نصرالله: سنحضر وننتخب عون رئيساً… ولن نعود من سورية إلا بالنصر حزب الله يُنهي مهمته بإنجاز الاستحقاق… وبري يخوض معركة الحكومة
كتب المحرّر السياسي
يأتي كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالتزامن مع بدء معركة الحسم في حلب، تعبيراً عن قرار حزب الله بإنجاز ما وعد به من ضمان نهاية سعيدة لحليفه العماد ميشال عون، بإيصاله إلى قصر بعبدا، للتفرّغ لما هو أهمّ معاركه الإقليمية، مع بدء الحسم في جبهات حلب، حيث يقف حزب الله إلى جانب الجيش السوري، ويتقدّمان بقوة وسرعة منذ ليل أمس على جبهات ابي سعيد وخان طومان جنوباً، وهي الوجهة التي حشدت جبهة النصرة قواتها من إدلب وريفها لخوضها، بينما كان السيد نصرالله يعلن بصوت عالٍ أنّ حزب الله لن يترك سورية إلا بعد تحقيق النصر، منهياً التزامه اللبناني في ضوء ثنائية التزامه بإيصال العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، وتمسكه بالشراكة الكاملة مع حركة أمل ورئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتهيّؤ لاحتمال عدم الوصول لتفاهمات تضمن الإجماع الذي يرغبه الحزب حول خيار الرئاسة اللبنانية، وخصوصاً في ظلّ ما أشار إليه السيد نصرالله عن مصادر القلق المشروع، بوجود معلومات تحتاج إلى الحوار والطمأنة، وعدم التيقن من وجود ما يكفي لحلحلة هذه العقدة التي أسّس عليها الرئيس بري قراره بالتصويت المختلف عن خيار حزب الله الرئاسي قبل موعد جلسة الانتخاب، ما سيعني عملياً، أنّ الأيام الفاصلة لا تبشّر بمتغيّرات كبرى تغيّر الاصطفافات في الانتخابات الرئاسية من جهة، ومن جهة أخرى تولي الرئيس بري التفاوض المرير حول تشكيل الحكومة، وفي جيبه تفويض مشترك من حزب الله وحركة أمل، يجعل تشكيل الحكومة عهدة التفاوض بين الرئيس بري والرئيس سعد الحريري، حول العناوين التي كان يطلب بري جعل التفاهم حولها بوابة لانتخاب رئيس الجمهورية، وهي التي أراد الآخرون تأجيلها إلى ما بعد الرئاسة، بكلّ ما فيها من تعقيدات حول تشكيلة الحكومة، وتوازناتها، وحقائبها السيادية وبيانها الوزاري، وخطط رئيسها للنهوض المالي والتعاطي مع الأوضاع الإقليمية وسلاح المقاومة، كبنود يجب أن يتضمّنها البيان الوزاري للحكومة الأولى في العهد الجديد، والتي قد يستغرق تشكيلها ما يتعدّى المدة الفاصلة بين انتخاب الرئيس العتيد، وموعد دعوة الهيئات الناخبة، بصورة تفرض أن تكون الحكومة الحالية، بعدما تصير حكومة تصريف أعمال، هي الجهة المنوط بها إجراء الانتخابات النيابية، وفقاً للقانون الساري المفعول، أيّ قانون الستين، لتلي الانتخابات الجديدة استشارات جديدة لتسمية رئيس حكومة جديد، ومفاوضات جديدة.
نصرالله رسم خارطة طريق الرئاسة
رسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خارطة الطريق النهائية لاستحقاق الرئاسة، وحسم خياره بانتخاب العماد ميشال عون في جلسة الانتخاب المقبلة بالتفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحدّد وضعية القوى الأساسية، رغم أنه أكد استمرار المساعي لاستقطاب العدد الأكبر من الأطراف قبل الجلسة وترك للرئيس بري ولرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الهامش لكي ينزلا إلى المجلس النيابي بموقفهما الحالي مع الحفاظ على التواصل مع الجميع حتى 31 الحالي، وما بعد مرحلة انتخاب الرئيس وبالتالي مآل جلسة الإثنين المقبل وعملية تموضع القوى أصبحت واضحة، كما أن موقف سيد المقاومة بكل العناوين المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي تحدّدت أمس بخطابه في المهرجان التكريمي للشهيد القائد الحاج حاتم حمادي علاء في بلدة القماطية.
وتسهيلاً للمسار الرئاسي لم يبد الأمين العام لحزب الله أية ممانعة لوصول رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى رئاسة الحكومة المقبلة، لكنه اعتبر ذلك تضحية سياسية كبرى وبالتالي أقام ربط نزاع بين وصول الحريري الى رئاسة الحكومة وبين التفاهمات مع الأطراف الأخرى في المرحلة المقبلة وعلى رأسها الرئيس بري.
الأهم في خطاب السيد نصرالله هو الربط الاستراتيجي والنهائي بين لبنان وسورية والتأثير المتبادل بينهما وما يجري على أراضيهما وأن وجود المقاومة وحزب الله في الميدان السوري اعتبار استراتيجي لا يقف عنده أي تفصيل لبناني مهما بلغت أهميته، وبقاء وصمود المقاومين في الساحات والجبهات السورية ينقض مبدأ النأي بلبنان عن الأزمة السورية الذي دعا إليه الحريري وإن كان السيد نصرالله قد دعا سابقاً الى أن «نتّفق في لبنان ونختلف في سورية».
إشارة السيد نصرالله الى موقع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع والأدوار التي يلعبها في التحريض على المقاومة ومحاولة إيقاع الخلاف مع حلفائها هي رسالة واضحة الى قاعدة التيار الوطني الحر كي تتأمّل بها وتبني عليها بإعادة رسملة الانسجام بين حزب الله والتيار الذي خاض مع الحزب اختبارات قاسية على المستوى الإستراتيجي، ونجحا في نقل لبنان إلى بر الأمان، كما أنها غمز من قناة فئة قليلة من التيار التي ذهبت بعيداً في تبنّي منطق «القوات».
وجزم السيد نصرالله بأن كتلة الوفاء للمقاومة ستحضر الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس وتنتخب العماد عون رئيساً للجمهورية، ومؤكدًا أننا سنذهب متفهّمين متفاهمين مع حركة أمل، وكاشفًاً بأن «الحزب بدأ بعد إعلان الحريري عن دعم العماد عون جهدًا وسيواصل الجهد».
وبشأن المشهد السوري، أكد السيد نصرالله أن الحال الوحيدة التي تعيد حزب الله الى لبنان هو «انتصارنا في سورية»، مشددًا على أننا «منعنا حتى الآن المشروع التكفيري الخطير من أن يحقق الانتصار وألحقنا به الهزيمة».
قانصو: الوفاق الوطني حصانة الرئيس
وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو، أنّ موقف الحزب حول مستجدات استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، سيُعلن خلال الأيام المقبلة، كاشفاً عن لقاءات ستُجريها قيادة الحزب مع القوى السياسية الحليفة.
وشدّد قانصو خلال اجتماع توجيهي عقده في نادي الشقيف مع الهيئات المسؤولة في منفذيات «القومي» في جنوب لبنان على أنّ حصانة رئاسة الجمهورية هي في توليد وفاق وطني جامع حول رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. أضاف: «انطلاقاً من ذلك دعونا إلى أوسع حوار بين القوى السياسية وأبلغنا وفد التيار الوطني الحر، الذي زارنا برئاسة الوزير جبران باسيل، أننا ضدّ الثنائيات وضدّ الثلاثيات في صياغة المعادلات السياسية في البلد، لأنّ هذه الصيغ جُرّبت، فجرّت خراباً على البلد. لذلك نحن مع توسيع مروحة العلاقات والحوار والتفاهمات السياسية. ولا نستطيع أنّ نتصوّر انطلاقة فاعلة وجادة للعهد وللحكومة، إذا كان دولة الرئيس نبيه بري في موقع المعارضة، ولا مسار إصلاحياً من دون حزبنا وسائر القوى اللاطائفية».
ولفت قانصو الى أن المؤامرة التي تستهدف قوى المقاومة في أمتنا وتستهدف الشام قلعة المقاومة إنما تستهدف تصفية المسألة الفلسطينية لمصلحة الاحتلال الصهيوني، مشيراً الى أن «أهداف المؤامرة على الشام فشلت والرئيس بشار الأسد باقٍ وسورية ستبقى موحدة وحزبنا في طليعة القوى المشاركة في مواجهة الإرهاب».
ويؤكد مصدر مطلع مقرب من الرابية لـ «البناء» أن «الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يعمل ضد العماد عون ولدينا إشارات من «القومي» أنه يعمل على توافق أكثر وأكثر على وصول عون الى الرئاسة». وأشار المصدر الى أن «هناك تواصلاً إيجابياً بين تكتل التغيير والإصلاح والحزب»، مشيراً الى أن «الحزب القومي المقاوم ينسق بصورة أو بأخرى مع حزب الله المقاوم».
عون رئيساً في 31؟
وأوضحت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن «التفاهمات التي تحدث عنها السيد نصرالله مع رئيس المجلس لا ترتبط فقط بالحقائب الوزارية بل تطال الرئاسة والعهد بكامله»، متحدثة عن «مفاوضات مكثفة تدور في الكواليس قبيل محطة 31 بين ممثلين عن عون والحريري من جهة وممثلين عن بري وفرنجية من جهة ثانية، فيما يلعب حزب الله دور الوسيط والمسهل والمقرب لوجهات النظر». لكن المصادر استبعدت أن يتراجع بري وفرنجية عن موقفهما بشأن الرئاسة، موضحة أن بري «التزم بموقفه المعارض لانتخاب عون في الجلسة التشريعية الأخيرة فيما فرنجية سيحاول إثبات نفسه في الجلسة والحصول على أكبر نسبة من الأصوات في المجلس النيابي». وجزمت المصادر بأن عون سيكون رئيساً للجمهورية في 31 الشهر المقبل».
أين الغموض في المشهد؟
وقالت مصادر مستقبلية لـ «البناء» تعليقاً على خطاب السيد نصرالله: «على الرغم من إعلان السيد نصرالله بأن كتلة الوفاء للمقاومة ستنتخب عون في الجلسة المقبلة، غير أن المشهد الرئاسي لا يزال غامضاً، فكيف سيتعامل حزب الله مع ممانعة ورفض حليفه الرئيس بري لانتخاب حليفه الآخر؟ وهل سيذهب الى جلسة ويصوت لعون من دون تقديم ما يطلبه رئيس المجلس من ضمانات تتعلق بحركة أمل وبالطائفة الشيعية أم سيطلب تأجيل الجلسة لمزيد من الوقت للوصول الى مخرج معين؟ وهل سينجح عون من الدورة الأولى في ظل عدد النواب الذين أعلنوا تأييدهم له حتى الآن؟ وماذا عن موقف اللقاء الديمقراطي الذي يساهم في تأمين نصاب الانتخاب؟ فهذه التساؤلات تجعل من المشهد غير واضح النتائج حتى الآن».
وعلى الرغم من أن إشهار السيد نصرالله موقفه بأنه سينتخب عون في الجلسة المقبلة نسف اتهامات تيار المستقبل لحزب الله بأنه لا يريد رئيس ولا انتخاب عون، إلا أن المصادر أشارت أن «السيد نصرالله أعلن موقفه هذا بعد أن شعر بالإحراج لا سيما وأنه التزم مع عون بورقة تفاهم والدليل أن جزءاً كبيراً من خطابه كان موجّهاً الى قواعد التيار الوطني الحر، لكن رغم ذلك، فإن وسائل التعطيل واردة على صعيد الحكومة وإن انتخب رئيس للجمهورية»، وأوضحت أن «السيد نصرالله قال لا مانع من وصول الحريري الى رئاسة الحكومة ما يعني أن ليس بالضرورة أن يُسمّي حزب الله رئيس المستقبل في الاستشارات النيابية المقبلة وقد يعرقل تشكيل الحكومة أيضاً».
