واشنطن تستخدم حق النقض ضدّ مشروع يدين قرار ترامب حول القدس
استخدمت واشنطن حقّ النقض «الفيتو» ضدّ مشروع القرار الذي تقدّمت به مصر بشأن القدس، بعد جلسة لمجلس الأمن بشأن مشروع قرار يرفض إعلان ترامب اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني.
وصوّتت 14 دولة لصالح مشروع القرار الرافض لإعلان ترامب.
وأكّدت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن نيكي هايلي، أنّ «الولايات المتحدة لن تسمح بمرور القرار 2334، الذي يُعتبر غير حيادي وأسودَ»، مشيرة إلى أنّ «الولايات المتحدة ستعترض على مشروع القرار وستمارس الفيتو بوجهه».
وقالت هايلي في كلمتها خلال جلسة مجلس الأمن للنظر في مشروع قرار بشأن القدس، إنّ «الفلسطينيّين رفضوا مقترحات السلام واحداً بعد الآخر»، مضيفةً أنّ «إسرائيل تحمّلت لعقود حملات عدم الحيادية».
وأشارت إلى أنّ «نقل السفارة الأميركية إلى القدس لا يعني الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل»، لافتةً إلى أنّ «واشنطن ستنتظر المفاوضات».
ومشروع القرار المقترح لا جديد فيه، وكانت واشنطن وافقت عليه سابقاً، إلّا أنّها استخدمت «الفيتو» أمس.
وفيما أشار المندوب الفرنسي إلى دعم بلاده للقدس عاصمة لدولتَين، شدّد مندوب بريطانيا على أنّ بلاده تدعم القرار الأممي وستصوّت لصالحه.
وكان منسّق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في «الشرق الأوسط» نيكولاي ميلادينوف، أكّد أنّ «إسرائيل قتلت 22 فلسطينياً في الأشهر الثلاثة الماضية»، لافتاً إلى أنّ «إسرائيل أطلقت تصريحات مستفزّة، مطالبةً بحدود من البحر إلى النهر».
وقال ميلادينوف، إنّ «قطاع غزة ما يزال يعاني من انقطاع الكهرباء»، مشيراً إلى أنّ «أعمال العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين زادت بعد إعلان ترامب».
وأضاف أنّ «الوحدات الاستيطانية الإسرائيلية تضاعفت في عام 2017»، منوّهاً إلى أنّ «النشاطات الاستيطانية الإسرائيليّة تقوّض فرص إقامة دولة فلسطينيّة قادرة».
وبالتزامن، أفادت وكالة «الأناضول» التركيّة الأحد، بأنّ مجلس الأمن الدولي يناقش بمبادرة من أنقرة مشروع قرار يقضي بعدم جواز تغيير الوضع الحالي لمدينة القدس من جانب واحد.
وقبل التصويت، قال المندوب المصري لدى الأمم المتحدة، عمرو أبو العطا، إنّ مصر تقدّمت بمشروع القرار في ظلّ منعطف خطير أمام القضية الفلسطينية. وأضاف المندوب المصري، أنّ أيّ محاولة لتغيير الوضع في القدس تُعتبر قراراً أُحادياً ومخالفاً للقانون الدولي.
وأشار المندوب المصري لدى الأمم المتحدة إلى أنّ مشروع القرار يطالب الدول بعدم تأسيس بعثات دبلوماسية في القدس، كما أفاد بأنّ مشروع القرار المقدّم يؤكّد على حلّ الدولتين.
وكان رياض منصور، المراقب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، قال إنّ فلسطين قد تطلب دعم الجمعية العامّة للأمم المتحدة إذا استخدمت واشنطن حقّ النقض لإسقاط قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن القدس.
جاء ذلك في تصريحات لمنصور نشرتها صحيفة «آراب نيوز» السعودية الصادرة باللغة الإنكليزية أمس، قبل تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار مصري حول وضع القدس.
وتنصّ مسوّدة المشروع على أنّ أيّ قرار أو تصرّف يبدو أنّه يغيّر طابع القدس أو وضعها أو التركيبة السكّانية فيها، يفتقر إلى الشرعية القانونية ويعتبر باطلاً ويتعيّن إلغاؤه.
ونقلت الصحيفة عن المراقب الفلسطيني قوله، إنّ الفلسطينيين والمصريين عملوا عن كثب مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي أثناء وضع مسودة القرار لضمان الدعم الكبير له.
وأضاف: «طلب منّا الأوروبيون على وجه الخصوص الابتعاد عن كلمات مثل شجب وإدانة، وعدم ذكر الولايات المتحدة بالاسم. امتثلنا إلى طلبهم، لكنّنا أبقينا على الفقرات الفعّالة التي ترفض كلّ التغييرات في القدس، وتعيد التأكيد على القرارات السابقة».
وذكرت الصحيفة، أنّ الفلسطينيين يملكون خيار تفعيل مادة في ميثاق الأمم المتحدة نادراً ما تُستخدم، وتدعو أطراف النزاع إلى عدم استخدام «الفيتو». لكنّها أضافت أنّ الفلسطينيين سيحيلون الأمر على الأرجح إلى الجمعية العامّة بموجب القرار 377 إيه الذي يُعرف بِاسم قرار «الاتحاد من أجل السلام»، والذي صدر في 1950 واستخدم للموافقة على إرسال قوّات أميركية لخوض الحرب الكوريّة.
