نتنياهو يفشل في موسكو… وإيران تربح اعتراف أميركا بصدقية التزاماتها بري: لا انتخابات من دون النسبية… وجلسة حاسمة يقرّر بعدها مصير الحوار
كتب المحرر السياسي
زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو انتهت قبل أن تبدأ بالتصريحات الروسية التي وضعت التموضع العسكري الجديد في سورية، في إطار مفهوم الأمن القومي لروسيا المستهدف من مجموعات إرهابية تتدفق على سورية وتعود منها إلى روسيا، كما قالت مصادر متابعة في موسكو، ما قطع الطريق على مناقشة مستوى التسليح الروسي لسورية مجدداً، وجعل مناقشات نتنياهو محصورة في سماع التأكيد الروسي على عدم وجود أيّ مبرّر لطلعات جوية «إسرائيلية» في الأجواء السورية، منعاً لتصادم مع الطيران الروسي والدفاعات الجوية الروسية الحديثة، ومطالبة نتنياهو لموسكو في المقابل بضمانات لعدم استخدام سورية هذه الحماية المعزّزة للتفكير لاحقاً بشنّ حرب على «إسرائيل»، ومحاولة استكشاف فرص العودة إلى اتفاق فك الاشتباك الموقّع عام 1974 على جبهة الجولان في أيّ تفاهم سياسي للحلّ في سورية، يفضل نتنياهو صدوره عن مجلس الأمن متضمّناً هذا التأكيد، كما قالت المصادر نفسها.
على ضفة موازية، سجلت إيران الاعتراف الأميركي الأول رسمياً منذ توقيع التفاهم على ملفها النووي، بأنها تقوم بتطبيق تعهّداتها التي تضمّنها التفاهم. والرسالة الأميركية الأعمق التي تضمّنها بيان البيت الأبيض ليست شهادة مجانية لإيران بل رسالة استباقية للكونغرس الأميركي تقول إنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشهد تعاوناً مثمراً وجدياً وصادقاً من إيران في تطبيق التفاهمات وفقاً للروزنامة المتفق عليها، ما يشكل في نظر المراقبين في واشنطن تسجيل الرئيس الأميركي باراك أوباما لنقطة هامة على خصومه المعارضين للاتفاق والمراهنين على عدم صدقية إيران في تطبيق البنود الخاصة بالتزاماتها من التفاهم، بالتالي تأكيد أوباما على صحة رهانه على التفاهم مع إيران وفتح الباب لجعل هذا التفاهم العنوان الأبرز لسياسة إدارته في الشرق الأوسط، لأنه اتفاق مع دولة قوية وقادرة وتحترم التزاماتها وتشترك جدياً في الحرب على «داعش»، كما وصفها أوباما في شرحه للاتفاق قبل شهرين.
لبنانياً تسجل طاولة الحوار أول فرصة لهدوء انعقادها من دون ضوضاء «الحراك» الذي يعكف على لملمة شظايا المشاغبة التي استدرج نفسه والآخرين إليها على حساب الأهداف المطلبية والسياسية التي أعلنها الناشطون مع الانطلاق، وإذ بهم صاروا في نظر الناس الذين كادوا يمحضونهم الثقة، مجرّد باحثين عن الغوغاء والاستفزازات و»شراء المشاكل» والتسبّب بإراقة الدماء، بحيث تسبّب الأمر بمناقشات داخلية بين المجموعات المشاركة أدّت إلى تعليق الحراك لنفسه هذه الجلسة لإعادة صياغة الأهداف والوسائل منعاً لتراكم الفشل على الفشل، بعدما بدت عقوبة الرأي العام واضحة بالانكماش في أعداد المشاركين.
الطاولة من الداخل ستكون أمام امتحان الاستمرار في ضوء مراوحتها حول البند الأول الأعقد وهو انتخاب رئيس للجمهورية، والمرتبط أصلاً بشروط يبدو أنّ معظمها خارج قدرة الطاولة والمشاركين فيها، بالتالي كيفية الانتقال منه إلى البند الأهمّ والذي تقدر الطاولة، وينتظر منها أن تقدر، على صياغة جواب موحد عليه وهو قانون انتخاب يضمن صحة التمثيل وفقاً لنظام النسبية، بعدما تحدّث رئيس مجلس النواب أمام المشاركين عن استحالة تمرير أيّ قانون لا يقوم على النسبية، بعد كلّ ما تشهده البلاد من مناقشات وتحركات، وفي ضوء الشكاوى المجمعة على مدى خمس وعشرين سنة من تطبيق النظام الأكثري.
العماد ميشال عون سيقرّر مستقبل مشاركته وفقاً لنتائج جلسة اليوم، كما قالت مصادره، بينما يبدو أنّ النقاش يجري في الكواليس حول وساطة يقودها النائب وليد جنبلاط لحلحلة ترقيات عمداء في الجيش بينهم العميد شامل روكز، ما يسهم في تقديم قوة دفع لطاولة الحوار. ووفقاً لمصادر قريبة من جنبلاط، فإنّ المساعي تحقق تقدّماً ربما يجعل الحلّ يبصر النور بعد عيد الأضحى في شأن الترقيات ويفتح باب عودة الحياة للحكومة وجلساتها وانتظام أدائها.
الحوار والفرصة الأخيرة
على وقع الحراك المدني تعقد اليوم جولة ثالثة من الحوار الوطني في ساحة النجمة بعد أن انتهت الجولة الثانية بلا نتائج على صعيد الملف الرئاسي وعدم حضور رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن التيار الوطني الحر لا يزال ملتزماً بالحوار بالصيغة التي انطلق منها وسيعطي فرصة أخيرة اليوم، فإذا تلقف المعنيون هذه الفرصة أو استثمروها أو استجابوا لبعض المطالب المحقة، فإن الأمر سينعكس إيجاباً على عمل الحكومة، أما إذا تبين بعد جلسة اليوم أن التسويف سيد الموقف وأن المسألة هي شراء وقت ستكون الجلسة الأخيرة التي يشارك فيها التيار الوطني الحر.
وتلفت المصادر لـ«البناء» إلى «أن الأوساط القريبة من عين التينة تلمس أن جلسة الحوار اليوم هي الأخيرة انطلاقاً من أن ما يطالب به العماد عون لاستمرار مشاركته في الحوار وبالتالي تفعيل عمل الحكومة والمجلس تقابله مواقف حاسمة من تيار المستقبل ترفض تحقيق أي مطلب من مطالب العماد عون، والأمر الآخر أن الرئيس بري سيتوقف عن الدعوة إلى الجلسات بمجرد امتناع التيار الوطني عن الحضور».
وأشارت مصادر نيابية لـ«البناء» إلى أن مسار الجولة الثالثة من الحوار تتوقف على حضور العماد ميشال عون الذي اعتذر عن عدم حضور الجلسة الماضية لدواعٍ خاصة.
وأكدت المصادر أن طاولة الحوار مستمرة وفقاً لجدول الأعمال الذي حدده الرئيس نبيه بري، ولفتت إلى أن جلسة اليوم ستستكمل البحث في الملف الرئاسي وأن الرئيس بري سيسمع الأجوبة على الأسئلة التي طلب من جميع الأطراف تقديمها في الجلسة الماضية وعلى أساسها سيتبين إلى أين ستتجه الأمور. وأوضحت المصادر أن طاولة الحوار لم تؤد أهدافها المرجوة حتى الآن على رغم أنها عملت على تبريد الأجواء المتشنجة وتأمين الغطاء والدعم الكامل لعمل الحكومة.
14 آذار ترد اليوم
وعقدت قوى الرابع عشر من آذار اجتماعاً حددت خلاله مواقفها من الجلسة لجهة المقاربة «الخطّية» التي طلبها بري من المتحاورين حول كيفية حلّ الأزمة السياسية، جددت خلاله التمسك بانتخاب رئيس وعلى رفض تعديل الدستور.
وأعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل «أنه لا يأمل خيراً بالحوار الوطني، خصوصاً بعد الخطابات التي سمعتها منذ يومين أو ثلاثة والتي تدل إلى أن الجميع مصر على مواقفه»، متوقّعاً بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى «أن تكون جلسة اليوم حاسمة وستتوضح المواقف، وسنكتشف إذا كانت هناك نيّة أن نتقدم أو مطلوب منا أن نبقى في مكاننا».
وأكد عضو كتلة المستقبل النائب عاطف مجدلاني لـ«البناء» أن فريق 14 آذار سينتظر ما سيدلي به جميع الأطراف من مواقف ومقاربات في جلسة الحوار لا سيما في الملف الرئاسي وعلى ضوئها سيدلي بمواقفه. وشدد مجدلاني على أن فريق 14 آذار مستمر بحضور جلسات الحوار حتى لو قاطع العماد عون والتيار الوطني الحر، لكن استمرار عقد الجلسات أو توقفها يعود للرئيس نبيه بري.
حوار بلا حراك
بعد التصعيد الخطير للحراك المدني الذي شهدته تظاهرة ساحة النجمة الأحد الماضي والذي حصد 25 جريحاً، كان لافتاً عدم إعلان الحراك عن تحركات جديدة بالتزامن مع انعقاد طاولة الحوار اليوم في المجلس النيابي، بالتالي ستشهد ساحة النجمة حواراً هادئاً هذه المرة بلا ضجيج وصخب الحراك.
وفي السياق، أكد الناشط في مجموعة «جايي التغيير» لـ«البناء» أيمن مروة أن هدف الحراك الشعبي هو استقطاب كافة شرائح وجماهير الأحزاب السياسية والذين يعانون أيضاً من أوضاع اجتماعية صعبة، ولأن مشكلة النفايات تطاول كافة الشرائح الشعبية ومنها التي تتبع إلى أحزاب السلطة، لذلك المواجهة ليست مع هذا الجمهور بل مع السلطة، وأشار مروة إلى أن الحراك لا يطالب بإسقاط السلطة أو النظام بل يحملها مسؤولية بما وصلت إليه الأمور، ويدعوها إلى وقف الهدر والسرقة والفساد ومعالجة أزمات البلد، داعياً الجميع إلى ضبط النفس ووقف رفع شعارات مستفزة لبعض شرائح أحزاب السلطة في التظاهرات. ودعا جمهور الأحزاب إلى ضبط النفس أيضاً، لأن معركة الحراك هي مطلبية وهذا الجمهور جزء منها ومعني بها».
ونفت مصادر في الحراك الشعبي لـ«البناء» حصول أي تحركات اليوم تزامناً مع انعقاد طاولة الحوار، وأوضحت أن الرسالة إلى طاولة الحوار قد وصلت من خلال ثلاث جولات من التحرك أمام مجلس النواب الذي نعتبره غير شرعي وتكرار التظاهر جولة رابعة لن يجدي».
ورجحت المصادر أن يكثف الحراك تحركاته على الهدف الأساسي وهو ملف النفايات مع اقتراب فصل الشتاء ما يهدد بكارثة بيئية وصحية خطيرة جراء تكدس النفايات في الشوارع.
وأكدت مجموعة «طلعت ريحتكم»، في مؤتمر صحافي أن «مطالبنا واضحة وهي: استقالة وزير البيئة محمد المشنوق لتقاعسه عن القيام بمهامه المتوجبة عليه، التحرير الفوري لأموال البلديات، وإصلاح خطة وزير الزراعة أكرم شهيب قبل تضمينها، ومحاسبة كل المعتدين على المتظاهرين والمعتصمين مدنيين وعسكريين حتى لو وصل الأمر إلى استقالة وزير الداخلية نهاد المشنوق، انتخابات نيابية تسمح بالتمثيل الديمقراطي لجميع اللبنانيين».
توقيف إرهابي من «كتائب النور»
أمنياً، أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنه «وفي إطار متابعة نشاطات المجموعات الإرهابية والخلايا النائمة التابعة لها وتعقبها، وبناء على إشارة النيابة العامة المختصة، أوقفت المديرية العامة للأمن العام اللبناني ح.ص لإقدامه بالاشتراك مع اللبناني ع.ص الذي تم توقيفه سابقاً وآخرين على إلقاء متفجرات في بلدات وقرى بقاعية وتجنيد أشخاص لتصوير أهداف محددة في تلك البلدات، وذلك لمصلحة كتائب النور السلفية التي تقوم بأعمال إرهابية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار بتكليف من الضابط السوري المنشق المدعو إ.م . وبعد انتهاء التحقيق معه أحيل إلى القضاء المختص، وتجري المتابعة لتوقيف بقية الأشخاص المتورطين».