الرئيس والرئاسة في ضوء الفراغ

إيلي الفرزلي

قلنا قبل أيام ستستمرّ المحاولات حتماً لاستكمال الاتصالات الجارية لجهة معرفة نتيجة المفاوضات بين كتلة التيار الوطني الحر وكتلة المستقبل.

هذا الأمر غاية في الأهمية، لأنه يستكمل صورة الوفاق الوطني والمرشح الوفاقي على أكمل وجه، ويؤمن التوافق السني الشيعي، بدور مسيحي متقدم لتأمين هذا التوافق فينتج رئيساً للجمهورية، وإلاّ طرحت عندئذ تساؤلات كبيرة على الساحة اللبنانية تبدأ من ثقافة وفكرة ما هي وظيفة رئيس الجمهورية ودوره في لبنان؟ وما هي العلاقة التشاركية تحت سقف اتفاق الطائف؟ وستطرح أسئلة ذات طابع استراتيجي لإيجاد أجوبة عنها من كامل المجتمع اللبناني والمكوّنات اللبنانية.

هنا قد يسأل سائل: هل أضاع الزعماء والكتل المسيحية ما تبقى من دور للمسيحيين في لبنان المتمثل في موقع الرئاسة؟ وبالتالي أليس عجز هذه الزعامات عن الاتفاق على رئيس هو ما أوصل البلاد إلى الفراغ؟

هذه حجة وقول ظاهره حق لكن باطنه باطل. بلى، هناك خلافات مسيحية مسيحية، ومطلوب تنوّع ضمن كل بيئة ومكوّن. ولكن تستطيع أن تحمّل المسيحيين هذه المسؤولية عندما يكون النواب المسيحيون هم نتيجة قانون انتخاب يلحظ المناصفة الفعلية ويلحظ أيضاً عدم استيلاد النواب المسيحيين في كنف المكونات الأخرى، أما اليوم فإنّ ما نتحدث عنه عملياً هو حديث عن واقع أنّ نصف النواب المسيحيين مستولد في كنف الآخرين، وإذا أردت أن تعتمد النصف الثاني فإنّ 27 نائباً منهم واضح الاتجاه.

نتحدث عن اعتداء على الحقوق الدستورية للمسيحيين، وبالتالي تمثيلهم وإنتاج القرار الخطأ، وهذا الكلام وإلقاء المسؤولية على المسيحيين باطل وحجة غير سليمة.

ماذا بعدما دقّ الفراغ أبواب بعبدا؟

من المعروف أنه وفقاً للدستور يعطى مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحية رئيس الجمهورية، ولكن السؤال الاستراتيجي المطروح والذي سيكون موضع انقسام وخلاف في البلد هو: ماذا عن مجلس النواب في حالة الفراغ الرئاسي؟

هل مجلس النواب هيئة ناخبة أم أنه سلطة يحتفظ بصلاحياته التشريعية وعندما يلتئم المجلس يكون هيئة ناخبة فحسب؟

هذه المسألة ستكون موضع مناقشة، ويجب أن يعلم الجميع أنه إذا تعطل عمل المجلس النيابي يعني تعطل دور المراقبة، وإذا تعطل دور المراقبة لا تستطيع الحكومة أن تستمرّ في صلاحياتها إلا بالحدّ الأدنى من مستوى تصريف الأعمال ولا تستطيع الحكومة أن تحكم من دون مراقبة المجلس النيابي.

إنّ مسألة إعلان مقاطعة بعض النواب المسيحيين جلسات مجلس النواب وجلسات مجلس الوزراء يجب دراسته بمزيد من الدقة، ويجب التفكير فيه، وسيكون مدار مناقشة، في انتظار موقف العماد ميشال عون في المؤتمر الصحافي الذي سيعقده الإثنين المقبل.

في ظلّ هذا المشهد الداخلي الضبابي تطرح مسألة المثالثة على بساط البحث!

لا شيء اسمه المثالثة بل هناك مثالثة ضمن المناصفة، والذي يريد أن يتهرّب من تصدّر مسؤولياته في قيادة المسيحيين في عملية إنتاج دوره يطلق هذه الأحاديث لتخويف المسيحيين من الشيعة، والمسيحيين من السنة.

المطلوب رئيس يؤكد على الميثاقية وعلى اتفاق الطائف ويملك القدرة على إجراء الحوار الوطني ويملك القدرة على التوفيق بين السنة والشيعة ويذهب بالبلد إلى إنتاج الواقع الدستوري وفقاً لاتفاق الطائف نصاً وروحاً.

أما الشخصيات التي تدعي تمثيل المسيحيين والتي تملك كتلاً نيابية مستولدة في كنف الآخر فأعتقد أنه موضوع يحتاج إلى مناقشة كبيرة.

النائب السابق لرئيس مجلس النواب اللبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى