تكرار الاعتداءات «الإسرائيلية» والانسحاب الأميركي
حميدي العبدالله
يبدو أنّ ثمة علاقة بين تواتر الاعتداءات «الإسرائيلية» على مواقع للجيش السوري وبين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سورية.
من المعروف أنّ تل أبيب رأت في قرار الانسحاب طعنةً لها بالظهر وتركها وحيدةً في مواجهة منظومة المقاومة في سورية، عبّر قادة الكيان الصهيوني ووسائل إعلامه المختلفة عن خيبة أمل، كما زار مسؤولون إسرائيليون واشنطن وحرّكوا اللوبي المرتبط بالكيان الصهيوني، والذي يعمل في الكونغرس ودوائر حكومية، لإقناع الرئيس الأميركي بالتراجع عن القرار، وهو ما أثمر حتى الآن توجهاً لإبطاء هذا الانسحاب.
معلقون «إسرائيليون» كانوا أكدوا في وقت سابق أنّ الاستراتيجية الأميركية و»الإسرائيلية» المشتركة كانت تقوم على توزيع الأدوار. تل أبيب تضغط على إيران ومحور المقاومة عسكرياً، وواشنطن تمارس الضغط الاقتصادي والسياسي. وعلى الرغم من أنّ هذه الاستراتيجية لا تلحظ دوراً عسكرياً مباشراً للولايات المتحدة، إلا أنّ المعلقين الإسرائيليين يعتقدون أنّ وجود القوات العسكرية الأميركية في سورية يسهم في خلق توازن قوى في الصراع بين منظومة المقاومة والعدو «الإسرائيلي» يصبّ في مصلحة تل أبيب، وبالتالي فإنّ سحب القوات الأميركية من سورية يساهم بقوة في إضعاف الاستراتيجية «الإسرائيلية» – الأميركية المشتركة.
تزايد الاعتداءات «الإسرائيلية» على سورية في الآونة الأخيرة يحمل في طياته رسائل مزدوجة، من جهة تسعى تل أبيب إلى إشعال فتيل مواجهة واسعة، أدنى من حرب مفتوحة، لعلّ هذه المواجهة العسكرية الواسعة تلعب دوراً في عرقلة الانسحاب الأميركي أو تأخيره من خلال توفير مادة تساعد جماعات الضغط التي تدافع عن الكيان الصهيوني بإقناع ترامب بالتراجع عن قرار الانسحاب وربطه من جديد بسحب القوات الإيرانية من سورية وهو القرار الذي كانت تروّج له تل أبيب قبل قرار ترامب القاضي بسحب القوات الأميركية.
الرسالة الثانية، استغلال الفترة الفاصلة بين قرار ترامب وتنفيذه باستكمال سحب القوات الأميركية، لتكثيف ضغوطها العسكرية على سورية وحلفائها مستقوية بوجود القوات الأميركية في سورية، وقبل رحيل هذه القوات الكامل عن الأراضي السورية وتغيّر موازين القوى على نحو يصعب معه بعد ذلك شنّ اعتداءات جديدة مثل الاعتداء الذي حصل ظهر يوم الأحد وليل الأحد الاثنين والذي وصف بالاعتداء الأوسع منذ شهر أيار 201، لا سيما أنّ الكيان الصهيوني سوف يشهد إجراء انتخابات مبكرة مرجحة في نيسان المقبل، ويسعى نتنياهو وتحالفه الحزبي بدعم مكانتهم الانتخابية في هذه الانتخابات.
هذه هي عناصر اللعبة من وجهة وحسابات تل أبيب، لكن هل ترقص منظومة المقاومة على الأنغام الإسرائيلية أم أنّ لديها ردّاً آخر؟ هذا ما ستكشفه الأيام والأسابيع المقبلة.