من دمشق إلى بغداد.. معرض «خان الحرير» يروي حكاية الصمود والنهوض بالصناعة السورية
دمشق ـ إنعام خروبي
كانت مدينة حلب بوابة رئيسية ومركزاً هاماً على طريق الحرير القديم الممتدّ من الصين إلى أوروبا، وكان «خان الحرير» يشكل مركز تجمُّع الصناعات النسيجية في قلب حلب القديمة، باعتبارها العاصمة الصناعية لسورية والعاصمة النسيجية للمنطقة. ويعدّ خان الحرير، أحد أسواق المدينة القديمة، المدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو للتراث العالمي.
رغم الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإرهابية، لم يستسلم صناعيو حلب، هذه المدينة العريقة التي كانت ممرّاً للقوافل وعصب الصناعة والتجارة في البلاد، واستطاعوا في زمن قياسي، بصمودهم وإرادتهم، إعادة تحريك عجلة الإنتاج في المدينة التي عادت إلى حضن الوطن أواخر العام 2016، وها هو «الخان» يحطّ رحاله على أرض مدينة المعارض بدمشق، وقد أنهت غرفة صناعة حلب الاستعدادات لإطلاق «معرض خان الحرير» من 2 وحتى 5 شباط المقبل برعاية وزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية والصناعة، وفي بغداد من 7 حتى 11 من الشهر نفسه.
وتحدث رئيس لجنة العرقوب الصناعية ومنظم المعرض محمد صباغ لـ «البناء»، لافتاً إلى أنّ مسيرة معرض خان الحرير بدأت «بعد نفض غبار الحرب عن المناطق الصناعية وتحريرها من قبل الجيش، وأهمّها المدينة الصناعية في الشيخ نجار ومنطقة العرقوب الصناعية مع انتقال عدد كبير من المنشآت إلى داخل المدينة لتحافظ على الصناعة السورية وعراقة ماضيها، تلك الصناعة التي كان لها حضور واسع ومميّز في الأسواق العربية والعالمية، نظراً للجودة التي تتمتع بها، وقد وصلت صادراتنا قبيل الأزمة إلى أكثر من 180 دولة. وانطلاقاً من هذا الدور الصناعي العريق لمدينة حلب، كانت نواة انطلاق معرض حمل اسم خان الحرير، تكريساً لعودة هذه المناطق الصناعية، وتأكيداً على أنّ الصناعي السوري قادر على التأقلم مع الظروف ويسعى جاهداً للحفاظ على الصناعة الوطنية، بكافة منتجاتها، وبالمواصفات الجيدة التي طالما تميّزت بها».
ولفت إلى «أنّ المعرض حمل هذا الاسم، ارتباطاً بقوة طريق الحرير ودوره الكبير في التجارة والاستيراد والتصدير ووصول المنتج السوري لعدد كبير من الدول، وكانت الولادة الأولى لهذا المعرض في صيف 2016، وهو يضمّ جميع الصناعات النسيجية من ألبسة الأطفال والألبسة النسائية واللانجري والألبسة الرجالية والأقمشة ومستلزمات الإنتاج والجلديات».
وأوضح صباغ أنّ عدد المشاركين «بلغ 150 مشارك، ويستهدف المعرض تجار ووكلاء الجملة في الدول المجاورة والصديقة، وهو قائم على العرض فقط، وليس البيع المباشر، وهدفه فتح أسواق خارجية للمنتجات المعروضة ووكلاء للتعريف بمنتجاتنا المواكبة للموضة، ذات النوعية المميّزة والمتوفرة بأسعار منافسة».
منذ بضعة أسابيع، زار وفد حكومي سوري ضمّ 16 وزيراً برئاسة رئيس مجلس الوزراء عماد خميس مدينة حلب، للوقوف على الواقع الخدماتي والاقتصادي فيها، بتوجيه من الرئيس الدكتور بشار الأسد.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنّ الزيارة جاءت تتويجاً لانتصارات الجيش السوري، مؤكداً أنّ حلب لم تغِب يوماً عن اهتمام الحكومة. وقد تطرّق صباغ إلى تفاصيل هذه الزيارة،
لافتاً إلى أنّ الرئيس خميس وعد باستكمال تأهيل البنى التحتية للمناطق الصناعية وتأمين القروض ودراسة مجموعة قوانين وتشريعات تحفيزية لإعادة دورة الإنتاج.
وعن تخصيص أيام من معرض «خان الحرير» للعاصمة العراقية بغداد، قال صباغ: «سيُقام معرض خان الحرير في بغداد تحت شعار صُنع في سورية، ضمن عدة صالات، لتكون أكبر مشاركة للصناعات السورية في العاصمة العراقية، وهدفنا أن ننقل للعالم أجمع رسالة مفادها أنّ سورية قادرة على المنافسة ودخول أسواق الدول المجاورة والصديقة، ولكي نؤكد للجميع أنّ التجار العراقيين على علاقة وطيدة بالمنتج السوري، بما يتناسب مع متطلباتهم وحاجاتهم».
وشدّد صباغ على أهمية هذه المعارض داخلياً وخارجياً لتأكيد «أنّ عاصمة الصناعة نفضت عنها غبار الحرب وبدأت بالتعافي، ليعود المارد ويقول إنّ الإرهاب لم يستطع هزيمة الصناعيين السوريين ولم يكسر إرادتهم وإيمانهم بوطنهم»، موضحاً «أنّ نسبة المصانع التي تضرّرت وسُرقت ودُمِّرت تقارب الـ40 في المئة، وقد بدأت المنشآت المتضرّرة بالعودة تدريجياً إلى العمل، وبعضها تجري إعادة تأهيلها لإعادة دورة الإنتاج إلى ما كانت عليه قبل الحرب الكونية على سورية، فتعود منتجاتنا من جديد إلى أسواق الدول المجاورة والصديقة، وتثبت للعالم أنّ الصناعي السوري قادر على التكيُّف مع جميع الظروف، ومن خلال المعارض أيضاً نطمئن التجار والمستوردين أنّ عاصمة الصناعة بدأت بالتعافي وتحتاج إلى الشرفاء ليعود منتجها يتصدّر الأسواق العربية والأجنبية، ونحن بصدد تنظيم معارض مماثلة في بيروت وعمان والجزائر».