ذكريات
ببيت صغير وحنون، بيدلف بالمطر من كلّ حيطانه بالشتي، والريح الشرقية بتخلع بوابه، عشت وربيت وكبرت وأنا شايفته أحلا بيت بالدني. ولهلاء بحنّ للشبّاك اللي مليان حبق، وللتوتة اللي كانت قدّامه. وبتذكر كيف كنّا نجتمع عَ طبق قشّ كلنا وناكل، ونحمد الله عَ النعمة. وما ننسى نحسب حساب العصافير الناطرة عَ التوتة فتافيت الخبز الباقية، وكل واحد فينا يخبّي شوي لنتفرج عليهم وهنن عم ياخدوا الخبز لأعشاشهم وفراخهم وهي كانت متعتنا القصوى وقتها.
بتذكّر حكايات بيّي بالسهرات عَ ضو قنديل الكاز، لما يقول ما تخافوا ما رح يناموا العصافير جوعانين، و لكل واحد رزقته بالحياة. بس لازم يدور عليها ما بتجيه وهو ناطر، ويوم قبل الفجر ليشتغل وما يخلينا نحسّ لا بجوع ولا قلّة، لقمتنا كانت مغمّسة بعرقاته وتعبه، وحكياتو هنّن اللي خلّونا نكبر ونعرف قيمة التعب ونعرف قيمة البيت وقيمة هالأرض…
و رح قلكم، ما حدا بيخون هالوطن إلا ولاد الحرام اللي ما بيعرفوا شو يعني وطن. وما حدا بيبيع أرضه إلا اللي مو تعبان بزراعتها. وما حدا بيبيع عرضه إلا قليل الشرف!
وفاء حسن