سامي مرعي: لتأكيد فعالية الجالية السورية في المجتمع الأميركي

داليدا المولى

يُعدّ الاغتراب إحدى ركائز العمل الوطني والقومي الفاعل، لأنّ كلّ مغترب يصبح سفيراً لبلاده أينما حلّ في بلاد الانتشار، التي شارك في بنائها وازدهارها. ويحفل التاريخ الاغترابي بالإنجازات المهمة والبارزة للمغتربين من مختلف أنحاء الأمّة السورية، الذين كانت لهم مشاركات كبيرة في مختلف النواحي العلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفنية، وأعطوا الصورة المشرقة لبلادهم وساهموا في نشر حضارتها، حاملين همومها وقضاياها إلى العالم أجمع.

ويُعتبر المناضل القومي سامي مرعي من الشخصيات الفاعلة والمعروفة في الولايات المتحدة الأميركية التي هاجر إليها في أواخر سبعينات القرن الماضي وحصل على الجنسية الأميركية عام 1983. وقد أسّس مصالح له في أميركا توزّعت بين العمل في الخدمات العقارية والطبية. كما ساهم في العديد من الجمعيات الأميركية وكان عضواً في الهيئة الإدارية للصليب الأحمر الأميركي في نيوجرسي وبعدها سفيراً دولياً له. ويشغل مرعي حالياً رئاسة «نادي باترسون غرايت فولز»، فضلاً عن العديد من المساهمات في أندية اجتماعية وخيرية في مدينة نيوجرسي.

وإيماناً منه بأنّ دور المغترب لا يقتصر على الجانب الاقتصادي من خلال الأعمال والمشاريع التي يقوم بها، وما لها من أثر على ذلك البلد وعلى وطنه الأم أيضاً، بل إنه يتعداه إلى أبعد من ذلك بكثير وهو الدور الاجتماعي والسياسي، حيث يساهم التفاعل الاجتماعي مع المجتمعات المضيفة ومشاركة المغترب في الحياة السياسية في نشر ثقافة بلاده وحضارتها وقيمها والتعريف بهويته وقضاياه الاجتماعية والسياسية. يخوض مرعي من مغتربه الأميركي في ولاية نيوجرسي غمار السياسة بترشحه لعضوية بلدية «بسايك» في الولاية، والتي تعتبر من أهمّ البلديات في شرق الولايات المتحدة الأميركية.

وقد تحدّث مرعي لـ«البناء» عن ترشحه، لافتاً إلى أنه يخوض الانتخابات منفرداً لأنه يؤمن «بأنّ هذا الاستحقاق البلدي يجب أن يعني الأميركيين من أصول سورية لتأكيد فاعليتهم داخل المجتمع الأميركي بخاصة، لأنّ الجالية السورية باتت من أكبر الجاليات المنتشرة في عالم الاغتراب، لا سيما في الولايات المتحدة». وأضاف: «إنّ الخطر الذي نواجهه في الشام ولبنان والعراق والتمدّد الإرهابي المتطرف وما حصل أخيراً في غزة تدفعنا إلى الإصرار على إيصال صوتنا إلى كلّ العالم وتوضيح حقيقة ما يجري، ومَن أفضل من المغترب الذي يعي الخطر الداهم ويمكن أن يشرح حقيقته الفعلية للمجتمع الاغترابي وسط هذا الكمّ من التضليل الإعلامي»؟

وأشار مرعي إلى «أنّ العمل في المغتربات بحاجة إلى رصّ صفوف الجالية والإفادة من جميع المواقع المهمة التي تبوأها المغتربون لكي نتمكن من التأثير الحقيقي في المجتمع الأميركي»، مشيراً إلى «الكمّ الهائل من الإمكانات الموجودة والتي بدأت تفعل في محيطها، ويمكن بتضافر جهودها الضغط على الإدارة السياسية الأميركية لتنفيذ بعض المشاريع أو حتى عدم تبني قرارات يمكن أن تضرّ بمصالح الأمة، بخاصة في دولة مثل أميركا التي يُعرف أنها تعتمد ازدواجية المعايير في سياستها تجاه شعوب المنطقة، ففي وقت تنادي بالديمقراطية التي تزعم أنها تريد تعميمها على الدول والشعوب، نجد أنها، من ناحية أخرى، تساهم في إشعال المزيد من الحروب المتنقلة، وتكون بذلك بعيدة كلّ البعد من الديمقراطية الفعلية».

