اتحاد الكتّاب اللبنانيين… بين الواقع والمرتجى!
اعتدال صادق شومان
مع اقتراب موعد انتخابات الهيئة الإدارية لاتحاد الكتّاب اللبنانيين الخميس المقبل ، التي تُجرى على صفيح شديد البرودة، بعدما تسرّب من الأوساط الثقافية حديث عن نيّة الاتحاد التجديد لنفسه، مع ما يظلّله من أزمات ومشكلات مزمنة وطارئة على حدّ سواء، ليس أقلها ضيق ذات اليد، من شحّ موارده المالية التي تأتيه من اشتراكات أعضائه الرمزية، والمساهمة الخجولة والمتقطّعة من وزارة الثقافة، كونه مؤسسة مستقلة عن الدولة وبالتالي عن دعمها المالي.
بهذا الواقع، بات دور الاتحاد لا يتخطّى دور أيّ منتدى أو مجلس ثقافي في آخر قرية من لبنان، خصوصاً بعدما فشلت طموحاته بأن يكون المرجعية والهيئة الثقافية الأولى في لبنان، مع مماطلة الدولة في حرمانه من تأسيس نقابة له. لتأتي اليوم انتخاباته وهو معلّق بحبل رفيع، يتأرجح بين السقوط والنجاة.
اتحاد الكتّاب اللبنايين الذي أُسّس بموجب مرسوم يحمل الرقم 23 في 20 آب 1968، جاء تأسيسه مغايراً عن سائر الاتحادات في العالم العربي، حيث للدولة وحدها إنشاء الاتحادات الثقافية والنقابية. في وقت سمح القانون اللبناني بما يملك من مساحة أكبر لحرّية الرأي والتعبير، وهذه حقيقة كفلها الدستور اللبناني في المادة 13 التي تنصّ صراحة على أنّ «حرّية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرّية الطباعة وحرّية الاجتماع وحرّية تأليف الجمعيات كلّها مكفولة ضمن دائرة القانون».
في هذا الحيّز، أتى تأسيس الاتحاد بمبادرة تنادت إليها مجموعة من نخبة المثقفين، منهم سهيل إدريس، قسطنطين زريق، منير بعلبكي، أدونيس، جوزف مغيزل، وخليل حاوي.
ثمّ توالى على أمانته العامة في مرحلة الثمانينات حتى اليوم نخبة من أعلام الكلمة الذين ملكوا السيرة الثقافية والموقع السياسي، بدءاً من روحي بعلبكي، جوزف حرب، غسان مطر، سليمان تقي الدين، والأمين العام الحالي وجيه فانوس،
وقد شهد الاتحاد في فترته الذهبية في مرحلة التأسيس دوراً فعالاً ومهمّاً ترك بصمات جمّة في مسار الفكر والثقافة في لبنان والعالم العربي. كان ذلك على ثرى الزمن الذهبي للثقافة. لتهتزّ الصورة البراقة في ما بعد بفعل الحرب اللبنانية الدامية أوّلاً، ولاحقاً بفعل تداخل «حابل» الثقافة بـ«نابل» السياسة، ولطالما قرأنا وسمعنا الكثير عن تلك المرحلة الضبايبة من تاريخ الاتحاد، ويبقى أخطر ما تم التداول فيه والأكثر إساءة، الكلام عن فوضى الانتماءات العشوائية، بأعداد كبيرة أفقدت الكاتب موقعه كقيمة فكرية، ليضحى مجرّد عبء مضاف، وسمح ذلك للمراجع الرسمية باستغلال هذا الظرف الفوضوي للتضيق على الاتحاد، وتولّد داخل الاتحاد ما يشبه المعارضة، أدّت إلى خروج عدد من الكتّاب منه، ليعود ويحصن الاتحاد نفسه بالتشدّد بشروط الانتساب إليه عبر جملة من الشروط، أقلّه أن يكون قد صدر للمنتسب ثلاثة كتب في مدة زمنية متقاربة نسبياً.