وقال منصور، إنّ الفلسطينيّين لجأوا إلى قرار «الاتحاد من أجل السلام» في تسعينيات القرن الماضي بعدما بدأت «إسرائيل» بناء مستوطنة على جبل أبو غنيم بالضفة الغربية المحتلّة إلى الجنوب من القدس، لكنّهم علّقوا الجلسة. وأشار منصور إلى أنّ بوسع الفلسطينيّين طلب استئناف الجلسة.
وقال منصور: «إذا استُخدم الفيتو ضدّ القرار، فإنّ الوفد الفلسطيني يمكن أن يبعث بخطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة ويطلب منه استئناف الجلسة الطارئة».
إلى ذلك، شدّد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، على «أنّنا من اليوم نرفض أن تكون الولايات المتحدة وسيطاً في عملية السلام»، مشيراً إلى «أنّنا مصمّمون على أن نحصل على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة».
وكشف عباس في مؤتمر صحافي، «أنّنا سننشر اليوم التوقيع على طلب الانضمام إلى 22 منظّمة دولية جديدة ضدّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب »، مركّزاً على أنّ «إعلان ترامب حول القدس لا يحمل أيّ شرعية، وسنتّخذ إجراءات قانونية وسياسية ودبلوماسية ضدّه».
وأضاف عبّاس، أنّنا مصمّمون أن نذهب مرة أخرى أو أكثر للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، قائلاً إنّنا أحرار في الدخول إلى كلّ المنظّمات الدولية، وهناك أكثر من 500 منظمة أو هيئة لندخلها.
وكان عباس أعلن في 6 كانون الأول الحالي، أنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذ القدس عاصمة لـ«إسرائيل» ونقل السفارة الأميركية من «تلّ أبيب» إلى القدس، يمثّل إعلاناً للولايات المتحدة بالانسحاب من دورها في رعاية عملية السلام.
وأشار في كلمة له عقب خطاب ترامب إلى أنّ «الموقف العربي والإسلامي موحّد لجهة إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف».
عباس قال: «نحن بصدد دعوة المجلس المركزي لمنظمة التحرير لتأكيد الموقف الفلسطيني الموحّد، ووضع كلّ الخيارات أمامنا».
وعلى الصعيد الميداني، أعلن المجلس الثوري لحركة «فتح» أنّ غداً الأربعاء سيكون يوم غضب فلسطيني عربي عالمي يحمل رسالة للولايات المتحدة، معتبراً إيّاها شريكاً أساسياً للاحتلال ضدّ شعب فلسطين.
وقال المجلس، في بيان صدر عنه في نهاية اجتماع عقده مساء أمس: «الإدارة الأميركية شريك أساسي للاحتلال في اضطهاد شعبنا، بفعل سلوكها وقراراتها المساندة للاحتلال، وبالتالي فإنّها عزلت نفسها عن المجتمع الدولي باختراقها الفاضح للاتفاقات والقرارات الأممية وقواعد القانون الدولي».
وأضاف: «منظمة التحرير الفلسطينية مطالبة في هذه المرحلة بممارسة دورها كمرجعية وحيدة لكافّة أبناء شعبنا الفلسطيني في كافّة أماكن تواجده، والبحث عن السُّبل والأدوات الكفاحيّة لحماية شعبنا واسترداد حقوقه وإعادة النظر في اتّفاق أوسلو وما ترتّب عليه من التزامات فلسطينية لم تلتزم بها دولة الاحتلال».
وأقرّ المجلس تشكيل قيادة عمل ميداني لوضع كافّة قرارات القيادة الفلسطينية موضع التنفيذ وفق متطلّبات وتطوّرات المرحلة، عبر استراتيجية يتمّ التوافق عليها وطنياً، «وخاصة في الأدوات الكفاحية لمواجهة الاحتلال».
وحذّر المجلس من المحاولات الأميركية «الإسرائيلية» الهادفة لاختراق الموقف السياسي الفلسطيني عبر لقاءات نعتبرها مشبوهة وسنعمل على مواجهتها.
كما دعا المجلس لتشكيل اللجان القيادية في كافّة أراضي دولة فلسطين المحتلّة لقيادة المقاومة الشعبية في وجه الاحتلال ومستوطنيه، موجّهاً التحية لكافّة الأقاليم الحركية في الوطن والمناطق التنظيمية وكافّة التشكيلات الحركية والنقابية والطلابية.
وأكّد المجلس على «ضرورة التحاق كافّة القطاعات بالتظاهرات والمسيرات والفعاليات الوطنية التي يُعلَن عنها من قِبل القيادة المركزية والميدانية، مع الإشارة للتأكيد على أنّ يوم الأربعاء هو يوم غضب فلسطيني عربي عالمي يحمل رسالة لنائب الرئيس الأميركي بينس، القادم للرقص على جراحات شعبنا».