نصرالله للعراقيين: انتقال مئات المسلحين لن يغيّر التوازنات وجبهتنا ستبقى واحدة ونقدّر مشاركة مجاهديكم في سورية
أوضح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ الاتفاق في القلمون قضى بنقل عدد من مسلّحي «داعش» وعائلاتهم من أرض سوريّة إلى أرض سوريّة، وليس من أرض لبنانية إلى أرض عراقيّة، مشيراً إلى أنّ نقل 310 من المسلّحين المهزومين لن يغيّر شيئاً في معادلة المعركة في محافظة دير الزور التي يتواجد فيها كما يُقال عشرات الآلاف من المقاتلين.
وقال السيد نصرالله في بيان أمس:
«اطّلعت اليوم على تصريحات عدد من الأخوة المسؤولين العراقيّين حول مجريات التفاوض الأخير الذي جرى في منطقة القلمون السورية، وكذلك قرأت بعض التعليقات لشخصيّات وجهات عراقيّة مختلفة حول الموضوع نفسه، إنّني من موقع الأخُوّة والمحبّة أودّ أن أعلّق بما يلي:
1 – إنّ الاتفاق قضى بنقل عدد من مسلّحي «داعش» وعائلاتهم من أرض سوريّة إلى أرض سوريّة، أيّ من القلمون الغربيّ السوريّ إلى دير الزور السوريّة، وليس من أرض لبنانيّة إلى أرض عراقيّة، حيث إنّ غالبيّة مقاتلي القلمون الغربي السوري من السوريّين، ولم يكن قد بقي منهم في الأرض اللبنانية إلا أفراد قليلون جداً.
2 – إنّ الذين تمّ نقلهم ليسوا أعداداً كبيرة، وإنّ 310 من المسلّحين المهزومين المنكسرين المستسلمين الفاقدين إرادة القتال لن يغيّر شيئاً في معادلة المعركة في محافظة دير الزور التي يتواجد فيها، كما يُقال، عشرات الآلاف من المقاتلين.
3 – إنّ المنطقة التي انتقلوا إليها هي خط الجبهة في البادية السوريّة، التي يعرف الجميع أنّ الجيش السوري وحلفاءه يقاتلون فيها قتالاً شديداً منذ أشهر عدّة، وأنّ رأس الحربة في هجوم البادية السوريّة على جماعة «داعش» كان وما زال حزب الله الذي قدّم أعداداً كبيرة من الشهداء هناك، وبالتالي نحن ننقل هؤلاء المسلّحين المهزومين من جبهة نحن نقاتل فيها إلى جبهة نحن نقاتل فيها.
4 – كان لدينا في لبنان قضيّة إنسانيّة وطنيّة جامعة هي قضيّة العسكريين اللبنانيين المخطوفين من قِبل «داعش» منذ سنوات عدّة، وأنّ الإجماع اللبناني كان يطالب بكشف مصيرهم وإطلاق سراحهم، إن كانوا أحياء أو استعادة أجسادهم إنْ كانوا شهداء، وكان الطريق الوحيد والحصريّ في نهاية المطاف هو التفاوض مع هؤلاء المسلّحين لحسم هذه القضية الإنسانيّة الوطنيّة، وكان «داعش» يرفض كشف مصيرهم، وبعد معركة قاسية جداً على طرفَيْ الحدود اللبنانيّة السوريّة وبعد أن خسر «داعش» أغلب قوّته ومساحة الأرض التي يسيطر عليها رضخ وأذعن.
إنّ اللجوء إلى الحسم العسكري الشامل كان ممكناً وسهلاً، ولكنّه كان سيضيّع قضيّة مصير العسكريّين اللبنانيّين.
5 – أودّ أن أذكّر الأخوة الأعزّاء أنّ حزب الله دخل وبكلّ قوة إلى جبهات القتال إلى جانب الجيش السوري وفي مواجهة التنظيمات التكفيرية منذ بداية الحرب، وقاتل في العديد من هذه الميادين إلى جانب الجيش السوري، الذي كان دائماً يدمّر قدرات الإرهابيّين التكفيريّين ولم يعمدا إطلاقاً إلى استراتيجيّة الاحتواء.
إنّ هدفنا جميعاً هو الانتصار على التكفيريّين من خلال قتالهم، أمّا التكتيكات فلكلّ ساحة قيادتها الأعلم بكيفيّة تحقيق الانتصار.