يفسّر البعض أنّ «فوضى الانتماءات» تلك أعطت ذريعة وحجّة للدولة لتحجب عن الاتحاد الحقّ برخصة تأسيس نقابة له أسوة بكافة الاتحادات. نقابة تكفل للكتّاب الرعاية الصحية، وتصون حقوقهم الفكرية، كتدبير احترازيّ منعاً للاستغلال المادي لصندوق النقابة تحت ستارة الثقافة، متسلّحة في ذلك بأن أعلام الفكر والكلمة في لبنان جلّهم أكاديميون ينتمون إلى مؤسسات حكومية أو خاصة تكفل تأمينهم الاجتماعي والمادي. ما يعفي الدولة من مسؤوليتها تجاههم. أما في خصوص حماية الحقوق الملكية الأدبية للكتّاب وفضّ النزاعات، فقد كفلها قانون الحماية الأدبية والفنية رقم: 75 تاريخ 1999 3 4 الصادر عن مجلس النواب. وهكذا، سحبت الدولة بساط النقابة من تحت أقدام الاتحاد، كما تُسحب الشعرة من العجين.
علماً أنّ الاتحاد سبق أن نال ترخيصاً بإنشاء «نقابته» بمرسوم أصدره وزير العمل الأسبق أسعد حردان عام 1998. يمنح بموجبه الكتّاب الضمان الاجتماعي، لينتهي أمر الترخيص ـ مع الأسف ـ في درج إحدى الوزرات!
أما الوعد اليوم الذي يتفاءل به الأمين العام للاتحاد الدكتور وجيه فانوس، فيبقى مجرّد وعد على ذمة التنفيذ. ولا نقول هذا من باب «تثبيط العزائم»، بل من مبدأ «من جرّب مجرّب…».
في مطلق الأحوال، واستشعاراً منّا بأهمية اتحاد الكتّاب اللبنانيين ودوره البنّاء ثقافياً ونقابياً، اندفعنا إلى طرح الأسئلة على مرآة الواقع كمدخل حقيقيّ لنلامس موضع الخلل. رغبةً وأملاً بعودة الاتحاد إلى واجهة الحدث الثقافيّ المولج به، بمهام تتخطّى ثقافة بيانات الشجب والترحيب، واعتلاء منصّات «عيارة» من الآخرين. على أن تعاود مجلته الصدور بانتظام، ويُفعَّل موقعه الإلكتروني العاطل عن العمل.
من هنا، كان توجُّهنا إلى جيل الشباب من الكتّاب، أدباء وشعراء، نستفتيهم الرأي بالنبض الحيوي في إنعاش الحياة الفكرية والإبداعية، ولهم أيضاً مشروعية البحث عن الدور السابق والحالي والمستقبلي للاتحاد، وتقصّي الإمكانيات والنتائج والسعي إلى جعله في موقع القدوة والتميّز والريادة. رغم «عتابهم الشديد الكبير» على «شيوخهم»، إلّا أن جلّ آمالهم وتطلّعاتهم وعواطفهم لم تخرج عن الأطر والأسس التي أُنشئ بموجبها «اتحادهم». من «لمّ شمل الكتّاب»، وصون حقوقهم، ورفع مستواهم الماديّ والمعنويّ، والعمل على إحياء التراث الفكريّ والإبداعيّ، وتنشيط الحركة الفكرية، وتشجيع الكتّاب الناشئين، والدفاع عن حريّة الفكر والتعبير.
بين الواقع والمرتجى، ما الذي يتنظره جيل الكتّاب الشباب من اتّحادهم؟
لينه كريدية
الروائية ومديرة «دار النهضة العربية» لينه كريدية قالت لـ«البناء»: المطلوب من اتحاد الكتّاب اللبنانيين أن يفعّل دوره وحضوره على الساحتين الفكرية والثقافية. ويكون ذلك من خلال ضخّ دم جديد فيه. أي إدخال كتّاب وشعراء يتعاطون فعلياً الكتابة والتأليف، ويتمتّعون بمهنية عالية في التعاطي مع النشاطات المختلفة. فإبقاء الوضع على ما هو عليه، سيشكّل عائقاً أمام تقّدم هذا الاتحاد، لأن الكوادر العاملة على الأرض ستبقى غير مهتمة بالانتساب إليه أو حتى بالتعاون معه.
