الخطوط الحمر الروسية
حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ ثمة خطوطاً حمراً روسية لا يمكن تجاوزها في الأزمة القائمة في سورية، وأيّ محاولة للالتفاف عليها لا تفيد، كما أنّ روسيا مستعدة للذهاب إلى أبعد الحدود إذا جرى تحدّيها وتجاهل خطوطها الحمر في سورية.
الخط الأحمر الأول، أنّ حلّ وضع مدينة حلب له مساران لا ثالث لهما، المسار الأول، كما أسمته موسكو مسار الحلّ الإنساني، ويقضي هذا الحلّ بإرسال قوافل إنسانية إلى الأحياء الشرقية وتسهيل خروج من يرغب من المسلحين وتسوية أوضاع الذين يرغبون بإلقاء السلاح والدخول في خيار المصالحة الوطنية. هذا ما أكدته روسيا عند تحرير طريق الكاستيلو والليرمون وحي بني زيد، وهذا ما تضمّنته التسوية التي تمّ التوصل إليها عشية عيد الأضحى بين الولايات المتحدة وروسيا والتي عرفت بتسوية هدنة العيد.
الخط الأحمر الثاني، فصل «جبهة النصرة» عن بقية التنظيمات المسلحة الأخرى، والإصرار على عدم استمرار المماطلة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها لتمييع هذه القضية وتوفير الحماية للنصرة والتنظيمات الأخرى المصنفة تنظيمات إرهابية.
أيّ اتفاق جديد بين موسكو وواشنطن لتجديد العمل بالهدنة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الخطوط الحمر، وأيّ رغبة أو سعي من قبل واشنطن للالتفاف على ذلك سيكون مصيره الفشل.
أكد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف هذه الثوابت في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعاد التأكيد عليها أكثر من مسؤول روسي رفيع بعد وقبل كلمة لافروف أمام الجمعية العامة للأمام المتحدة.
ويمكن الاستنتاج أنّ أيّ بحث لأوضاع حلب في المحافل الدولية، ولا سيما في مجلس الأمن لا يأخذ بعين الاعتبار الخطوط الحمر الروسية سيصطدم بالفيتو الروسي – الصيني.
الكرة الآن في مرمى الولايات المتحدة وحلفائها، وليس لديهم الكثير من الخيارات طالما أنّ خيار المواجهة المباشرة مستبعد مع روسيا كما أوضح رئيس الأركان الأميركي في جلسة الاستماع أمام الكونغرس. فإما أن تقبل بما تسمّيه روسيا الحلّ الإنساني لأحياء حلب الشرقية، وإما أن يكون الحسم العسكري هو الخيار بعد رفض خيار الحلّ الإنساني. فهل ترضخ واشنطن وتسلّم بالأمر الواقع، وبالتالي يبصر الحلّ الإنساني النور، ويجري توفير هدر المزيد من الدماء في حلب، أم أنها تجعل خيار الحسم هو الخيار الوحيد المتاح؟ سؤال تصعب الإجابة عليه.