قرارات مجلس «العدوان» وصفقات مصالح روسيا وإيران
أحمد الخزان
ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يقف فيها «مجلس الأمن الدولي» في صفّ الجلاد لمعاقبة الضحية، فجميع قراراته منذ تأسيسه في مجملها كانت سلبية تصب في مصلحة قوى الهيمنة والنفوذ الدولي.
وقراره الأخير في خلاصته الأبرز يبدو اعتماداً للسعودية كشرطي في اليمن، ويمنح دول الجوار حق تفتيش السفن بما فيها سفن البضائع انطلاقاً من أي معلومة عن وجود أسلحة فيها متوجهة إلى الرئيس السابق صالح أو إلى أنصار الله وهذا بحد ذاته شرعنه لقرصنة سعودية طويلة المدى في المياه اليمنية .
ويذكر القرار الرياض مرتين أيضاً ويشدد في بند خاص على «أن على جميع الأطراف اليمنية الاستجابة لطلب الرئيس هادي بالتوجه إلى الرياض للحوار». هذا التشديد على الرياض يجعل من القرار يبدو كما لو أنه اتخذ لإرضاء خفة عقل المملكة ولإشباع عقدتها الخاصة بكونها كبير الحي.
وكل ما مررته السعودية في القرار لن تتمسك به حتى هي نفسها، إذا تفاقمت ورطتها القائمة والمتمثلة بالفشل الذريع لعدوانها في تحقيق أي إنجاز حربي على الأرض غير التذمر وقتل المدنيين ودك البنية التحتية والاقتصادية لليمن.
فمن السهل أن تجعل من نفسك شرطياً لكن ليس من السهل أن تقنع الآخرين بالقبول بك، حتى لو استللت سبعين قراراً دولياً وبوقود الفصل السابع. فالقرار اعتراف سعودي ـ أميركي بهزيمتهما وانحسار عاصفتهما. اعتراف يفضحه الاحتفاء الإعلامي السعودي الكبير بالقرار والذي يعكس حالة إحباط المملكة وحلفائها ويكشف شعورهم بالهزيمة أمام الشعب اليمني.
لقد سعوا ودفعوا من أجل إصدار القرار بحثاً عن انتصار سياسي وإعلامي يرفع معنوياتهم ومعنويات جيوشهم ويحفظ ماء وجوههم أمام شعوبهم، غير مستوعبين حتى الآن أن الشعب اليمني نزع طوق الوصاية واستعاد استقلاله ولن يجدي أي قرار دولي لإعادته إلى حظيرة التبعية.
وما لم تحققه طائرات وبارجات وصواريخ وحظر وحصار العدوان على الشعب اليمني، لن تحققه قرارات من مجلس الأمن أو من غيره.
ومهلة الـ10 أيام لانسحاب أنصار الله والجيش من المناطق التي سيطروا عليها إذا لم يتم خلالها تنفيذ الانسحاب ما الذي سيحدث؟
بعض وسائل إعلام التحالف جعلت من المهلة كما لو أنها بداية العد التنازلي لأنصار الله وصالح، بينما القرار فيه إدراج لمزيد من الأسماء في لائحة العقوبات وحجز أموال وتجميد أرصدة، وكان بإمكان السعودية وأميركا انتزاع هذا القرار من دون شن العدوان كون قرارات المجلس لا تصدر إلا بحسب أهوائهما.
المعاقبون والشعب اليمني يخوضون معركة حياة أو موت ومجلس الأمن يفكر بالسفر والأرصدة، والمبتهجون بالمهلة كالمبتهجين بمولود ميت.
جلسة التصويت على القرار ظلت تؤجل من يوم إلى آخر بسبب الموقف الروسي الرافض.
ولنا أن نتخيل كيف تمكنت السعودية من إقناع روسيا خلال فترة المفاوضات، ليس بأقل من صفقة سلاح تاريخية بعشرات المليارات، وستنجز روسيا الصفقة من دون أن تتخلى عن تحالفاتها، فروسيا مثل بقية دول الغرب تعرف كيف تأكل كتف ورقبة وأطراف طويل العمر وتحول أزماته إلى «كاش» من دون أن تحول هي مشاريعها وتحالفاتها الرئيسية أو الثانوية إلى مجرد سلعة.
ولكي لا تخسر روسيا حليفتها إيران أعلنت اعتزامها إطلاق صفقة الصواريخ «s300» لإيران بهدف إشغالها والتخفيف من تحركاتها الرافضة للعدوان على اليمن، واستطاع الغرب أن يحيد إيران بالتوصل إلى اتفاق نهائي حول ملف إيران النووي والذي لن يتم التوقيع عليه وإنما سيتم استغلاله غربياً لتنويم إيران مغناطيسياً لإشغالها عن التدخل في قضايا المنطقة وكبح تحركاتها المزعجة لهم.
وفي النهاية، الجميع يتاجر بالقضية اليمنية ويبحث عن تحقيق المكاسب.
ومع هذا وذاك، الشعب اليمني لم يعوّل يوماً على إيران أو روسيا في تقرير مصيره وسينتصر بهما أو من دونهما، فلطالما استفادت إيران من الانتصارات التي تحققت على أيدي أنصار الله طوال الأعوام الماضية في مفاوضاتها مع الغرب اعتقاداً منها بتبعية الأنصار لإيران وظهورها أمام العالم بصورة المنتصر عقب كل انتصار لاستغلالها سياسياً، والسبب في ذلك يعود للنظام اليمني الذي كان يبرر هزائمه باتهام إيران بأنها تدعم أنصار الله والذي نفته إيران رسمياً أكثر من مرة ونفت وجود أي علاقة لها مع أنصار الله سوى نشر بعض أخبار الحرب السادسة في إحدى قنواتها مثلها مثل بعض القنوات التلفزيونية التي كانت تنشر ذلك.
أنصار الله لا يدينون بالولاء لأحد وجميع انتصاراتهم كانت بفضل دمائهم وتضحياتهم واستبسالهم وشدة بأسهم في أرض المعركة وبمجهودهم الذاتي وإيمانهم بعدالة قضيتهم وصواب ما يقومون به ويدافعون عنه ويقدمون جماجمهم رخيصة في سبيل تحقيقه وبسلاحهم الشخصي والسلاح الذي كانوا يغنمونه خلال المعارك.
فأين كانت إيران عندما ضحى الشهيد القائد وأصحابه بأنفسهم في سبيل الدين والوطن؟ وأين إيران عندما كان أنصار الله تسحقهم مجنزرات الجيش اليمني وتسحلهم بالأطقم العسكرية في شوارع ضحيان وصعدة خلال الحروب الأولى.
فالرد على العدوان حق، ولا يضيع حق وراءه الشعب اليمني وسيستقي النصر من وحدة صفه ومن تاريخه المكلل بالانتصار على أسوأ جار. والأيام المقبلة ستثبت للجميع أن اليمنيين وحدهم من يملكون الفيتو الناجع في وجه أي قرارات دولية تنال من سيادة وطنهم.