ليس للينة كريدية، الروائية التي صدرت لها خلال السنوات الأربع الأخيرة ثلاث روايات، والناشرة النشيطة لحوالى عقدين من الزمن، أيّ نظرة إلى اتحاد الكتّاب اللبنانيين وهذا الأمر لا ينبع من موقف شخصيّ. بل ينبع من كون الاتحاد مغيّباً، أو بالأحرى يغيّب نفسه عن الحياة الثقافية والحركة الفكرية الفعلية في لبنان.
وتقول كريدية: لا نرى أيّ نشاط للاتحاد، ولا نسمع عن أيّ حدث يخصّه في الإعلام إلا في ما وندر وفي أوقات متباعدة جداً، وإذا جرى وتم تداول أخبار عنه فإنها تكاد تنحصر بانتخابات هيئتيه الإدارية أو التنفيذية. معظم أصدقائي من الشعراء والأدباء والصحافيين هم من غير المنتسبين إلى الاتحاد وللأسباب نفسها التي لديّ تقريباً، أي باختصار شديد، ليس لدينا ما نؤيد فيه هذا الاتحاد أو نعارضه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن ما تنامى لي مؤخراً من معلومات جديدة حوله، أنّ لجنته أو هيئته الإدارية الحالية قامت بالتجديد لنفسها من دون الإعلان صراحةً ووفق الأصول عن موعد للانتخابات.
عبير شرارة
الشاعرة والإعلامية عبير شرارة قالت: السؤال يأتي في موعد مناسب، إذ نقترب من موعد نظاميّ لإجراء انتخابات الهيئه الإدارية لاتحاد الكتّاب. كنت أتمنى لو تلقّينا سؤالاً من الهيئة الإدارية المنتهية الولاية، تسألنا فيه، نحن الشباب، عمّا نريده من اتّحادنا: هل تقترحون إضافة أهداف، مهام؟ هل تملكون أفكاراً لمشاريع عمل تعيد بناء ثقة الأعضاء الذين تناوبوا على هيئة الاتحاد العامة باتّحادهم؟ كيف تنظرون إلى واقع الاتحاد ومستقبله؟ هل ما زال الاتحاد يمثّل الصيغة التعاضدية لأعضائه؟ بصراحة، الاتحاد هو من توليد أفكار اليسار اللبناني، ولو أنّه ضمّ إليه أعضاء من اليمين. صحيح أنّ الاتحاد لم يقع في أمراض الجمهورية والنخبوية وأنّه استمرّ كإطار أو محتوى لمضمون صاخب، إلا أن الاتحاد كرّر نفسه لسنوات طويلة عبر أشخاص وسياسات، وتم الاكتفاء ببعض النشاطات. ما هي المشكلة؟ أعتقد أنّها عُمرية من جهة، ومادية من جهة أخرى. فالاتحاد رغم أنه استقبل طلبات عضوية شبابية واختار في المرّات الأخيرة عدداً من الشباب لعضوية هيئته الإدارية، إلا أنّ ذلك لم يكن كافياً لإعادة الحياة إليه. واتّضح أنّ المشكلة ليست فقط ضخّ دم جديد، إنما تأكد أنه لا يمكن بناء بيت الاتحاد الجديد بحجارة قديمة ولو وُضع بعض «القرميد». الشباب استُخدموا كزينة «تلوينة»، ولم تكن هناك برامج عمل. قيادة سفينة الاتحاد في السنوات الأخيرة من قبل شخصيات ثقافية كبيرة وإشراك بعض الشباب والمرأة، كلّ ذلك لم يؤدّ إلى النتيجة المرجوّة. الدولة تجاهلت الواقع المادي للاتحاد، ولم تخصّه بموازنة، وهي إذا واصلت منح نقابتَي الصحافة والمحرّرين موازنتهما، فإنها قلّصت المبلغ الزهيد الذي تقرّر ذات موازنة من 120 مليون ليرة إلى 20 مليوناً ، والمبلغ الأخير بالكاد يكفي لتسديد إيجار مركز الاتحاد وراتب الموظّف الإداري الوحيد. المطلوب برنامج، إشعار الاتحاديين على مساحة لبنان بأن الاتحاد هو غطاء معنويّ لإنتاج أدبيّ، وأنه مؤسسة رأي عام فعلية بقيادة إبداعية تشارك في حياة الدولة والمجتمع، مؤسّسة لها رأي في القضايا الوطنية، في زيادة الضمانات والائتمانات لأعضائه، لا مجرّد ضمان اختياري، وتمكين الاتحاد من طباعة الانتاج الثقافي لأعضائه، ولجنة تنسيب فعلية، وبرنامج أنشطة على مساحة لبنان لا في المركز فقط العاصمة ، وجباية منتظمه لاشتراكات العضوية، والنضال لتحقيق موازنة رسمية ثابتة، وبناء علاقته بين مؤسّسات الرأي العام الثقافية والإعلامية والإعلانية، وتشجيع البرامج الثقافية في الإعلام المرئي، وأيضاً إعادة النظر في مهمة وزارة الثقافة ودورها والأسباب الموجبة لإنشائها، والمطالبة بإنشاء المجلس الأعلى للثقافة، وإقامة مهرجانات ثقافية وطنية عبر إشراك شخصيات إبداعية من عربية وعالمية، وتكون هذه المهرجانات مشابهة لمهرجانات بعلبك، صور، بيت الدين، جبيل الفنية، وإبراز لبنان منبراً للحرّية والنص لا الأغنيه فقط، وإقامة علاقة تكاملية مع اتحاد النقابات الفنية نقابات السينما، الموسيقى، والمسرح ونقابة شعراء الزجل، ونقابة الفنانين التشكيليين للرسم والنحت، وفهم أنّ نشر وعي ثقافيّ أمر يتجاوز مسألة مسؤولية الاتحاد أن يكون مؤسّسة للشعر. الانتباه بهذا المعنى إلى دور الاتحاد في نشر وعي حول حقوق الإنسان، حقوق المرأة والشباب، ونشر وعي دستوريّ وقانونيّ. أعتقد أنّ المطلوب تنظيم مؤتمر، وتشجيع مشاركة الشباب فيه للاستماع إلى آرائهم، وربما الاعتراف بأنه آن الوقت لتداول السلطة الثقافية.
هنيبعل كرم
البروفسور الكاتب هنيبعل كرم يقول: كيف ترى واقع أيّ شيءٍ في هذا البلد، وما الّذي تتوقّعه للمسقبل؟ هو السّؤال المعضلة. يغدو السؤال معضلةً حين تكون واحداً من أولئك المغضوب عليهم من أنفسهم، لأنّهم يفهمون تماماً واقع أيّ شيء في بلد اهترأ فيه كلّ شيء. لذلك فإنّ الكلمة الوحيدة التي توحي لك بمعنى إيجابيّ في طول ذلك السّؤال وعرضه، هي كلمة «المستقبل». ما أتوقّعه ببساطةٍ مختصرة تصل حدّ السّذاجة، من اتحاد الكتّاب الجديد ومن أيّ شيء جديد، أن يخرج بنا من أزماتنا، على الأقل بالتعبير عنها، من الماضي، إلى الحاضر، لا لأجل فضح واقع «النظام» الذي يمسك برقاب حياتنا ومعتقداتنا ومشاريعنا وآمالنا وطوائفنا وعصاباتنا… فحسب، ولا لأجل أن يجد لنا موقعاً في تركيبة الحاضر العبثيّ النزق، بل من أجل التفكير بصناعة «المستقبل» على قياس «إنسان» خرج من الأرض لاكتشاف عوالم جديدة. تبدو الفكرة منطقية وفضفاضة في الوقت نفسه، في ظلّ انهيار قيمٍ وانتصار أخرى، وطغيان سياسات وشعوب وفلسفات وعلوم. على علوم وفلسفات وسياسات أصبحت من الماضي التراثيّ للعقل الانساني. مهمّة الكتّاب والمفكرين، في أيّ بلد متعفّن إلى هذا الحدّ، تكمن في التحضير للثورة، بمعاول ورفوش مختلفة ومِداد خارج عن المألوف. لكي نقترب قليلاً ممّا انتصر به غيرُنا على سطح هذا الكوكب، وممّا هو أبعد كثيراً بعد من مشاكل الحياة اليومية الموصوفة بالتافهة في ما يُسمّى بشكل فظّ «بلدان العالم المتحضّر».
أرجو أن يتحرّر الفكر، وأن يتحرّر الدين والإنسان في هذه المنطقة من الشرق، أن يتحرّر من «عبودية الفكر والدين والانسان». فعلى عاتق مَن تقع هذه المسؤولية، إن لم يكن على عاتق المفكّرين والكتّاب والأدباء والعلماء؟ هل هم موجودون في هذا البلد حقّاً؟ ما الذي يفعلونه في بلدٍ كلّ شيء صعب فيه إلّا الكلام؟ أم أنّهم مجرّد أبواق مهلّلة مهلهَلة لم تكسر العتيق بعد، ولم تخرج من جاهلية الاقتتال على اقتسام جِيَف الأنانية البغيضة؟
ليلى الداهوك
الكاتبة والإعلامية ليلى الداهوك تقول: إن الوضع المتردّي الذي وصل إليه الكاتب اليوم من النواحي الثقافية والاقتصادية، والضغوطات الذي يرزح تحت نيرها في ظلّ غياب الدعم المعنوي والمادي، وحتى الدور التشجيعي والقيَمي للثقافة. كل ذلك تنتج عنه مجموعة من المشكلات التي لا يستطيع الكاتب مواجهتها من دون دعم اتحاد الكتّاب وحضانته. وهذا الأخير بدوره يعاني من قفر في الدعم من الدولة والجهات المختصة، ما يصيبه بالعجز أمام واقع الكتاب اليوم.
بداية، يجب تأمين الضمان الصحي للكاتب كي لا يجد نفسه مجبراً على العمل لساعات طويلة لتأمين لقمة عيشه، ولا يجد متّسعاً من الوقت للكتابة والإبداع. كذلك فرص العمل والنشر وتأمين مردود من الكتابة يضمن للكاتب حياة إنسانية كريمة من دون أن يكون مجبراً على التبعية والانسحاق السياسي، ليجد ما يقتات به.
أما بالنسبة إلى الاتحاد، فلا نستطيع رسم متطلبات منه وهو لا يملك الدعم والتأييد، وما زال حتى الآن مقرّه بالإيجار، ويعاني من سوء التجهيز وضيق المكان، وغيرها من الأمور التي تساعده في وضع خطة لجمع الكتّاب ضمن بوتقة عطاء واحدة.
مهدي منصور
الشاعر الدكتور مهدي منصور قال لـ«البناء»: كيف للكتاب أن يتّحدوا في وطن عربيّ كلّ ما فيه مشرذم؟ إني أرى أزمة اتحاد الكتّاب تبدأ من اسمه قبل الدخول إلى واقعه أو المرتجى منه. فبدلاً من أن يشكّل الاتحاد نموذجاً قيادياً إبداعياً مجترحاً للحلول نراه يعلك نفسه بأسوأ مما يبدو للعيان لأسباب كثيرة أعدّد بعضها على الشكل التالي:
أولاً، في حين نعيب، كمثقفين، على النظام السياسي عدم قدرته على تطوير نفسه وإنتاج قانون انتخاب حديث يؤمّن التمثيل الأفضل، نرى أننا في اتحاد الكتّاب نمارس التمديد والانتخاب الشكليّ للأشخاص أنفسهم وكأننا تعوّدنا كلبنانيين على الديمقراطية الشكلية.
ثانياً، أتساءل كيف نعارض وبشدة ككتّاب غياب المعايير والركون إلى الكفاءة في التعيينات على مستوى مؤسسات الدولة المهترئة، ولا نمانع في تنسيب ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة والأدب والثقافة إلى الاتحاد وفي ذلك يتساوى الذين يكتبون والذين لا يكتبون، حتى يبدو الاتحاد لي لائحة اسمية أكثير منه فعالية واستمرارية.
ثالثاً، إن لجوء الشعراء الجدد إلى منتديات ومقاهٍ ثقافية سببه غياب الاتحاد وتنازله عن دوره لصالح جماعات لا عراقة فيها وأحياناً لا رؤيا ثقافية لها. ولا أقول إن الاتحاد مسلوب الدور أو مضطهد، بل أقول إنه يتعرّى أمام حقيقته إزاء النشاطات الفردية التي لا يقدر على منافستها بسبب احتجاز المسؤولين في الاتحاد قدرات الاتحاديين ضمن حسابات لا قيمة ثقافية ووطنية لها فعلاً. من هنا أبرر غياب دعم الدولة للاتحاد، الأمر الذي يتذرّع الاتحاد به كوسيلة لتبرير عدم قيامه بنهضة وطنية ثقافية.
أخيراً، أتمنّى كعضو سابق في الهيئة الإدارية أن تأخذ الهيئة الإدارية الجديدة على عاتقها تفنيد ما أتيت على ذكره هنا، والعمل على إبدال كلّ أسود بأبيض، لأن الحسنات تذيب السيئات بإذن الرؤيا الجديدة التي يتوقعها كثيرون من الأشخاص أنفسهم.
لؤي زيتوني
الدكتور الناقد لؤي زيتوني قال: بوصفه اتحاداً للكتّاب اللبنانيين، لا بدّ له أن يرعى جيل الشباب المنتسب إلي،ه بحيث يوفّر فرصاً لتسويق هذا الجيل في العالم العربيّ، إضافةً إلى الالتفات نحو إبراز هذه الأسماء إعلامياً وعدم الاقتصار على الأسماء المعروفة من الأجيال السابقة. وهذا من دون أن ننسى أهمية التدقيق في نوعية المنتسبين، إذ إن الاتحاد بوصفه ممثلاً للحال الثقافية في البلاد لا يجوز أن يكون مجرّد نادٍ لجمع كلّ مَن يكتب في الحقل الثقافي، وهو ما لا يعطي صورةً مثالية عن واقع الوسط الثقافي حالياً.
محمد ناصر الدين
الشاعر الدكتور محمد ناصر الدين يقول: ننتظر خطّة عامة للنهوض بالثقافة، وتشجيع الشباب على النشر، ومحاولة فهم ما يقوله الأدباء والشعراء والروائيون الشباب، لأنهم أقرب إلى اللحظة الأدبية والشعرية التي يعيشها العالم بأسره، من دون محاكمتهم بسوط من الأفكار القديمة الجامدة التي عفا عليها الزمن. نتوقّع اتحاداً للكتّاب يعيد الاعتبار إلى كلّ منتج ثقافي جيد.
سناء البنا
أما الشاعرة سناء البنا فتقول: مطلبي اتحاد فعليّ خالٍ من المراهنات السياسية والتدخّلات في قطاع يفترض أنه «نخبوي». أن يحرص على حماية المستوى الفكري للإصدارات العشوائية بالتنسيق مع اتحاد الناشرين الذي ساهم في تدنّي المستوي العام. أن يعمل لإنشاء نقابة تحفظ الملكية الفكرية والحياتية وذلك بانضمام أعضاء الاتحاد إلى الضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة. أن يؤمّن الاتحاد المهرجانات الثقافية على مستوى لائق أسوة بما يحصل في الدول العربية الراقية.
دارين حوماني
الشاعرة دارين حومان تقول: نريد أن يعود الكتّاب الذين هجروا الاتحاد إليه. فلا يكون هذا الاتحاد نموذجاً عن وطن الطوائف والمذاهب المتهالك الذي نعيشه والذي أخذ بنا إلى الوراء. وبالتالي دخلت السياسة إلى الاتحاد ما أدى إلى تراجع دوره على الساحة الثقافية. الاتحاد يجب أن يكون مؤسّسة نقابية تدافع عن حرّية التعبير وعن حرّية الرأي. فلم نشهد وقوفاً حقيقياً إلى جانب الكاتب عند دخول عناصر القصّ والتشويه أو الإلغاء. على اتحاد الكتّاب أن يحمل أسماء الكتّاب الشباب إلى العالم العربي، الكتّاب الذين يستحقون فعلاً الولوج الي العالم العربي، وأن يقدّمهم ويرعاهم. إننا لا نرى رعاية حقيقية للكاتب الذي يستحق ذلك على الصعيدين المحلي أو العربي عبر مشاركتهم في ندوات محلية وعربية. اتحاد الكتّاب اللبنانيين وإن كان لا يستطيع دعم الكتّاب الشباب مادياً، المطلوب منه على الأقل التنسيق مع دور النشر لوقف التجارة مع الأسماء الجديدة، حيث تُطلب مبالغ وأرقام غريبة بدل النشر والتوزيع، إضافة إلى اقتطاع نسبة كبيرة من الأرباح على المبيعات تصل إلى 75 في المئة من المبيعات في استغلال واضح لرغبة الكاتب بالولوج إلى الساحة الثقافية، وهذا ما يجب على الاتحاد إيقافه.
مكرم غصوب
الشاعر مكرم غصوب يقول: أنا عضو في اتحاد الكتّاب اللبنانيين، ولا أعرف مِن اتحاد الكتّاب هذا إلا بطاقتي! أتمنّى أن يصبح اتحاد الكتّاب اللبنانيين اتحاداً بالمعنى الحقيقي للكلمة، الاتحاد أي العمل الجماعي، الاتحاد أي الملتقى التفاعلي، الاتحاد أي قوّة الفكر والإبداع الحقيقيين، الاتحاد أي قيامة الثقافة حتّى لو مضى على َصلبها أكثر من «ثلاثة أيام».
باسكال صوما
الكاتبة والصحافية باسكال صوما تقول: أنا شخصياً لا أطلب الكثير، إنّما أتمنّى أن يكون الاتحاد أكثر فاعلية وتقبّلاً للكتّاب الشباب بأفكارهم التي قد لا تشبه أفكار الأجيال التي سبق وأنتجت زمنها وعالمها. ونتمنّى بعض النشاطات التي تحفّز الشباب.
زهرة مروّة
أما الشاعرة زهرة مروّة فقالت: أولاً، أتمنّى أن يُنشِئ اتحاد الكتّاب اللبنانيين نقابةً توفّر لنا الحدّ الأدنى من حقوقنا من طبابة واستشفاء. ثانياً، أنا مثلاً عضو في الاتحاد منذ عام 2015، ولكن عملياً لا تصلني دعوات إلى ندوات أو اجتماعات. أتمنّى أن يصبح كل أعضاء الاتحاد على تواصل والتحام ومشاركة فعلية في كلّ القرارات والنشاطات التي تقام، وأنا شخصياً مستعدّة للمساعدة في أيّ نشاط لأن وضع الكتّاب والكاتبات في لبنان يهمني، في وقت يتراجع دور الكتابة والقلم. لذلك علينا جميعاً أن ننتفض وننقذ الكتابة والكتّاب.