ورداً على سؤال حول برنامجه الانتخابي، أجاب مرعي: «إنه برنامج كلّ مواطن يريد العدالة والديمقراطية ويولي الشأن المحلي أهمية بالغة من التعليم إلى الطبابة والاهتمام بشؤون البيئة والحفاظ عليها، وليس فقط الاهتمام بالشأن السياسي العام البعيد من هموم المواطن الفعلية». وقال: «أنا كأميركي من أصول سورية أجد أننا لا يمكن أن نطالب بالديمقراطية وننسى أنفسنا، ولا يمكن أن نطالب باللاعنصرية ونتصرّف بعنصرية ولا يمكن أن ننادي بالإنسانية ونفقد إنسانيتنا وبالتالي هذا هو عملنا الأساسي».

واعتبر مرعي أنه كسر بترشحه إلى الانتخابات البلدية الحاجز وبادر إلى اتخاذ موقف جريء تجاه قطبية الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، فكان ترشحه بمثابة صوت جديد يعبّر عن متطلبات محيطه وينادي بالقضايا التي تهمّه ويضع الجالية أمام مسؤولياتها تجاه مواطنيها.

علاقة مباشرة مع الناخب

وفي هذا السياق، اعتبر مرعي «أنّ العمل الاجتماعي يقوم على الاهتمام الخاص بالأمور الاجتماعية وليس النظر إلى الناخبين من خلال صناديق الاقتراع كأرقام مجرّدة كما يحدث عادة في الانتخابات البلدية في أميركا». وبذلك تكون المعادلة لدى سامي مرعي هي المجتمع المحلي والجالية بحيث تمتدّ الجسور بين الناخبين والمرشح، ما يسمح بحلّ المشاكل المحلية بسهولة والمطالبة بالتشريعات المناسبة لذلك، كما الاهتمام لجهة تأمين الخدمات الاجتماعية التي تضع المرشح أمام الناخب مباشرة، وليس كالأحزاب الكبيرة حيث لا يعرف الناخب عن المرشح الكثير، بل ينتخبه بحكم الحزب الكبير الذي ينتمي إليه. ولعلّ الكمّ الهائل من الخدمات الاجتماعية والمشاركة الفاعلة في الجمعيات الأهلية تعطي مرعي الأفضلية في متابعة هموم الناس الحياتية بعيداً من التناحر السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الأمر الذي يشجع الناخب العادي على التوجه إلى صناديق الاقتراع للانتخاب، كما يشكل دفعاً للجاليات العربية نحو المشاركة في الاستحقاق والتعبير عن إرادتها بإشراك أكبر عدد من أبنائها في المجالس البلدية.

شفيعه المواطن

اعتبر مرعي أنّ شفيعه في ترشحه هو المواطن الذي يرى فيه حاملاً لواقعه الاجتماعي ومؤهلاً ليكون صلة وصل بين الأميركي والجاليات العربية، وداعماً لهذا التواصل البنّاء والذي ينعكس أيضاً على نظرة المجتمع المحلي في بسايك إلى ما يجري في العالم العربي وفي الشام ولبنان وما جرى في غزة بشكل خاص. وهذا الاستحقاق يستدعي تضافر الجميع من أبناء الجاليات العربية لا سيما المؤمنين بمدّ الجسور بين الثقافات والمساهمين في تكوين رأي عام جديد بالنسبة إلى القيم الإنسانية المتجذرة في نفسيتنا.

الحضور الإعلامي للجالية

وفي سياق حملته الانتخابية يقوم مرعي بجملة نشاطات ويعقد لقاءات متواصلة مع مختلف الشرائح الانتخابية في دائرته، وقد شارك في بعضها عميد شؤون عبر الحدود في الحزب السوري القومي الاجتماعي سامي أبو فواز. وفي حفل خاص بترشحه قالت الدكتور فايزة جلودي وهي إحدى الداعمات لترشحه: «إنّ الحرب الأخيرة على غزة وضعتنا كجالية أمام مسؤوليتنا وعلينا التحرك أكثر على المستوى الاجتماعي وزيادة علاقاتنا بالجمعيات الأهلية، وأن نعمل على تعزيز حضورنا الإعلامي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، لنبيّن للمجتمع الأميركي حقيقة هواجسنا واهتماماتنا، لأننا ما زلنا نسقط بسرعة عندما يتعلق الأمر بالتصويت السياسي وتشكيل جماعات الضغط وصناعة الحدث السياسي والاهتمام بقضايانا الرسمية».

وتعليقاً على أهمية العمل السياسي لأبناء الجالية في أميركا، رأت جلودي أنه «يجب أن نختار سياسيين يهتمون بقضايانا» مشيرة إلى تعاطي أبناء الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً في موضوع الانتخابات، وقالت: «نحن لا نصوّت ولا نشارك في الانتخابات، ولا نعطي وقتاً تطوّعياً كافياً فكيف سيُسمع صوتنا؟».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى