كامل على هذا الاتفاق، ويجب أن يكون كلّ شيء منسجماً مع القوانين الدولية.
التسريبات الأميركية أثارت تساؤلات بشأن دوافعها طالما أنها لم تكن صحيحة، ولم يتمّ التوصل بعد إلى أيّ اتفاق. في هذا السياق يمكن الإشارة إلى أنّ هدف واشنطن من هذه التسريبات يندرج في إطار السعي لتحقيق واحد من ثلاثة أهداف:
أولاً، إثارة الشكوك بين أطراف التحالف الذي يقود الحرب على الإرهاب في سورية والذي يضمّ روسيا وإيران والمقاومة اللبنانية والدولة السورية، لأنّ هذا التحالف أثبت فعاليته، وعجزت الولايات المتحدة والتحالف الإقليمي والدولي الذي يخوض الحرب في سورية عن وقف تغيّر الأوضاع الميدانية لمصلحة سورية وحلفائها، مثل هذه التسريبات من شأنها إرباك هذا التحالف وزرع الشقاق بين أطرافه، أو على الأقلّ هذا ما تراهن عليه الإدارة الأميركية.
ثانياً، جسّ نبض الجماعات المسلحة وداعميها الإقليميين لمعرفة ردود أفعالهم، هذا أولاً، ولإقناعهم بالحصول على مكاسب كبيرة ثانياً، عبر اتفاق كهذا لحثهم على قبوله وعدم معارضته.
ثالثاً، جسّ نبض موسكو والسعي لاستغلال مخاوفها من حرب استنزاف طويلة في سورية والتعرّف على حدود مستوى التنازلات التي يمكن أن تقدّمها لتفادي التورّط طويل الأمد في الأحداث الجارية في سورية.