تقرير إخباري مصر إلى أين؟
توفيق المحمود
إنها الحرب على اليمن بالأصالة هذه المرة السعودية وبعد أشهرٍ من تحريكها للقوى والجماعات اليمنية كبيادق على الرقعة السياسية لمواجهة الحوثيين انتقلت السعودية إلى مرحلةٍ جديدة هي الأكثر مباشرةً ووضوحاً في حربها عليهم، حيث أطلقت الرياض عملية «عاصفة الحزم» العسكرية، بمشاركة دول الخليج ما عدا عُمان، مع مصر والأردن والمغرب والسودان وباكستان، بهدف إنهاء التنظيم الحوثي، استجابةً لمطلب الحكومة الشرعية على حد وصفها العملية التي اقتصرت في يومها الأول على الغارات الجوية، لم تستبعد فرضية التدخل البرّي عبر قواتٍ مصرية أو باكستانية.
مصر التي اتهم مندوبها لدى الجامعة العربية في شباط الماضي دويلة قطر بأنها داعمة للإرهاب رداً على تحفظها على الفقرة الخاصة بحق مصر في الدفاع الشرعي عن نفسها وتوجيه ضربات للمنظمات الإرهابية على أن هذا التحفظ القطري ليس مستغرباً لأنه بات واضحاً أن قطر كشفت عن موقفها الداعم للإرهاب وبعد هذا التصريح سارع مجلس التعاون الخليجي إلى إصدار بيان يُدين الكلام المصري.
فقد أعادت الحرب التي شنتها السعودية بمشاركة عشر دول من بينها مصر إلى الأذهان، حرب مصر في اليمن التي شنها الرئيس جمال عبد الناصر عام 1962 وتدخل بها برياً يومها وفقدت مصر خلالها الكثير من جنودها في هذه الحرب التي خاضها ساهمت كثيراً بإنهاك الجيش المصري في اليمن وهزيمته في نكسة حزيران 1967.
القرار المصري بالتدخل في حرب اليمن خلّف حزناً عظيماً وألماً كبيراً في كثير من نفوس المصريين ووصفوا هذا القرار بأنه كارثة، وانصياعاً لدول الخليج التي استعبدت مصر بالمال وخصوصاً بعد المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مصر وجلب الكثير من الاستثمارات الخليجية بمليارات الدولات فهي لم تأت لدعم الشعب المصري بل لاستعباده وجره إلى حروب ليخسر فيها خيرة شبابه مقابل المال الخليجي.
فيما رأى البعض الآخر أن التدخل المصري في اليمن حماية للمصالح المصرية، ولمنع وقوع مدخل البحر الأحمر في أيدي قوى معادية كما تصفها الخارجية المصرية.
باتت مصر في وضع لا تُحسد عليه صارت على صفيح ملتهب من المعارك والأزمات الداخلية والخارجية وهذا يوحي بأن معركة تدمير الجيش المصري بعد المحاولات الكثيرة لتدمير الجيشين السوري والعراقي قد بدأت.
اليمن عش دبابير هكذا كان، وهكذا سيظل، والحل الأمثل هو تجنب الاقتراب من اليمن الذي يعتبر بيئة جغرافية وبشرية وعرة للغاية، وصنعاء ربما تكون العاصمة الوحيدة التي لم تخضع لأي احتلال أجنبي او عربي، فقد تجنبها العثمانيون والبرتغاليون والبريطانيون وهذا ربما ما نسيه السعوديون وتحالفهم.
أخيراً مثلما عشنا مع الازمة العراقية عشر سنوات او اكثر، والسورية اربع اخرى، يعلم الله كم ستعيش معنا الأزمة اليمنية.