محاضرة عن استخراج النفط في «اللبنانية»
نظم قسم الجغرافيا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني محاضرة بعنوان «استخراج النفط في لبنان بين اشكاليات الترسيم وتحديات التلزيم»، برعاية عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية الدكتور أحمد رباح ممثلاً بمدير الكلية الدكتور مروان أبي فاضل، شارك فيها الرئيس السابق والعضو الحالي في الهيئة الناظمة لإدارة قطاع البترول في لبنان المهندس وسام شباط، الدكتور في القانون الأستاذ الدولي والمحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور أرز لبكي، وأدارتها رئيسة قسم الجغرافيا الدكتورة لورنس شربل، في قاعة الدكتور يوسف فرحات على مسرح الكلية ـ الفرع الثاني في حضور عدد من الاساتذة والطلاب والشخصيات الاكاديمية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية.
شربل
وأشارت الدكتورة شربل إلى أنّ «الحديث عن إمكانية وجود النفط في لبنان وتحويله الى بلد نفطي أسوة بالبلدان المجاورة ليست مسألة مستجدة. فالقصة بدأت أيام الإنتداب الفرنسي عندما أصدر المفوض السامي هنري دو جوفنيل سنة 1926 تشريعاً أجاز فيه التنقيب عن النفط والمعادن واستثمارها واستخراجها. ولكن أولى عمليات الحفر حدثت سنة 1946 وامتدت حتى سنة 1963، قامت بها عدة شركات أبرزها شركة نفط العراق IPC وشركات إيطالية وأميركية، وشملت تباعا منطقة تربل في الشمال، يحمر في البقاع الغربي، عدلون في قضاء صيدا، سحمر وتل ذنوب والقاع في البقاع وعبرين في شرقي البترون. ولكن كل هذه المحاولات توقفت ولم يتم فيها استثمار تجاري».
أضافت: «بعدها توقفت الدراسات خصوصاً في فترة الحرب والمرحلة التي لحقتها حتى سنة 2002 عندما تعاقدت الدولة اللبنانية مع شركة Spectrum سبكتروم البريطانية التي قامت بإجراء مسح ثنائي الأبعاد للمياه البحرية اللبنانية، ثم قامت شركة PGS النروجية بإستكمال المسوحات الثلاثية الأبعاد والتي أكدت وجود كميات تجارية من النفط والغاز».
وأشارت إلى أنه «بعد اكتشاف شركة Nobel Energy الأميركية والمساهمين فيها يهود حقل الغاز Leviathan في الأراضي التي يحتلها الكيان الإسرائيلي، في حوض المتوسط، زاد الإعتقاد بوجود كميات ضخمة من الغاز في لبنان، وبدأت الخطوات العملية بهدف الإستثمار التجاري من ناحية البحر». وقالت: «أهم هذه الخطوات، كانت مع دورة التراخيص الأولى للرقعتين 4 و9 14 كانون الأول 2017 ، حيث فاز فيها إئتلاف الشركات المؤلف من Total S.A وEni International BV وJSC Novatek».
وقالت: «اليوم، وبعد مرور سنة على هذا التلزيم، يهمنا أن نعرض الواقع الحالي لهذا القطاع والإشكاليات المرتبطة فيه، خصوصا إشكاليات ترسيم الحدود البحرية وإشكاليات التلزيم».
لبكي
وأوضح الدكتور لبكي «أن التطور التكنولوجي الحاصل هو الذي سمح لنا بمعرفة الثروات الطبيعية الموجودة في المياه الإقليمية اللبنانية»، مشيراً إلى «النظريات الدولية القديمة والحديثة حول اقتسام الحدود البحرية للدول المتشاطئة على البحار، والفرق بين المياه الاقليمية التي تصل إلى حدود 12 ميلاً بحرياً، حيث تمارس عليها الدولة سيادتها الكاملة والجرف القاري أو المنطقة الاقتصادية الحصرية التي هي كناية عن منطقة تمارس عليها الدولة سيادة اقتصادية فقط، والتي تصل إلى حدود 200 ميل بحري، وحيث يمكن للدولة القيام بالتلزيم والاستثمار وما إلى ذلك وفقاً لمصـالحها الاقتصادية. وبقدر ما تكون سماكة الجرف القاري كبيرة كلما كانت فرصة وجود ثروات باطنية كبيرة».
وتناول لبكي «مشاكل لبنان في عملية ترسيم الحدود البحرية، بين لبنان وقبرص بدءا من نقطة رقم واحد في الشمال وترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة، حيث ترسمت الحدود البحرية على هذا الاساس سنة 2007، ولكن بعد فترة عرف لبنان بتوقيع اتفاقية بين قبرص و«اسرائيل»، حيث تظهر منطقة تعتبر ضمن المنطقة اللبنانية الاقتصادية الخالصة بينما شملتها «اسرائيل» في اتفاقيتها مع قبرص على أنها تابعة لها، والمسافة بين النقطة 1 والنقطة 23 هي 17 كليمترا، فأرسل لبنان معطياته حول الحدود وارسلت «اسرائيل» من جانبها معطياتها».
وأشار إلى أنه «ضمن الاتفاقية بين لبنان وقبرص بند، انه اذا ارادت مثلا قبرص ان تتفق مع طرف ثالث فهي مجبرة على ان تبلغ لبنان بذاك الاتفاق. وهذا لم يحصل، حيث ظهر في العام 2010 اتفاق ترسيم بين قبرص و«اسرائيل»، ما يعني سرقة من ثروات لبنان النفطية. وكذلك الامر هناك مشكلة في ترسيم الحدود البحرية من جهة الشمال مع سوريا وتفتح سوريا سنة 2011 موضوع التلزيمات النفطية البحرية، في ظل تداخل بين البلوكات السورية واللبنانية».
وأعلن لبكي عن «حلول مطروحة لهذه النزاعات، مشيرا الى ان الاميركيين تدخلوا للحل، معتبرا ان الحل الممكن بالنسبة للبنان هو ان يتدخل طرف ثالث كالامم المتحدة مثلا، والاقتراحات التي قدمتها اميركا، مع الوسيطين هوف وأوشتاين.
شباط
وشرح شباط، من جهته، ومن خلال الخريطة الموجودة لشرق المتوسط، مكامن وجود النفط والغاز في هذه المنطقة الممتدة من مصر جنوبا حتى قبرص وتركيا شمالاً، لافتاً إلى «الفرق بين الجغرافيا التي تحددها حدود جغرافية، بينما الجيولوجيا تمتد بين الدول، حيث تتشارك الثروات بين الدول في المناطق الجيولوجية وبالتالي تتم عملية تقاسم هذه الثروات».
وأشار إلى عمليات التنقيب والاستثمار الجارية في شرق المتوسط، وأهمية توفر البنية التحتية المواكبة لهذه الصناعة، وما يحصل على صعيد التنقيب في منطقة شرق المتوسط وتأثير هذا الوضع على لبنان وثروته من النفط والغاز، مؤكدا «أن النفط يمكن انتاجه وتصديره الى كل الجهات، إما عبر الانابيب أو بناقلات النفط، بينما الغاز يحتاج الى تمديدات وتجهيزات ضرورية من اجل انتاجه وتسويقه مباشرة أو تسييله وتخزينه لفترة معينة، وهذه كلفتها عالية».
ولفت إلى «أن أهم حقل غاز تم اكتشافه في «اسرائيل» هو حقل «ليفيتان»، ولكن منذ اكتشافه سنة 2009 وحتى اليوم لم يستثمر من قبل الشركات، نظرا لوضع «اسرائيل» العدائي مع الدول المجاورة، اضافة الى عدم وجود الثقة عند الشركات للاستثمار عندها».
وقال: «بالنسبة للوضع اللبناني، يجب الحديث بأمل، بأن هذا الملف أصبح استراتيجياً بعد انتهاء النزاع حوله، وأصبح التعاطي جدياً بكل ما يتعلق بالنفط. ففي اوائل 2017 استكملت عملية دورة التراخيص الأولى في لبنان وتم منح الرخص للشركات، ثم تم توقيع العقود فعلياً في 27 كانون الثاني 2018 وتمت الموافقة على خطة الاستكشاف في أول 3 سنوات في اواخر ايار 2018. والآن يتم تطبيق هذه الخطة، واول حفر لبئر استكشافي سيكون في أواخر 2019 في البلوك رقم 4. ونتائج هذا البلوك ستؤثر على موقع البلوك رقم 9، أي سيحصلون على النتائج ويحللونها ويقررون حينها أين سيتم الحفر في البلوك رقم 9، ما يعني أنه أواخر 2019 وأوائل 2020 من المفترض أن يكون لدينا نتائج إيجابية في قطاع النفط».
وأكد شباط أنه «مع الإرادة القوية يمكننا تحقيق التميز في هذا القطاع، وأنّ وحدة الموقف اللبناني وقوته هما السلاح الوحيد من أجل نجاح هذا الإنجاز، إضافة إلى ضرورة الاستثمار الصحيح لهذا القطاع. وتحدث عن أهمية الخصائص الجيولوجية في لبنان والتي تعطي مؤشرات على غنى لبنان بهذه الثروة».