6 – حزب الله لم يتوانَ عن قتال «داعش» في أيّ مكان كان يُدعى إليه أو يقتضيه الواجب عليه، وأنتم تعلمون ذلك جيداً، وليس هو الجهة التي يمكن التشكيك في نيّاتها وخلفيّاتها أو في شجاعتها وصدقيّتها، خصوصاً في هذه المعركة.
كما لا يصحّ أيضاً توجيه أصابع الاتهام والتشكيك إلى القيادة السورية، لأن هذا الاتفاق هو اتفاق حزب الله، وقد قبلت به القيادة السورية التي يقاتل اليوم جيشها في عدد كبير من الجبهات ضد «داعش» من شرق حماه إلى شرق حمص إلى جنوب الرقة إلى غرب دير الزور إلى البادية السورية، ويقدّم يومياً أعداداً كبيرة من الشهداء.
7 – نحن نعتز بمشاركة إخواننا المجاهدين العراقيين من فصائل المقاومة العراقية البطلة الذين سارعوا منذ الأيام الأولى للحرب في سورية إلى الحضور في الميدان السوري، وكانوا من أصحاب البصائر النيّرة عندما كان البعض ما يزال يبحث في جنس الملائكة. وقد قاتلنا وإياهم كتفاً إلى كتف وامتزجت دماؤنا في الكثير من مواقع القتال وما زال هؤلاء الأبطال العراقيون في الخنادق نفسها يقاتلون ويغيِّرون المعادلات، ونحن إذ نفتخر بهم، نقدر لهم حضورهم الدائم وتضحياتهم الكبيرة في الدفاع عن الأمة والمقدسات ونشكرهم على ذلك.
وأخيراً أبارك للعراقيين جميعاً انتصاراتهم العظيمة من الموصل إلى تلعفر التي صنعوها بدمائهم المباركة وقواتهم المسلحة البطلة وحشدهم الشعبي المبارك.
وأقول لهم إن معركتنا واحدة وإن مصيرنا واحد وإن انتصارنا على التكفيريين والإرهابيين وحلفائهم وداعميهم من قوى إقليمية ودولية سيكون تاريخياً، وإن أخُوتنا لن يزعزها أي شيء على الإطلاق».
المالكي
وفي أول تعليق عراقي على كلام السيد نصرالله اعتبر رئيس ائتلاف دولة القانون نائب الرئيس العراقي نوري المالكي أنّ نقل عدد من مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي إلى دير الزُّور السورية جزء من استراتيجية المعركة الجارية ضدّ قوى الإرهاب، موضحاً أنّ لكلّ معركة ظروفها وأدواتها الساعية لتحقيق النصر.
واستنكر المالكي الحملة الممنهجة ضدّ السيد نصرالله، موضحاً أنّ هذه الحملة يقودها الجهل والحقد والانسياق خلف الرأي العام الموجَّه عدائياً، مؤكداً أنّ القرار الذي اتخذه حزب الله هو قرار صائب، ومخترق العقل مَنْ يشكك بصدق وجهادية حزب الله والسيد نصرالله.
وأشار المالكي إلى أنّ الحديث عن دير الزُّور والبو كمال شأن سوري، وليس عراقياً، لذلك مثل هذا الإجراء تفرضه طبيعة المعارك، وما يراه المقاتل على الأرض غير الذي يراه المراقب من غير ذوي الخبرة بالقتال، لكن السؤال الأهمّ مَن سمح للمئات من داعش الانسحاب من تلّعفر وبطوابير بعد أن سلّموا أسلحتهم إلى قوات البيشمركة حتى علم الجميع أنّ تلعفر لم تحرّر بقتال إنما باتفاق؟ وهنا أيضاً نحترم إرادة القائد الميداني وطريقة معالجة الموقف ميدانياً، لأنه يرى ما لا يراه المراقب.
وسأل المالكي: هل يجوز الاتفاق هنا الذي فرضه الميدان العسكري ولا يجوز هناك داخل الأرض السورية؟!
وحذّر من الانسياق خلف محاولات الإساءة وإثارة الشكوك لشق صفوف جبهة مقاومة الاٍرهاب، ولو أنهم دفعوا بهم إلى داخل العراق لكان كلامنا حقاً لنا، وهنا يأتي تأكيد الحشد على ضرورة مسك الحدود، وهو ما عارضه التحالف الدولي.