حزب الله: هذا ما تخطّيناه كرمى لعون…
روزانا رمّال
يتحدّث مصدر في 8 آذار لـ «البناء» عن موقف امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وما ألمح اليه في معرض حديثه عن قبوله بتسلم الرئيس سعد الحريري رئاسة الوزراء مقابل العماد عون رئيساً للجمهورية، فيقول «كان السيد واضحاً جداً في هذا الإطار وجريئاً ايضا في تعبيره عن قبوله بالحريري على مضض بعيداً عن مفهوم «الشراكة» والعيش المشترك الذي كان يتحدث فيه بالمرحلة السابقة. فالسيد قال سلفا انه وفريقه غير متفقين ولا راضين عن شراكة الحريري الذي يعتبرونه خياراً «أخذوا» اليه ولم يكن وارداً بعد مرحلة من الخلاف المفصلي من عمر المنطقة فيما لو كان العماد ميشال عون غير مرشح لرئاسة الجمهورية، حيث كان ليكون الخيار اسهل على حزب الله ومروحة الخيارات اكبر لمشاركة رئيس حكومة اكثر سلاسة وليونة وغير محكوم بشعارات ورهانات خارجية تتكفل بالتصويب على حزب الله. بمعنى آخر كان ممكناً اختيار المشاركة مع رئيس حكومة لا يعمل ليل نهار ضدّ حزب الله كما فعل تيار المستقبل ولا يزال».
يكشف المصدر اخيراً عن سببين بديهيين اخذا السيد نصرالله نحو هذا الخيار فيقول «يعرف حزب الله اولا ان وصول عون لرئاسة الجمهورية يحتاج ضمان اصوات اكبر كتلة نيابية في مجلس النواب وهي كتلة الحريري، ويعرف ايضاً انه يرغب بإنجاح عهد عون وليس الاكتفاء بإيصاله لرئاسة الجمهورية، وعلى هذا الاساس قبل بالحريري لنسف اعتراض الكتلة السنية الأكبر وتشويش البلاد».
يعرف حزب الله انه بمجرد عودة الرئيس الحريري من بوابة رئاسة الوزراء الى الحياة السياسية في المرحلة المقبلة انه سيعيد تزخيم حضوره لدى الشارع السني وانه سيسترجع جزءاً وازناً من شعبيته التي كان لاصطفافه المباشر في الازمة السورية السبب الأكبر في تراجعها وجراء الإنفاق الوازن من ثروته على مؤسسات إعلامية وخدماتية لدعم المعارضة السورية وعسكرية اتهم آل الحريري بدعمهم، خصوصاً في صيدا. وما كشفه الارهابي احمد الاسير من تنصّل للحريري مما تورّط فيه في مسألة قتال حزب الله والتضييق عليه من بوابة الجنوب، حسب ما اعلن.
أخطر المحطات التي عاشها حزب الله محلياً وداخلياً واكثر اللحظات إيلاماً تعرّض لها جمهوره بسبب تيار المستقبل وما دعمه من مشروع دموي في سورية وما جند لأجله طيلة خمس سنوات متتالية، ومع كلّ هذا يقف امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله امام جمهوره ويعلن طرحه لمخرج قادر على إيصال عون للرئاسة، مقابل الحريري رئيساً للحكومة.
كرمى لعون أخذ حزب الله على عاتقه مسألة تحمّل «شريك صفقة» لا يطمئن اليه سبق ووضع رقبة الحزب أكثر من مرة تحت رحمة قرارات المجتمع الدولي وقدم المقاومة على مذبح الدول الراعية للإرهاب، من دون ان يتحرك لأدنى معايير الشراكة المحلية والوطنية.
شكل قرار حزب الله مشاركة الحريري وتقديمه لجمهوره مفصلاً اساسياً من عمر معركة استراتيجية خاضها بالمنطقة بين خيارات يمثلها الحريري خليجياً وبين محور سورية وايران والجزء الأدق في هذا انّ القبول بالحريري لا يعتبر بالنسبة لجمهور حزب الله «انتصاراً كاملاً» يترجم موقع حلفه المتقدم في سورية بل فيه تنازل كبير وباهظ الثمن لمعركة كلفت حزب الله دماء وتضحيات لا تقدّر بثمن.
هذا كله، ولم يأخذ حزب الله حتى الساعة ايّ ضمانة من انّ الحريري سيلطف او يغيّر من خياراته أو يتموضع في خندق تهدوي لا ينفذ فيه تيار المستقبل تعليمات حلفائه في السعودية التي أعادت أمس، التأكيد على أنها ستواصل العمل على مكافحة نشاطات منظمة حزب الله الإرهابية، على ما وصفتها.
كرمى لعون يتحمّل حزب الله او «يتنازل»، كما تحب قيادته وصف المشهد من أجل ايصال العماد عون لرئاسة الجمهورية الذي ترى فيه ضمانة اساسية تحمي المقاومة موقفاً ومنطلقاً لعهد جديد لا يصوّب على سلاحها ولا يتآمر في غرف مظلمة على مصيرها، مترجماً تقدّم حلفه بالمنطقة بإيصال مرشحه لرئاسة الجمهورية على ان يكون للبنان لاول مرة رئيس فرضته معادلة قوة من نوع آخر لا يتواجد فيها الاميركي من موقع القوة، بل يتشارك فيها من موقع عدم القدرة على التعطيل، فتبدو واشنطن اليوم متفرّجة على ما يجري في لبنان من دون إمكانية التعطيل القادر على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، عندما كان حزب الله واقعاً ضمن منظومة «الهجوم» الذي تبنته الدول الكبرى على حلفائه وهي التي باتت مرحلة سابقة بالنسبة لحزب الله فإسقاط حلفائه بات خيالاً.
يتوجه نواب الحريري الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول، وهم يدركون كلّ هذا ويعرفون ان استعادة مقاعدهم النيابية غير ممكنة دون القبول بهذا الخيار الذي يأخذهم اليه الحريري. وهو ما يحاول الحريري توضيحه «للكلّ»، الأمر الذي اكده مصدر في المستقبل، حيث اشار الى انّ «الكتلة كانت وستبقى تثق بخيارات رئيسها الرئيس سعد الحريري».
حزب الله يقبل على مضض والمستقبل يتمسك بالفرصة الأخيرة.