أنا الشهيد ابن الشهيد!

نصار إبراهيم

«نحن لم نخبّئ أولادنا للمستقبل بل هم يرسمون لنا الطريق إلى الشهادة والنصر» السيد حسن نصرالله عند وداع ابنه الشهيد هادي

مع الفجر والضحى والليل إذا سجى… مع الظهر… والعصر… وفي أمسيات المساء… في كلّ لحظة يصعد الشهداء… لا يسألون ولا ينتظرون… بل هم يرحلون… يتركون أحلامهم وأعلامهم وعشقهم ويرحلون… تلك هوايتهم… وعشقهم يحلقون عالياً…

إلى الذين ضجّوا وصخبوا في باريس… لا ننتظر ولا نريد منكم شيئاً… هو صمت الحملان صمتكم… أما دم الشهداء… فصارخ… وصاخب … ومخيف…

أغارت الطائرات «الإسرائيلية»… فما الجديد؟ لا جديد…

استشهد ستة من الرجال المقاومين… فما الجديد؟ لا جديد…

منذ خلقنا ونحن نستشهد… فما الجديد؟ لا جديد…

2500 شهيد في خمسين يوماً في غزة… فما الجديد…؟ لا جديد…

هو ذاته صمت الحملان والعجز والتواطؤ… وفي المقابل هو الدم يصعد دائماً نحو السماء… فلا جديد…

الجديد فقط هو أنّ دم الشهداء بات يرعب «إسرائيل»… هذا هو الجديد… لم يعد جيشها يقتل ثم يذهب ليحتسي القهوة ويمارس الحب على الشاطئ أو في قمرة دبابة…

الجديد… أنهم أصبحوا متأكدين من أنّ دم الشهداء لا ينام…

الجديد… أنهم باتوا متأكدين أنهم سيتلقون الردّ…

الجديد… أنهم … لا ينامون… أصبحوا مشغولين متى… وكيف… وأين… سيكون الردّ… لقد غيّر الشهداء الزمن… لم يعد دمنا رخيصاً…

والجديد أنهم يقتلون… الوالد.. وفي المواجهة المقبلة يجدون أنفسهم أمام ابن الشهيد… يقف ضاحكاً… فهو الشهيد ابن الشهيد جار الشهيد عم الشهيد صديق الشهيد… وهكذا… وهكذا حتى لحظة الانتصار… ولهذا ليس لهم مفرّ إذن فلينتظروا…

أما أولئك الذين يطالبون بالردّ مع كلّ مواجهة… فغريب أمر هؤلاء… ألم يدينوا الردّ ألف مرة…؟

يقولون ذلك وفي العمق يتمنّون لو أنّ المقاومة لا تردّ… لأنهم أدمنوا على الصمت والإهانة والجبن والتواطؤ مع عدو أدمن في القتل…

سلام عليك يا جهاد عماد مغنية وسلام على والدك الشهيد… وسلام… على من ينتظر الشهادة…

وسلام على من يشعل النيران والرعب والخوف في قلوب الجبناء…

هي المواجهة المفتوحة إذن… على حقل شاسع مليء بالشهداء والأحزان… وأيضاً بالمقاومة والأمنيات وشقائق النعمان التي لا تنحني… فتواصل الرقص وهي تحمل الندى كلّ صباح… ولا تنحني…

سلام ومجد لكم أيها الشهداء…

من قصيدة محمود درويش «حالة حصار»:

الشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً

ويسألني: أَين كُنْت؟ أَعِدْ للقواميس كُلَّ الكلام الذي كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،

وخفِّفْ عن النائمين طنين الصدى

الشهيدُ يُعَلِّمني: لا جماليَّ خارجَ حريتي.

الشهيدُ يُوَضِّحُ لي: لم أفتِّشْ وراء المدى

عن عذارى الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ

على الأرض، بين الصُنَوْبرِ والتين،

لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشْتُ

عنها بآخر ما أملكُ: الدم في جَسَدِ اللازوردْ.

الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِرْ في الجنازة

إلاّ إذا كُنْتَ تعرفني. لا أُريد مجاملةً

من أَحَدْ.

الشهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّقْ زغاريدهُنَّ.

وصدّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً:

كيف بدَّلْتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرْتَ أَمامي.

أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً!

الشهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّرْ سوى موقعي وأَثاثي الفقيرِ.

وَضَعْتُ غزالاً على مخدعي،

وهلالاً على إصبعي، كي أُخفِّف من وَجَعي!

سلامٌ على مَنْ يُشَاطرُني الانتباهَ إلى نشوة الضوءِ، ضوءِ الفراشةِ، في ليل هذا النَفَقْ.

صفحة الكاتب: https://www.facebook.com/pages/Nassar-Ibrahim/267544203407374

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى