رحيل الصحافي والكاتب السوري جان آلِكسان
عن عمر تجاوز ثمانين سنة، غيّب الموت الباحث والصحافي والكاتب السوري جان آلِكسان، الذي أغنى الحركة الثقافية والساحة الأدبية في سورية بعدد كبير من الأعمال المتنوّعة، من القصة والرواية والمسرح، وكتب التوثيق والدراسات.
بدأ الراحل آلِكسان ابن محافظة الحسكة الذي ولد عام 1935 مسيرة عمله الصحافيّ والأدبي محرّراً في مجلة «الجندي» عام 1955. وتابع بعدئذ في عدد من الصحف والمجلات، ليترأس عام 1979 قسم التحقيقات والقسم الثقافي في جريدة «البعث»، كما عُيّن أمين تحرير للشؤون الثقافية فيها، وعمل عام 1990 رئيس تحرير مجلة «فنون» لمدة خمس سنوات، ومستشاراً للشؤون الثقافية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
بلغ عدد الكتب الأدبية التي تركها الراحل آلِكسان 50 كتاباً ضمّنها مواضيع متنوّعة في مختلف المجالات، وتُرجمت إلى ستّ لغات. وكُرّم الراحل من قبل اتحاد الكتّاب العرب عام 1996 لمناسبة صدور كتابه الخمسين.
الباحث الدكتور علي القيّم قال عن الراحل: «جان آلِكسان أديب وصحافي وفنان مبدع وشامل أثرى الحياة الثقافية والفكرية والفنية بعطاءاته الكثيرة، وكان فاعلاً في الإعلام السوري والحراك الثقافي، وترك أعمالاً في غاية الروعة والإبداع وكان واعياً لرسالة الكاتب والأديب والصحافي والمبدع دائم الحراك والنشاط والفعل الثقافي والإعلامي، فضلاً عن كونه رائداً في تغطية مؤتمرات وأحداث ثقافية كثيرة على امتداد أكثر من ستين سنة من العمل، تاركاً مؤلفات مميّزة، خصوصاً ما يتعلق بالرحابنة منها، وأعلام الأدب والفكر في شتّى أرجاء العالم العربي».
من ناحيته، رأى الباحث الموسيقيّ والصحافي أحمد بوبس أن رحيل الكاتب جان آلِكسان يشكّل خسارة كبيرة للصحافة السورية والعربية، فهو من روّاد الصحافة المكتوبة، إذ بدأ فيها منذ خمسينات القرن الماضي. مشيراً إلى أنّ الراحل انتقل في عمله في عدد من الصحف والمجلات.
وأضاف بوبس: «على صعيد آخر، خسرنا كاتباً مبدعاً تميّز بكتابة القصة التي استوحاها من أعماق ريف الجزيرة السورية حيث ولد ونشأ». مشيراً إلى العلاقة المميّزة التي جمعت الراحل مع الأخوين رحباني وفيروز، التي أسفرت عن تأليفه كتاباً مميّزاً بعنوان «الرحبانيون وفيروز»، والذي يعدّ مرجعاً مهماً لباحثين ومؤرّخين موسيقيين كثيرين.
رئيس فرع اتحاد الكتّاب العرب في الحسكة منير خلف قال: «كنا نعرض نتاجنا كأدباء شباب على الراحل الذي كان ينشره لنا في جريدة البعث ضمن ملحق مخصّص بالمواهب في تسعينات القرن الماضي. ولم يكن يبخل علينا بالنصح والتوجيه والتشجيع، فكان نافذة ننشر عبرها إبداعاتنا».
من ناحيته، أكّد عبد الرحمن السيد معاون مدير ثقافة الحسكة أن آلِكسان عَلَم من أعلام المحافظة، وتاريخه في التأليف والنقد معروف، وكان سفيراً للأدب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وعرفاناً من أبناء الحسكة، تم تكريمه خلال فعاليات مهرجان «الخابور» عام 2007 وتسمية أحد شوارع مدينة الحسكة بِاسمه.
يذكر أن الراحل جان آلِكسان عضو في جمعية القصة والرواية وعضو اتحاد الصحافيين وله 50 كتاباً منها في القصة القصيرة «نداء الأرض» و«جدار القرية»، وفي الرواية «النهر» و«بيدر من النجوم» و«زينب في ميسلون»، ومن مؤلفاته في المسرح «التشخيص والمنصّة» و«مسرح المعركة» ودراسات بعنوان «الولادة الثانية للمسرح في سورية». وفي السينما قدّم عدداً من المؤلّفات منها «السينما السورية في 50 عاماً»، و«محطات سينمائية» و«قضايا في السينما العربية». ومن كتبه الوثائقية نذكر «سدّ الفرات»، و«الرحبانيون وفيروز» و«هوامش في حرب تشرين» وغيرها.
«البناء» التي آلمها رحيل الكاتب والصحافي الكبير جان آلكسان، تتقدّم من الزميلة «البعث»، ومن اتحاد الصحافيين السوريين، واتحاد الكتّاب العرب، ومن الشعب السوري عموماً، بأحرّ التعازي… والبقاء للأمّة.