إحراج الحريري.. وبولينغ الخسائر
هتاف دهام
يؤكد مصدر نيابي مطلع على جدول لقاءات الرئيس سعد الحريري المرتقبة خلال زيارته واشنطن في 24 تموز الحالي أنّ دعم الجيش ومحاربة الإرهاب عنوانان سيتصدران محور اجتماعات رئيس الحكومة. فقائد الجيش العماد جوزف عون حظي خلال زيارته الولايات المتحدة باهتمام ودعم سياسي وعسكري فاق التوقعات، حيث جرى تأكيد التعاون الوثيق في محاربة داعش.
لقد تبلغ رئيس الحكومة من السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد يوم الخميس الماضي رسالة دعم أميركي لما تقوم به المؤسسة العسكرية في مواجهة الإرهابيين في عرسال. يأتي هذا التبليغ بعد ساعات من إشارة الحريري بـ «خبث» (حسب وصف أحد الوزراء البرتقاليين) ، خلال جلسة مجلس الوزراء إلى «علامات استفهام حول وفاة الموقوفين السوريين في المستشفى لا بد من توضيحها بفتح تحقيق يكشف ملابسات ما حصل ويضع حداً للتساؤلات المطروحة».
قال الحريري أمس، عقب اجتماعه مع وزير الدفاع يعقوب الصراف والعماد عون، إن «الجيش حريص على المدنيين. ولا تشوبه شائبة. والدعم السياسي له غير مشروط. التشكيك بالتحقيق الذي تقوم به قيادته في مسألة وفاة الموقوفين السوريين الأربعة مرفوض. وحسم الوضع في جرود عرسال يعود للمؤسسة العسكرية فقط».
كيف يبرر الحريري هذا التناقض؟ يؤكد مصدر سياسي أن اجتماع السراي شكل محاولة مكشوفة للتغطية على ازدواجية في موقف رئيس الحكومة. خطاب تسويقي بامتياز. سياسة تراعي صراعه مع الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، الذي نجح، بحسب المصدر نفسه، في سحب نصف البساط الأزرق من تحت أقدام الشيخ سعد، لا سيما في طرابلس.
بحسب الأوساط السياسية، الأداء الحريري بعد عملية عرسال شعبوي. يتلطى رئيس الحكومة خلف «الهمروجة العُقابية» بتمرير العملية النوعية للجيش. ينتهج أداء يغطيه بحركات «بهلوانية» تحاكي الاعتبار السعودي والمذهبي والتنافس داخل الطائفة السنية، خصوصاً داخل تياره. علماً أنّ الرياض، بحسب الأوساط نفسها، لا تقود أية حملة على الجيش. لكن الحريري الذي فشل جدياً في بناء رأس جسر يجعله مطمئناً إلى مستقبل علاقته مع ولي العهد السعودي الجديد محمد بن سلمان، يحاول الاستفادة من أحداث معينة كالحادث العرسالي لتقديم أوراق اعتماد. علّ الأبواب السعودية تفتح له على مصراعيها، كما كانت عليه في السابق البعيد.
أصاب التصعيد السعودي مع قطر، الحريري، بكثير من الإحراج السياسي والشخصي، يقول مصدر نيابي في تيار المستقبل. عمد إلى الإفلات منه تحت عنوان مصالح اللبنانيين في البلدين.
وفق المطلعين على سير علاقة بيت الوسط – الرياض لا يملك الشيخ سعد الفرصة ليكون «المعتمد الحصري» للحلف السعودي الجديد، إلا الغلو بملف خرج فجأة على الساحة الداخلية (النازحين) والهجوم على الدولة السورية.
وإذا كان رئيس الجمهورية يوفر غطاء سياسياً حقيقياً يحصّن المؤسسة العسكرية ويدعمها، فإن خطاب الحريري المزدوج لدواع نفعية يربك المؤسسة العسكرية، تقول الأوسط السياسية نفسها. فالحريري أول من يعلم أن سياسته تجاه عملية الجيش الأخيرة ونتائجها لم تكن صائبة. تبرير الإرهاب بحجة مخيمات النازحين ولّى. يقرأ الحريري جيداً الإجماع العالمي والانخراط الاميركي المستجد بالشراكة مع الروس في الحرب ضد الارهاب. فتحرير الموصل أنجز. الرقة ودير الزور على السكة.
ضمن هذا السياق، ستتحرّر جرود السلسلة الشرقية بالتنسيق بين الجيش من جهة وحزب الله من جهة أخرى. لا تراجع أو تهاون. النتائج الإيجابية، بحسب المعنيين ستظهر قريباً. البؤر الإرهابية سيقضى عليها تأسيساً لما هو مقبل.
وعليه، خطاب الحريري يأتي في سياق التخفف من الإحراج الآتي من التعاون مع الدولة السورية على طريقة البولينغ بضربة واحدة يسقط حفنة من الأهداف. تعاون حتمي من خلال أوجه عديدة تتعدّى النزوح وعرسال ومعبر «نصيب» الحدودي.