الجيش السوري.. الأجراسُ لك تَدُقُّ
نظام مارديني
كل مَن يتابع معارك الجيش السوري في الميادين كافة، حيث نبت فيها الفطر السام الإرهابي، لا بدّ أن يتأكد من أنه يخوض حرباً عالمية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى حفاظاً على وحدة سورية، شعباً وأرضاَ، من درعا وبانياس وحمص والسويداء والقامشلي واللاذقية والحسكة ودير الزور.. وصولاً إلى حلب حيث المعركة الكبرى. هنا في هذه المدينة التي عمرها أكثر من سبعة آلاف عام قبل الميلاد، دعتنا لكي نتذكر ما قاله الفرنسي آلان رينيه، مخرج «هيروشيما حبيبتي» 1958 : «لكأن أحدهم حمل الجحيم على ظهره وألقى به في هذه المدينة».
يحتل الجيش السوري «المرتبة السادسة عشرة عالمياً»، من حيث العتاد والعديد بحسب ما تؤكد دراسات معنية بالشأن العسكري، ما جعل منه الجيش الأقوى في العالم العربي قبل العدوان خاصة بعد تحديد عديد ومهام الجيش المصري عقب اتفاقية كامب ديفيد وتدمير الجيش العراقي إبان الاحتلال الأميركي للعراق العام 2003.
متابعون في الشؤون السورية، يرون أن أحد الأهداف الرئيسة لاستهداف هذا البلد إضافة الى ضرب دوره الإقليمي، هو إضعاف جيشه وإنهاكه، لأنه «الجيش الوحيد» الذي حافظ على استقلالية قراره وعقيدته القتالية «إسرائيل» هي العدو . ومن كانت هذه عقيدته من المستحيل تحويله عن مساره، وهو الذي خضع لإعادة هيكلة ميدانية وسيكولوجية بالغة الأهمية.
لذلك كان لا بد من ضربه، تحت حجج واهية تبدأ بالديمقراطية التي يقول عنها قسطنطين زيفكوف، أستاذ العلوم السياسية في أكاديمية الدراسات الاستراتيجية في موسكو: «حتما يستحق الشعب السوري الديمقراطية، لكنها، بالتأكيد، ليست ديمقراطية القرون الوسطى».
لا شك في أن ملاحقة المسلحين بالنسبة للجيش السوري صعبة وشاقة في ظل اتخاذ المجموعات المسلحة من الشوارع والأماكن المدنية والسكنية ملجأ لها وقاعدة للهجوم على الأهداف العسكرية والعامة. فكان لا بد للجيش من اعتماد أسلوب يبتعد عن مفهوم الحرب الكلاسيكية ويركز على ما يسمّى «حرب الشوارع».
ورغم كل هذه الصعوبات حقق الجيش تقدماً بارزاً، وهو ضرب عصافير عدة بحجر واحد. أهمها إسقاط مشروع تحويل حلب مثلاً الى بابا عمرو في حمص، للانطلاق منها الى إقامة منطقة عازلة في الشمال السوري، واتبع الجيش سياسة تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية بعد جذبها الى منطقة محددة بهدف تقليص رقعة المناطق التي يسيطرون عليها وصولاً الى «الحسم المنشود سورياً».
ما يتضح أن أهم ما في استراتيجية الجيش السوري أن تكتيكاته مكّنته من امتصاص وإفشال أكثر من مشروع وسيناريو اقتضى تدعيم الجيش العميل الجيش الحر ، الذي هو كناية عن مجموعات من المرتزقة ورجال العصابات وقطاع الطرق. والذين كانوا يُعِدّون هذا السيناريو كانوا يدركون، ان الجيش السوري سيتمكّن من تحطيم كل التنظيمات الإرهابية دون استثناء، لتغدو سورية نظيفة من هؤلاء البرابرة.
للراحل محمود درويش: «قف على ناصية الحلم وقاتل فلك الأجراس ما زالت تدقّ ولك السّاعة ما زالت تدقّ».