ولفتت الى أن «إصرار بري على الانتقال الى ضفة المعارضة والوقوف ضد وصول الحريري الى رئاسة الحكومة يزيد من غموض الصورة عن نجاح التسوية الرئاسية، فضلاً عن الانقسام داخل كتلة المستقبل لجهة انتخاب عون، وبالتالي الأمر بات مرتبطاً بلعبة الأرقام التي ستصوّت مع أو ضد عون، خصوصاً إذا ما استمر عدد النواب الرافضين لعون على ما هو عليه أو ربما تزايد».
بري: تعطيل النصاب في جيبي.. و«لن أفعلها»
ومن جنيف، حيث رأس الاجتماع التشاوري لاتحاد مجالس دول منظمة التعاون الإسلامي، قال الرئيس بري في دردشة مع الوفد الإعلامي المرافق: «عندما تركت بيروت قاصداً جنيف لم يطرأ أي جديد على الوضع، هنا أود أن أذكر الجميع ونقارن بين ما طرحته في ما سُمّي السلة وبين ما نسمعه ونعرفه عن اتفاق قد حصل. وقد دعوت الى الاتفاق على تشكل الحكومة وعلى قانون جديد للانتخاب وأن يبدأ التنفيذ بانتخاب رئيس الجمهورية. وها نحن اليوم وفق الاتفاق الذي عقدوه نجد أن هناك اتفاقاً على اسم رئيس الحكومة، هل أحد يُنكر ذلك. ونسمع عن تشكيل الحكومة من 24 وزيراً وعلى توزيع بعض الحقائب، ويقال إن هناك اتفاقاً غير معلن بالإبقاء على قانون الستين، وبلا قانون جديد. بينما كنتُ أشدّد في طرحي على الاتفاق على القانون الجديد وعلى تشكيل الحكومة وأن لا نقدم على شيء قبل انتخاب رئيس الجمهورية».
ورداً على سؤال قال: «ليكن معلوماً لقد أكدت وأؤكد أنني لن أقاطع جلسة انتخاب الرئيس، ولم أقاطعها سابقاً. وقد قلت للعماد عون إن تعطيل النصاب في جيبي الكبيرة، لكنني لست أنا من يلجأ الى تعطيل النصاب، لم أفعلها مرة ولن أفعلها».
وحرية التصويت لـ «اللقاء الديموقراطي»؟
كتلة «اللقاء الديموقراطي» التي اجتمعت أمس الأول برئاسة النائب وليد جنبلاط في المختارة للتشاور في المسار الرئاسي، لم تتخذ أي موقف سوى تأجيل الاجتماع الى الأسبوع الحالي كي تتوضح بعض الأمور لاتخاذ موقف نهائي، بحسب ما قالت لـ «البناء» مصادر في الكتلة والتي رجحت أن يترك لأعضاء الكتلة حرية الاختيار، بينما الحزبيون سيلتزمون قرار رئيس الكتلة النائب وليد جنبلاط، موضحة أن «الانقسام داخل الكتلة والآراء الخاصة لبعض نوابها حيال انتخاب عون هو أمر مشروع وديمقراطي كباقي الكتل التي انقسمت حول الامر نفسه، مؤكدة أن كل الاحتمالات واردة من ضمنها عدم تصويت جميع أعضاء الكتلة لعون رغم بعض الحسابات الانتخابية، لكن الأمر سيحسم خلال هذا الاسبوع، الا أنها جزمت بأن الكتلة ستنزل بجميع أعضائها الى المجلس لتأمين النصاب وستمارس حقها الديمقراطي»، ولفتت الى أن «الكتلة تنتظر عودة الرئيس بري من الخارج لتنسيق الموقف معه».
وعن موقف الكتلة حيال تسمية الحريري لتشكيل حكومة جديدة واحتمال مشاركتها فيها، أوضحت المصادر أنه «لم يتخذ القرار بشأن هذا الأمر بعد، لكنه مرتبط بمسألة الرئاسة وبمواقف الاطراف وبالاستشارات النيابية الملزمة».
وغرّد جنبلاط عبر «تويتر» قائلاً «يبدو أن الزهر يقول درجي مَن هو الرابع؟».