اتحاد الكتّاب اللبنانيين يتنكّب مهمة الدفاع عن لغة الضادّ في ندوة
نظّم اتحاد الكتّاب اللبنانيين ندوة في مركزه موضوعها «اللغة العربية اليوم بين الإعلام والتعليم»، لمناسبة اليوم العالمي للّغة العربية. قدّم لها أمين الشؤون الإعلامية في الاتحاد عدنان برجي، وأدارها الدكتور سالم المعوش، وتحدّث فيها كل من الدكتور علي حجازي والدكتور كامل صالح، وحضرها حشد من أساتذة الجامعة والأدباء والكتّاب.
اعتبر برجي أنّ اللغة العربية تشترك مع باقي اللغات بكونها ذاكرة التاريخ ووعاء الثقافة.
المعوش
وقال المعوش: أدّت اللغة منذ القديم الدور الاتصالي الرئيس في سياق التطوّر البشري والعلاقات الإنسانية. وعلى رغم الضبابية التي تغطّي مسائل نشوء اللغات وتطوّرها، فإنه من الواضح أنها حملت في تكوينها مهمات معرفية متشابكة عدّة، إلى حدّ التعقيد، إلّا أن ذلك لم يمنع القول إنها فعل فزيولوجي لدفعها عدداً من أعضاء الجسم إلى العمل، كما أنها فعل نفساني لأنها تستلزم نشاطاً إرادياً للعقل، وهي فعل اجتماعي لأنها استجابة لحاجات الاتصال بين الناس.
حجازي
من جهته، رأى حجازي أنّ بعض الإعلام يقوم بدوره على أكمل وجه ويساهم في تحقيق التقارب بين مستويات التعبير اللغوية، من حيث التذوّق الفني والجمالي للأدب والفنّ من خلال نشر اللغة العربية عبر قنواته المرئية والمكتوبة والمسموعة. وقال: الوسائط الإعلامية القديمة على ندرتها، خدمت اللغة العربية، وحفظت إبداعاتها وأبحاثها، بينما نلاحظ الكيفية التي يسيء فيها اليوم بعض ناقلي الأخبار والوقائع إلى لغتنا الجميلة، فنراهم غير مبالين بارتكاب الأخطاء النحوية.
ونقل عن الدكتور فهمي هويدي قوله: الغريب أن اللغة العربية كانت تعامل باحترام كبير حين كانت الأمّية سائدة في مجتمعاتنا، إذ شملت ما يتوسّطه ثمانين في المئة من السكان، ولما تراجعت نسبة الأمّية، ودعمت المدارس والجامعات، وتقدّمت وسائل الطباعة والنشر، لقيت اللغة العربية ذلك المصير البائس الذي صرنا إليه اليوم.
وأضاف: الأمر الآخر الأكثر خطورة، ذلك المدّ الإعلامي العاميّ الذي صار مسيطراً على المقابلات والمساجلات والخطب. لذلك، علينا أن نحترم لغتنا وبذلك نحترم نفوسنا وذواتنا. وحريّ بمثقفينا عدم إدخال الكلمات الأجنبية إلى اللغة العربية في التعليم وفي غيره.
صالح
من ناحيته، رأى صالح أن أمام التحولات الثقافية الهائلة التي بدأت تتسارع على أكثر من صعيد، منذ أواخر القرن العشرين، يجد المرء نفسه غير قادر على وضع مفهوم يطمئن إليه، للّغة، كونها الحامل التقليدي للتعبير الإنساني، واللازمة حكماً لمسألتَي الإعلام والتعلم، وكونها في الأساس مجموع الألفاظ والقواعد التي تتعلق بوسيلة التخاطب والتفاهم بين جماعة من الناس.
وتساءل: هل اللغة العربية اليوم التي يتكلّم بها نحو 800 مليون إنسان كلغة أولى أو ثانية، تعبّر عن واقع الفئة الناطقة بها، ونفسيتها، وعقليتها وطبعها، ومناخها الاجتماعي والتاريخي؟
وقال صالح: ليس العيب فيها، إنما العيب واقع على أبنائها الذين أهملوها، ولم يفتّشوا عن ثرواتها الضخمة في كلّ علم وفنّ. اللغة العربية ليست غنية في مفرداتها فحسب، إنها غنية في صِيَغ قواعدها أيضاً، كما تمتاز بضروب كثيرة من أسباب النموّ التي منها: الاشتقاق والمجاز.
وأضاف: يلمس المرء على أرض الواقع، أن الهوّة تتّسع بين اللغة العربية والأجيال الجديدة، لا سيما في السنوات الأخيرة، بعدما تفشّت ظاهرة «خلطة الكتابة» العجيبة ـ إذا صحّ التعبير، وهي عبارة عن كتابة الحروف العربية بحروف وأرقام أجنبية، لا سيما بين الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة.
وقال صالح: تبدو الحاجة ماسة إلى صوغ مفهوم جديد للتنمية اللغوية، تلحظ تسارع المستجدّات التكنولوجية التي يتعاطى معها الطالب في يومياته والحاجات الجديدة في سوق العمل، على ألّا تقتصر هذه التنمية على تغيير تدريجيّ يحدث وفقاً للأنماط التقليدية، إنما تكون عملية مجتمعية واعية هادفة إلى إيجاد التحولات المنشودة، من ضمنها إحداث تغيرات لغوية محدّدة ومنشودة عبر مناهج ترتكز على فهم عميق لواقع العصر ولغته.
وختم: إن اللغة العربية لن ترقى بالمديح، بل بجهد أبنائها في العلم والحضارة والإنتاج.