عن حرارة العلاقة بين دمشق ورام الله
حميدي العبدالله
زار وفد من السلطة الفلسطينية وحركة فتح دمشق وقام بتدشين مكتب لتلفزيون فلسطين الذي يعبّر عن وجهة نظر السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وأعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد أنّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيقوم في وقت قريب بزيارة سورية.
ربما تطرح عودة الحرارة إلى العلاقات بين الدولة السورية والسلطة الفلسطينية الكثير من الأسئلة حول أبعادها وأسبابها ودوافعها، لا سيما أنّ العلاقات بين الدولة السورية والسلطة الفلسطينية قبل الحرب الإرهابية على سورية شابها الكثير من الفتور على امتداد فترة طويلة.
لا شك أنّ هناك سببين رئيسيّين كانا وراء عودة الحرارة إلى العلاقة بين سورية والسلطة الفلسطينية:
ـ السبب الأول، موقف فتح من الحرب الإرهابية على سورية، إذ في حين أنّ حركة حماس تنكّرت لكلّ ما قدّمته سورية لها، حيث تعرّضت سورية لضغوط وعقوبات من الولايات المتحدة على خلفية موقفها الداعم للمقاومة الفلسطينية واستضافة مكاتب لحركة حماس وتقديم الحماية لكبار قادتها وتأمين سهولة تحركهم بين لبنان وعواصم أخرى، وقفت حماس إلى جانب التنظيمات الإرهابية وقدّمت الدعم لها، بل إنّ أعضاء حماس في كلّ المخيمات الفلسطينية شاركوا إلى جانب الجماعات الإرهابية في الحرب ضدّ الجيش العربي السوري الذي قدّم الدعم بالسلاح لحركة حماس على امتداد فترة تزيد على ثلاثية عقود.
لكن حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وعلى الرغم من علاقاتها الفاترة وحتى المتوترة مع الدولة السورية قبل الحرب الإرهابية، وعلى الرغم من أنّ غالبية الحكومات العربية وقفت ضدّ سورية ودعمت الحرب الإرهابية عليها، إلا أنّ السلطة الفلسطينية وحركة فتح اتخذت موقفاً مقبولاً ولم تشارك في الحرب الإرهابية على سورية، وكان هذا سبباً في تحسّن العلاقات بين السلطة الفلسطينية وفتح من جهة والدولة السورية من جهة أخرى، كان من ثماره الخطوات الأخيرة بما فيها الزيارة المحتملة لرئيس السلطة الفلسطينية إلى دمشق.
ـ السبب الثاني، أنّ مسيرة التسوية والرهان على الولايات المتحدة في الوصول إلى تسوية تمنح الفلسطينيين الحدّ الأدنى من حقوقهم قد وصلت إلى طريق مسدود، بل إنّ الولايات المتحدة في عهد إدارة ترامب أقدمت على خطوات استفزازية مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس والتبنّي المطلق لكلّ إجراء تتخذه حكومة العدو، ولم تعد معنية بالعمل على تسوية سياسية ترضي وتلبّي الحدّ الأدنى من مطالب الفلسطينيين وفي مقدّمتها حلّ الدولتين، وجعل القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية التي تسعى إليها السلطة الفلسطينية.
مصير التسوية، وموقف الولايات المتحدة، وحتى عداؤها للسلطة الفلسطينية، ساهم في اقتراب السلطة الفلسطينية وحركة فتح من مواقف الدولة السورية، التي بالأساس لم تكن ترفض خيار التسوية مع الكيان الصهيوني، ولكن ربط هذه التسوية بما يحقق الحدّ الأدنى من الحقوق العربية والفلسطينية.